شكلت عملية الاغتيال التي ذهب ضحيتها دركيان تونسيان نهار الخميس بمدينة باجة إلى الغرب من العاصمة تونس، على أيدي مجموعة إرهابية مسلحة إنذارا آخر للسلطات السياسية والأمنية في هذا البلد بتنامي الأعمال الإرهابية فيه منذ أحداث جبل الشعانبي. وبلغت درجة التذمر ذروتها أيضا لدى عامة التونسيين، الذين بدأوا يستشعرون خطر تنامي هذه الظاهرة على أمنهم العام، ويكون ذلك هو الذي جعلهم يشتاطون غضبا على الرئيس منصف المرزوقي ووزيره الأول علي لعريض ورئيس البرلمان مصطفي بن جعفر، الذين حضروا تأبينية الدركيين المغدور بهما والتي أقيمت في ثكنة بضاحية العاصمة تونس. وطالب من حضر هذه التأبينية من قوات الدرك والشرطة والمدنيين بحماية أكبر لعناصر الشرطة من عمليات الاغتيال، التي أصبحوا هدفا لها منذ اكتشاف خلية جبل الشعانبي في جويلية الماضي، والتي وقف عناصرها وراء مقتل عشرة جنود من الجيش التونسي. واتهم وزير الداخلية لطفي بن جدو، في كلمة ألقاها بهذه المناسبة تنظيم "أنصار الشريعة" الإرهابي المحظور في البلاد بالوقوف وراء الأحداث الإرهابية التي تعرفها تونس، ولكنه حرص على طمأنة الحضور وكل الشعب التونسي، أنّ الجميع في تونس ضد هذه الظاهرة، في نفس الوقت الذي اعترف فيه أن بلاده دخلت مرحلة " الحرب المفتوحة ضد الإرهاب والتي لن تتوقف وستتواصل دون هوادة. وجاءت كلمة وزير الداخلية التونسي، بعد بيان أصدرته وزارته أكدت من خلاله أن أجهزتها الأمنية تمكنت من القضاء على عدد من الإرهابيين الذين نفذوا عملية اغتيال الدركيين الاثنين بمدينة باجة في ثالث يوم من أيام عيد الأضحى المبارك، بعد أن شرعت في أكبر عملية عسكرية للقضاء على هذه المجموعة التي يعتقد أنها متكونة من حوالي عشرين عنصرا مسلحا. وفي ظل هذه الاجواء المشحونة، طالبت نقابة الدرك والشرطة بتمكين عناصر هاتين الهيئتين الأمنيتين من الوسائل والعتاد والأسلحة التي تؤهلها لمقاومة ظاهرة ما انفكت تستفحل في المشهد الأمني التونسي، وأصبحت أمرا مفروضا في ظل تنامي عمليات الاغتيال في عدة مدن تونسية. وكانت وزارة الدفاع التونسية اعترفت أن قواتها تفتقد للإمكانيات والوسائل التي تمكنها من مواجهة العناصر الإرهابية، بما فيها إزالة الألغام الأرضية التي زرعها هؤلاء في جبل الشعانبي وحصدت أرواح أكثر من 15 جنديا وإصابة العشرات الآخرين. وهي الوضعية التي جعلت وزير الداخلية التونسي يحذر كل الفرقاء السياسيين في البلاد إلى توحيد مواقفهم من أجل تحقيق الوحدة ضد "عدو واحد اسمه الإرهاب". وقال إن مصالح وزارة الداخلية تتوفر على معلومات حول تفجيرات واغتيالات محتملة مع كم هائل من التهديدات، مما يفسر حالة الاستعداد التام لقوات الجيش والحرس الجمهوري (الدرك) والشرطة.