يعكف خبراء بلدان مجموعة الحوار 5+5 خلال الورشة المفتوحة حول الأمن الغذائي منذ أمس بالجزائر، على إعداد خريطة عمل ستوضع غدا على طاولة نقاش الندوة الوزارية الأولى لوزراء الفلاحة تحت شعار "الفلاحة والأمن الغذائي"، وهو ما يسمح باعتماد آليات للشراكة وتبادل المعارف والخبرات ما بين 10 دول من الضفتين. وحسب الأمين العام لوزارة الفلاحة والتنمية الريفية السيد فضيل فروخي، فمسألة الأمن الغذائي والتغيرات المناخية أضحت الشغل الشاغل للحكومات، فبين الدول المصدّرة والمستوردة علاقات وطيدة، وجب تطويرها بما يسمح بتوفير طلبات السوق الوطنية من المنتجات الفلاحية لأكثر من 300 مليون شخص. ولدى إشراف السيد فضيل فروخي على افتتاح أشغال ورشة الأمن الغذائي لمجموعة الحوار 5+5، ألح على ضرورة التفكير سويا وبصفة جماعية في الأعمال الكفيلة بتمكين كل بلد من تجسيد رهان الأمن الغذائي، كقاسم مشترك بين دول الضفتين، وهو الهدف الذي لا يمكن تحقيقه بعيدا عن البحث العلمي ونظرة الخبراء إلى مستقبل تكون فيه الفلاحة قاطرة للتنمية الاقتصادية لكل بلد. ومن منطلق أن العلاقة التي تربط دول المجموعة تتعدى الحدود الجغرافية إلى تبادلات اقتصادية على المدى البعيد؛ إذ أن بلدان الشمال تموّن بلدان الجنوب بالمواد الغذائية الأساسية، على غرار القمح والذرى، فالكل يعلم حجم التحديات التي تنتظر هذه الدول، حسب السيد فروخي، الذي اقترح مجموعة من التدابير على الخبراء لدراستها ومناقشتها، ويتعلق الأمر بتحديد الأعمال التي يمكن تحقيقها للتنبؤ للأزمات الغذائية الدورية المرهونة بتذبذب أسعار المنتجات الفلاحية واسعة الاستهلاك بالأسواق العالمية، مع اقتراح مسعى مشترك لدول المجموعة لمواجهة انعكاسات التغيرات المناخية على الموارد الطبيعية، من خلال دراسة كل أشكال الشراكة بين المتعاملين من مؤسسات ومنظمات، لتبادل الخبرات التي تسمح بالتأقلم مع المناخ الجديد، وسبل الاستغلال العقلاني للمياه والأراضي الصالحة للزراعة. من جهته، صرح المدير العالم للمعهد الوطني للبحث الزراعي السيد فؤاد شحاط، بأن لقاء الجزائر الثاني من نوعه لخبراء دول مجموعة الحوار 5+5، يسمح باقتراح خريطة عمل على وزراء الفلاحة، حتى يتم اعتماد مجموعة من الاقتراحات التي تسمح بتوطيد العلاقة ما بين الدول، خاصة في مجال البحث العلمي، مع اقتراح مساهمات من دول الشمال لتطوير مجال الصناعات الغذائية التحويلية بدول الجنوب؛ بما يسمح لها بضمان توفير الأمن الغذائي. وتوقّع السيد شحاط أن تتوطد العلاقات ما بين دول الضفتين بالنظر إلى المشاكل الطبيعية المشتركة وصعوبة ضمان تموين أسواق المنتجات الفلاحية عبر العالم، وهو ما يستدعي تغيير النمط الفلاحي؛ من خلال تنويع الزراعات والحرص على عدم تضرر الثروات الطبيعية، والسماح لدول الجنوب بالتعرف على تطورات الأسواق العالمية لبيع المنتجات الفلاحية وكيفية التأقلم مع تذبذب الأسعار. كما يقترح الخبراء على وزراء الفلاحة اعتماد نظام مشترك لمراقبة حرائق الغابات وتبادل الخبرات في هذا المجال، خاصة بعد اتساع الظاهرة بإسبانيا والبرتغال خلال السنوات الفارطة، بالإضافة إلى مساعدة دول الضفة الجنوبية على تطوير نشاط المؤسسات الصغيرة الناشطة في مجال صناعة الأسمدة العضوية الطبيعية، التي تسمح بتكثيف الإنتاج. وعلى هامش الورشة، صرح السيد شادي أبو عجيلة مدير إدارة الأمن الغذائي باتحاد المغرب العربي ل "المساء"، بأن إشكالية الأمن الغذائي بالنسبة لدول المغرب العربي، يمكن حلها من خلال تكامل اقتصادي ما بين دول المغرب العربي، غير أن تصحر 90 بالمائة من الأراضي الفلاحية وتفضيل دول المغرب ربط علاقات ثنائية مع دول الضفة الشمالية، ساهم بشكل كبير في انتشار ظاهرة البطالة واتساع رقعة التبعية الأجنبية للخارج، لذلك يسعى خبراء دول المغرب العربي بعيدا عن الأحقاد السياسية، لتوجيه اهتمام وزراء الفلاحة إلى التفكير في كيفية تطوير المبادلات التجارية ما بين الدول، خاصة في مجال المنتجات الفلاحية، وهو ما سيؤمّن المغرب العربي من خطر المجاعة. ويُذكر أن اجتماع الخبراء لدول المجموعة 5+5 التي تضم كلا من الجزائر، ليبيا، موريتانيا، المغرب وتونس بالنسبة للضفة الجنوبية وإسبانيا، فرنسا، إيطاليا، مالطا والبرتغال، قد سبقه اجتماع أول شهر فيفري 2012 بمدينة نواقشط، على هامش اجتماع وزارء الخارجية لدول المجموعة، الذين تبنوا عددا من مقترحات الخبراء؛ بهدف اعتماد استراتيجية موحدة لضمان توفير الأمن الغذائي، ليتم الاتفاق على عقد أول اجتماع لوزراء الفلاحة بالجزائر لاعتماد المقترحات والشروع في تنفيذها.