شهد حفل افتتاح الطبعة الثالثة من المهرجان الثقافي المحلي للموسيقى وأغنية العروبي الذي يقام حاليا بالبليدة، تكريم الفنان الراحل دحمان بن عاشور الذي تحمل هذه الطبعة اسمه، علاوة على تكريم الفنانين محمد خزناجي ويحيى برازي. كما قدّمت الجمعية الثقافية “أحباب الشيخ صادق البجاوي” بهذه المناسبة، وصلة فنية، تبعتها وصلة أخرى من طرف الفنان سيد علي بن قرقورة. وفي هذا السياق، كشف محافظ المهرجان السيد أحمد عياش ل “المساء”، أنّ طابع العروبي وهو نوع من الفن الأندلسي تختص به ولايات الوسط، خاصة البليدةوالجزائر العاصمة أصبح يستقطب فرقا وجمعيات وفنانين من ولايات أخرى، آثرت المشاركة في هذه الفعاليات، ليضيف أنّ هذه الدورة التي خُصّصت تكريما لأحد أعلام العروبي وأبناء مدينة الورود، المرحوم دحمان بن عاشور (الدورة الأولى لمحمود سيدي سعيد والثانية لمحفوظ مي الدين)، تعرف مشاركة 12 فرقة وستة فنانين طيلة أيام المهرجان، التي تُختم في آخر يوم من الشهر الجاري بقاعة المؤتمرات لولاية البليدة. وأشار المتحدث إلى أنّه سيتم في هذه الفعاليات، تقديم محاضرتين؛ الأولى من تنشيط عبد القادر بن دعماش بعنوان “الزجل والملحون في ديوان العروبي”، والثانية من تقديم محمد بلعربي حول موضوع “المفتي محمد بن الشاهد والمفتي مصطفى الكبابطي شاعرين في نوع العروبي”، علاوة على تكريم وجوه فنية في العروبي. وعند افتتاحه فعاليات الطبعة الثالثة للمهرجان الثقافي المحلي للموسيقى والأغنية العروبي، أكّد والي البليدة السيد محمد أوشان، عزمه على أن يعيد مدينة الورود إلى عهدها السابق؛ من حيث كونها مدينة الفن والثقافة، مضيفا أنّ البليدة تحتضن حاليا خمسة مهرجانات كاملة، من بينها مهرجان الحوزي والعروبي والشعبي الشباني، مطالبا في الصدد نفسه، بأن يكون لهذه المدينة قاعة تحتضن مثل هذه التظاهرات بدلا من اقتصارها على استغلال قاعة المؤتمرات التابعة للولاية. من جهتها، دعت الفنانة سلوى التي حضرت حفل الافتتاح، إلى اهتمام الشباب بالفن الأندلسي، معتبرة أنّ هذا الفن تراث يمسّنا كجزائريين، مشيرة إلى أنّ الفنان دحمان بن عاشور، كان من أهم أقطاب فن العروبي، كما ساهم، وبإسهاب، في نشره والتعريف به. وتمّ، بهذه المناسبة، تكريم الفنان يحيى برازي الذي يبلغ من العمر 88 سنة، وساهم كثيرا في نشر فن العروبي خاصة قبل الاستقلال، إلاّ أنّ واجب الكفاح ضدّ المستعر أبعده نوعا ما عن الفن، ليعود إليه فيما بعد ويمارسه بكل شغف. كما تم تكريم الفنان محمد خزناجي، الذي تعذّر عليه الحضور، والفنان يمتلك إمكانات صوتية ومهارة عالية في الأداء، خاصة بما يسمى في النوع الأندلسي “التقليبة”. بالمقابل أيضا، تم تكريم الفنان دحمان بن عاشور، وتلقّى التكريم بالنيابة عنه ابنه، الذي أعلن بالمناسبة عن ميلاد جمعية أحباب دحمان بن عاشور. وعن هذا الأخير التي سميت هذه الطبعة باسمه، فهو من مواليد 1912 بالبليدة، اسمه الحقيقي عبد الرحمن بن عاشور، بدأ مشواره الفني كموسيقي مع صديقه الحاج مجبر، ثم انخرط في الجمعية الأدبية، وبعدها تعلّم مبادئ موسيقى الصنعة لدى الشيخ محيي الدين لكحل، وهذا ضمن جمعية “الودادية”. وتألّق اسم دحمان بن عاشور أكثر في سنوات الأربعينات، وكان يعزف على جميع الآلات الموسيقية، وكان مرجعا في فن العروبي. وتكوّنت فرقته الفنية من الحاج مجبر على آلة الكمنجة، والحاج رشيد بن شوبان على آلة المندولين، وبراباس علي والطيب بوزويجة على البانجو، وشلال وبابا عمر على الإيقاع، وتوفي دحمان بن عاشور سنة 1976 بالبليدة عن عمر ناهز 64 سنة. بالمقابل، قدّمت الجمعية الثقافية “أحباب الصادق بجاوي”، المتشكلة من 12 موسيقية، وصلات غنائية وموسيقية مثل “توشية الغريب”، وقصيدة “ذكريات الحاج عمار” وغيرهما، أما الفنان سيد علي بن قرقروة فقدّم هو أيضا وصلته الفنية. والفنان من عائلة فنية، وتلقّى أول دروسه على يد جده الراحل محمد بن قرقورة، ومن ثم والده مصطفى بن قرقورة. في إطار آخر، ينتمي فن العروبي إلى الموسيقى العربية الأندلسية، ظهر في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر في الجزائر العاصمة، وتطوّر في ضواحيها واستوحى حركاته الإيقاعية وطبوعه من الفن الأندلسي مع فروق بسيطة، كما يتميّز بالمفردات البسيطة والعميقة في معانيها، يقدّمها في أجمل صيغة لإيصال رسائل مختلفة للمستمع، تظهر في شكلها غزلا ومدحا للحبيب، في حين أنها تحمل معاني صوفية في حب الله تارة، وأخرى في حب الوطن وتمجيده.