لا حديث بين سكان تيزي وزو في الأيام الأخيرة سوى عن أسعار زيت الزيتون، والذي توحي جميع المؤشرات المسجلة بأن ثمن اللتر الواحد قد يبلغ في نهاية هذا الموسم إلى حدود 700 دج أو أكثر. * ارتفاع أسعار هذه المادة الأساسية في المائدة القبائلية كان منتظرا وأدركه معظم الفلاحين والمواطنين قبل أيام من الشروع في جني حبات الزيتون، فمن جل المساحة الإجمالية المغروسة بأشجار الزيتون بالولاية والتي تتراوح في حدود 27 ألف هكتار، لا ترتقب مصالح الفلاحة جني أزيد من 200 ألف قنطار هذا الموسم، وعصر قرابة 3.6 ملايين لتر من زيت الزيتون، وعلى الرغم من أن هذه الأرقام توحي بانخفاض محسوس، مقارنة بالأرقام المسجلة الموسم الماضي والتي تعدت 820 ألف قنطار، عصر منها ما يزيد عن 14.5 مليون لتر من الزيت، إلا أنها لم تثر حفيظة مسؤولي قطاع الفلاحة بالولاية، والذين يعولون كثيرا على كميات زيت الموسم المنصرم المخزنة لدى أصحاب المعاصر. * وتعود أسباب تدني مردود المحصول هذا العام إلى عاملين أساسيين أولهما بشري والثاني طبيعي، فالأول يتعلق بالطريقة التقليدية التي ما زال يستعملها المواطنون لجني حبات الزيتون، عبر النفض بعيدان تؤدي في غالب الأحيان إلى إلحاق أضرار جسيمة في أزهار أشجار الزيتون، وبالتالي ينقص مردودها في كل موسم، كما تسببت الحرائق التي عرفتها مختلف مناطق الولاية في الصيف المنصرم إلى إتلاف المئات من الهكتارات من مساحات أشجار الزيتون، إلى جانب هذا فقد تسببت العوامل الطبيعية وكميات الأمطار التي شهدتها المنطقة في الفترة الممتدة من مارس وإلى غاية نهاية شهر ماي، في إلحاق أضرار كبيرة في مردود هذا الموسم، وأمام كل هذا تبقى أجواء عملية جني الزيتون بروح تضامنية، تسودها عملية "التويزة" التي تنظمها العديد من العائلات فيما بينها، بحيث تتنقل العائلات بين الحقول وتتعاون فيما بينها على الجني على إيقاعات الأناشيد والأشعار التي ترددها النسوة، ويلتف الجميع في نهاية العملية، على طبق من الكسكسي وبعض المأكولات التقليدية كمكافأة لهم على صنيعهم. * هذا وينشغل أفراد العائلات في عملية جمع حبات الزيتون وحفظها مؤقتا في أكياس بلاستيكية، يتم نقلها مستقبلا إلى مختلف المعاصر الموزعة عبر تراب الولاية، ولضمان عصره تتوفر ولاية تيزي وزو على أزيد من 400 معصرة زيتون من بينها 311 معصرة تقليدية، وعلى الرغم من أن المعاصر الحديثة تعود بفائدة كبيرة على الفلاحين، لا سيما من حيث كمية الزيت المعصورة، إلا أن أغلب العائلات يفضلون التوجه إلى المعاصر التقليدية، والتي تضمن عصر زيت ذي ذوق وجودة أحسن من الذي يعصر بالمعاصر الحديثة، وتختلف طرق تسديد حقوق العصر من منطقة لأخرى، وبحسب قدرة الفلاحين على الدفع، فهناك من يدفع حقوق العصر نقدا بعد التفاهم مع صاحب المعصرة، وهناك من يدفعه بالتنازل عن نصيب محدد من الزيتون لفائدة صاحب المعصرة، والذي يقوم فيما بعد بعصره وتخزينه وبيعه للمواطنين.