في الوقت الذي يرى البعض “عيد الحب” يوما للعشاق والرومانسية، مع تبادل الهدايا وعبارات الغرام، اتخذه البعض الآخر تجارة مربحة يستثمر فيها خلال هذا اليوم المصادف ل14 فيفري، بدليل توفر السوق على مختلف الهدايا التي تأخذ طابعا أنثويا ذا لون أحمر، هذا ما أشار إليه الدكتور العايب أستاذ في علم الاجتماع بجامعة البليدة. اتخذ بعض الجزائريين من هذا اليوم عيدا لهم يظهرون فيه مختلف أحاسيسهم الفياضة والرومانسية، من خلال تبادل الهدايا التي تبقى تقتنى من السوق بأسعار يجد فيها التاجر ربحا على حساب سذاجة هؤلاء. في خرجه ميدانية ل”المساء” بأحياء العاصمة، لم تخف علينا مختلف الأحاديث التي أصبحت تتناول واقع هذا اليوم. وإن كان معظم المواطنين يرونه مجرد يوم تجاري إلا أن بعضهم لايزال يخطط لما سيقتنيه من هدية لحبيبته، أو هي الأخرى تدخر شيئا من مالها لجلب هدية تتبادلها مع رفيقها “الفالنتان”. اقتربنا أكثر من صاحب محل للعطور والهدايا بشارع حسيبة بن بوعلي، أين التقينا بالشاب عز الدين الذي لم ينكر أن هذا اليوم بالنسبة له مجرد تجارة، مضيفا “التجارة تراض ولا أرى فيها نصبا أو احتيالا ما دام الزبون على وعي بما يقوم”. وأشار محدثنا إلى أن هذه الهدايا أصبحت شبه كلاسيكية، توحي بالرومانسية وتختلف حسب ميزانية الفرد، فهناك من يختار العطور أو علب الشوكولاطة أو دمية تكون على شكل دب، أرنب، قط.. تحتوي على قلوب وتكتب عليها مختلف عبارات الحب، كما تكون هذه الهدايا مميزة يكتب على سطحها اسم الحبيب أو الرفيقة، مثل علبة مجوهرات أو أباجورة.. ولمعرفة الشرائح العمرية التي تحتفل بهذا اليوم، تبين لنا من خلال الاستطلاع أن أغلبية المحتفلين به مراهقون، حيث كانت نسبة شخصين من أصل ثلاثة لا تفوق أعمارهم 18 سنة، يشترون الهدايا للرفيق في هذا اليوم، وغالبا ما يبادر الذكور بهذا الفعل. من جهة أخرى، تحدثنا إلى الآنسة رتيبة التي عبرت عن نفورها الشديد من هذا اليوم، مبررة ذلك بمختلف الطقوس الشاذة التي تظهر في “عيد الحب”، لاسيما أنها عادات الكفار، تخرج عن مبادئنا الإسلامية. وتضيف صبرينة من جهتها؛ لا يجب أن نتقيد بيوم واحد للتعبير عن حبنا لشخص معين لأن هذه العادة من الشكليات المستمدة والمقلدة بشكل أعمى من أوروبا، دون معرفة خلفية حقائق “الفالنتاين”، وأشارت إلى أن عيد زواجها هو اليوم المميز في علاقتها مع شريك حياتها. كما كشفت جولتنا الميدانية عبر أهم المراكز التجارية بالجزائر العاصمة، عن أن الشوكولاطة والورود احتلت الصدارة فيما يخص المقتنيات الخاصة بهدايا “عيد الحب”. والغريب في الأمر أنها لم تقتصر على المراهقين والشباب، بل حتى الشيوخ يفضلون هذا النوع من الهدايا. وفي أحد المحلات الخاصة بالمرطبات والشوكولاطة في المركز التجاري لباب الزوار، تصطف مختلف الماركات العالمية للشوكولاطة، يلتف حولها عدد من المواطنين لاقتناء ألذ الأصناف، حيث يصل سعر بعضها إلى 6000 دينار جزائري. ويقول أحد العاملين في المحل: “الرجال أكثر إقبالا على اقتناء الشوكولاطة كهدية عيد الحب من النساء”. ويضيف: “تفضل المرأة اقتناء قطعة لباس لرفيقها”. من جهة أخرى وبشارع موريتانيا في العاصمة، يقول “السي علي” بائع ورود: “تعد الأزهار أهم هدية في عيد الحب هذا الشتاء، لكن الأهم أن الكل يبحث عن الوردة الحمراء التي تعبر عن الحب والغرام والأحاسيس العميقة لرفيق اليوم”. ورغم موجة البرد والصقيع التي اجتاحت الدول المصدرة للورود، وقضت نسبيا على محصول الأزهار، إلا أنها تبقى الهدية المفضلة لدى الجميع لتقديمها في “عيد الحب” بدون منازع، هذا ما أشار إليه محدثنا، مؤكدا أن رقم أعماله في هذا اليوم يتضاعف. وحول هذا الموضوع، يقول الدكتور العايب بأن أصول هذا العيد وثنية ليس نابعا من الديانات السماوية، حيث كان الرومان يزعمون أن هناك آلهة حب، وفي منتصف كل شهر فيفري يقدمون لها هدايا وتضحيات، وأضاف المتحدث: “بعض الكتب التاريخية تروي أن في أواخر القرن الثالث ميلادي كان هناك إمبراطور اسمه كلاوديوس، منع جيشه من الزواج، لأن حسب معتقداته الرجل العازب أكثر قوة لمواجهة العدو في الحروب، وكان هناك قس يلقب بسان فالونتان، يزوج الرجال خفية عن الإمبراطور، وعندما انكشف أمره اتهم بالخيانة وسجن بسبب ذلك، ومنذ ذلك الحين بدأت الاحتفالات بهذا اليوم تكريما لروح ذلك القس، ومن خلال التقليد الأعمى انتقلت هذه الطقوس إلى الشباب بكل سذاجة، يمارسونها دون معرفة هذه الخلفيات. كما أضاف الخبير أن بعض التجار يستغلون هذا النوع من المناسبات لطرح بضاعتهم، باعتبارها تدر أموالا طائلة، خصوصا عند عرض بضائع ذات طابع رومانسي مزينة بالقلوب والأزهار.. التي تعبر عن الرومانسية والشاعرية.