كشف مدير الثقافة لولاية سكيكدة خلال حديث خص به “لمساء”، أن المرحلة النهائية من ترميم المسرح الروماني لمدينة سكيكدة ستنطلق في غضون الأيام القادمة، بعد أن زار الموقع خبراء من المركز الوطني للبحث الأثري بمعية باحثين لمعاينة المكان الذي يعد من بين أقدم المسارح الرومانية على المستوى الوطني. وأضاف مدير الثقافة لولاية سكيكدة ل«المساء”، أن المديرية أبرمت مؤخرا إتفاقية مع الديوان الوطني لتسيير الممتلكات الثقافية المحمية، قصد تقديم المساعدة التقنية لصاحب المشروع الذي أسندت إليه مهمة الانتهاء من الترميم وفق المعايير العلمية. وعن سبب تأخر عملية الترميم التي انطلقت عام 2006، بعد أن رصد لها غلاف مالي قدرّ خلال تلك الفترة بأكثر من 04 ملايير سنتيم للترميم وتهيئة الحديقة الأثرية المحاذية له، زيادة إلى مبلغ مالي إضافي قدر بأكثر من ملياري سنتيم، خصص لإعادة التهيئة من خلال إنجاز المرافق الملحقة، كالأجهزة الصوتية والإنارة الخاصة بالمسارح، فقد أرجعها نفس المصدر إلى كون الترميم عملية تقنية جد معقدة، تتطلب دراية ومعرفة بتقنيات ترميم المعالم الأثرية وفق المعايير الدولية المعمول بها من هذا المنطلق. وأشار المتحدث إلى أن العملية السابقة التي خضع لها هذا المسرح سيعاد النظر فيها بشكل كلي تقريبا، خاصة أن المسرح الروماني لمدينة سكيكدة يكاد يكون الوحيد من بين المسارح الرومانية الذي يتواجد داخل نسيج عمراني قديم وحساس، مما يتطلب توفير إمكانات مالية ضخمة ووسائل متطورة، إضافة إلى خبراء ومختصين، بما في ذلك المقاولة المكلفة بأشغال الترميم. وأكد المتحدث أن صعوبة ترميم هذا المسرح تكمن أساسا في التشوهات التي تعرض لها من قبل الاستعمار الفرنسي الذي بنى على أنقاضه المدينة، في إطار الاحتفال ب 100 عام لاحتلاله للمدينة، والأخطر من ذلك يضيف المصدر قام الاستعمار الفرنسي بتغيير شكل المسرح وتحويله من روماني إلى إغريقي، إذ يتجلى ذلك حسب الدراسات التي قام بها خبراء مختصون في علم الآثار، في شكل الخشبة، فعند الإغريق تكون خشبة مسارحهم مرتفعة، بينما عند الرومان تنجز منخفضة. للتذكير، وصف خبيران من وزارة الثقافة، وهما مدير حفظ وترميم التراث وخبير مختص في ترميم المعالم التاريخية والمواقع الأثرية، كانا قد زارا المسرح الروماني لمدينة سكيكدة سنة 2009، عملية الترميم التي خضع لها هذا الأخير بالكارثية، وأرجعا سبب ذلك إلى الدراسة التي لم تكن آنذاك مطابقة للمقاييس المعمول بها في الترميمات الأثرية، مستدلين بطريق تغطية كل أدراج المسرح بالحصى. للعلم. فإن المسرح الروماني المتواجد بوسط مدينة سكيكدة مستوحى من المسرح اليوناني. حيث يتشكل من حجارة كبيرة محفورة في منحدر جبل يعتبر الأكبر والأوسع من بين كل المسارح التي شيدها الرومان في شمال إفريقيا، حيث أنجز على مساحة تقدر ب 4900 متر مربع، ويستقبل حوالي 6000 متفرج، ويعود عهد بنائه إلى فترة الإمبراطور “أدريان” في القرن الثاني بعد الميلاد، وحسب الروايات التاريخية، فقد تم تشييده بفضل تبرعات الأديب “أمليان بلتور”، قبل أن يعمد الاستعمار الفرنسي إلى تدمير أجزاء منها، لاسيما منصة “براكسينيوم” التي بنى فوقها ثانوية النهضة للبنات.