افتُتحت أمس فعاليات الملتقى العلمي لشيخ الصحافة الجزائرية الشيخ إبراهيم أبي اليقظان، بمشاركة أساتذة وباحثين من داخل الوطن ومن دول عربية شقيقة، أجمعوا على تثمين الدور الكبير الذي بذله الشيخ أبو اليقظان في خدمة الصحافة والإعلام، وأهمية الالتزام بسيرته العطرة في مجال الدعوة والحركة الاصلاحية. وأبرز المشاركون خلال أشغال هذا الملتقى العلمي الثقافي الذي افتُتحت فعالياته بدار الإمام بالمحمدية (الجزائر العاصمة)، تحت رعاية وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله بمناسبة مرور 40 سنة على وفاة الشيخ، المسيرة العطرة لهذا العلم الداعية والمصلح في تأسيس أول نواة للصحافة الجزائرية، التي كانت المحرّك الرئيس للحركة الإصلاحية وروافدها التربوية المختلفة. كما دعوا إلى ضرورة الاستلهام من الإرث العلمي والثقافي والديني الثري للرجل طيلة مسيرته الإصلاحية بالجزائر، وجعله نبراسا يستعان به في معرفة الدين والدنيا. وفي هذا الإطار، أبرز وزير الشؤون الدينية والأوقاف في مداخلته، أهمية اقتداء رجال الإعلام والصحافيين في مختلف وسائل الإعلام الوطنية، بمبادئ وقيم رائد الصحافة الجزائرية الشيخ أبي اليقظان، مؤكدا أن هذا الشيخ الجليل يُعد من خيرة الرجال الذين أنجبتهم الجزائر وساهموا في التأسيس للصحافة الجزائرية وبناء سياسة إصلاحية داخل المجتمع. وأوضح السيد غلام الله أنه يتعيّن اليوم على الصحافيين ورجال الإعلام بالجزائر، أن يلتزموا بالمبادئ التي جاء بها الشيخ الراحل، الذي كان له الفضل الكبير في نبذ العنصرية والتطرف الديني وتوعية الضمائر ونشر الفضيلة بين الناس والابتعاد عن تشويه الحقائق، وذلك من خلال كتاباته ومقالاته الإعلامية الخالدة، ملحّا في السياق على ضرورة الالتزام بتقديم كتابات إعلامية ترقى إلى مستوى الموضوعية والمهنية والنقل الصحيح للحقائق والأحداث، خاصة في عالمنا اليوم، المتميّز بالسرعة والحركية والمعلوماتية. وقال وزير الشؤون الدينية في السياق، إن هذا الملتقى المخلّد للذكرى ال40 لوفاة الشيخ أبي اليقظان (المولود يوم 5 نوفمبر 1888 بالقرارة بغرداية والمتوفى يوم 30 مارس 1973)، يهدف إلى تسليط الضوء أكثر على حياة الرجل وسيرته الذاتية ومسيرته العلمية والإصلاحية في الجزائر، وإماطة اللثام عن شخصيته الإعلامية التي يجهلها الكثيرون، على حد تعبيره، مذكرا بأن الشيخ كان له الفضل في التأسيس لأكثر من ثمانية صحف خلال الفترة الاستعمارية بالجزائر، ابتداء من 1926 إلى غاية 1973. وذكر الوزير عدة صحف كان قد أسّسها الشيخ أبو اليقظان على غرار الأمة ووادي ميزاب، مشيرا إلى أن هاتين الصحيفتين كانتا تعكسان تحدّيا صارخا للاستعمار الفرنسي بالجزائر، على حد قوله. وبدوره، قال المشرف العام للملتقى الدكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام في مداخلة له، "إن أبا اليقظان كان من بين الرواد المشاركين في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، بعدما كان عضوا بارزا في الحزب الحر الدستوري التونسي المؤسّس من قبل عبد العزيز الثعالبي"، مشيرا إلى أن الرجل يُعتبر أول جزائري عمل على تأسيس مطبعة باللغة العربية، وذلك سنة 1931. ودعا السيد بوحجام في هذا السياق، إلى الاهتمام أكثر بالأعمال الأدبية والصحفية والمقالات التي كان يكتبها الشيخ في شتى المجالات، مذكّرا بأن جل إسهاماته في نشر الفضيلة والإصلاح، لاتزال مجهولة عن الكثير من الناس، بمن فيهم الأكادميون؛ لكونها موجودة بعدة دول عربية، كتونس التي كانت تُطبع فيها الصحف والجرائد، وتُنشر فيما بعد في الجزائر، كما أضاف. كما شدّد المتحدث على وجوب إدراج إسهامات وأعمال الشيخ إبراهيم أبي اليقظان في المقررات الدراسية الجامعية وتلقينها للطلبة، للتعرف على الجهود الكبيرة التي بذلها في خدمة الصحافة والتربية والإصلاح بالجزائر. وتواصلت أشغال الملتقى الذي يحضره مفتي سلطنة عمان الشيخ أحمد بن محمد بن سليمان الخليلي، في شكل جلسات علمية نشّطها أساتذة وأكاديميون من الجزائر، حيث تناولت هذه الجلسات عدة مواضيع، على غرار أبي اليقظان ودوره في الحركة الإصلاحية ومكانته في جمعية العلماء والحركة الإصلاحية في العالم العربي والإسلامي، شارك في تنشيطها كل من الأساتذة محمد صالح ناصر وعمار طالبي ومولود عويمر. كما سيعرف هذا الملتقى الذي بادرت بتنظيمه مؤسسة الشيخ أبي اليقظان الثقافية ويدوم يومين، تنظيم ثلاث جلسات علمية أخرى خلال اليوم الثاني، قبل أن يتم الإعلام عن التوصيات من قبل اللجنة العلمية.