حملت الرسالة التي بعث بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، بمناسبة الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات، التزاما بالتكفل بالانشغالات الاجتماعية من خلال ترقية العقد الاقتصادي والاجتماعي الذي تم اعتماده سنة 2006 من قبل الثلاثية (حكومة -الاتحاد العام للعمال الجزائريين - منظمات أرباب العمل)، إلى عقد اقتصادي واجتماعي للنمو، بهدف التعجيل بمسار الإصلاحات الاقتصادية. وشدّد رئيس الجمهورية على احترام تنفيذ البرامج الموجهة لتشجيع الاستثمار وترقية التشغيل والحد من البطالة، لاسيما لدى الشباب من خريجي المعاهد والجامعات، إلى جانب تحسين القدرة الشرائية، من خلال تكييف المنظومة التكوينية مع احتياجات المؤسسة، وذلك في الوقت الذي حرص على تأكيد إدراج إلغاء المادة 87 مكرر من القانون المتعلق بعلاقات العمل في إطار تشاوري مع الشركاء الاجتماعيين؛ تحسبا للنص المتضمن في قانون المالية لسنة 2015. وبذلك أبى الرئيس بوتفليقة إلا أن ينقل البشرى للعمال بمناسبة ذكرى تأسيس نقابتهم، من خلال إبراز أهمية هذه المقاربة في إتاحة الفرصة، لتعزيز الأجر الأدنى المضمون وتحسين مداخيل العمال المنتمين للفئات المهنية الدنيا، انطلاقا من أنها ستضفي على المؤسسات مزيدا من المرونة لتحسين مكافآتها لمردودية العمال وللظروف الخاصة بمنصب العمل، ولكون برنامج عمل السلطات العمومية يهدف إلى تحسين مؤشرات التنمية البشرية وقدرة المواطن الشرائية بفضل الزيادات في أجور العمال، ومنح التقاعد ودعم المواد والسلع واسعة الاستهلاك، إلى جانب "تلبية الحق في الاستفادة من العلاج والسكن والتربية والتعليم ومن الماء الشروب". وفي المقابل، لم يغفل القاضي الأول في البلاد التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني في ظل المتغيرات الجديدة، من خلال دعوته لبذل المزيد من الجهود لتعزيز قدرات الاقتصاد وتنافسيتها؛ "بما يتيح مواجهة عالم الغد، الذي لا مكانة فيه إلا للأمم التي تملك القدرة على الابتكار والتحكم الدقيق في تسيير موارده". ورغم هذه التحولات التي تتميز بالتنافسية الكبيرة إلا أن رئيس الجمهورية أقر بسداد رؤية الجزائر في مجال تنفيذ سياسات لتطوير مواردها من المحروقات، بفضل تحكّمها التام فيها من دون أن تتنازل قيد أنملة عن سيادتها الوطنية على هذه الموارد، وعن طريق إقامة أشكال من الشراكة المفيدة مع شركات أجنبية، التي تم على ضوئها تكييف النصوص التشريعية مع ذلك كلما اقتضى الأمر. وبما أن متطلبات إضفاء الفعالية على القدرات الاقتصادية تقتضي اقتناء التجهيزات وبناء المنشآت الصناعية وتكوين الكفاءات والمهارات، وهو ما تجسّد خلال السنوات الأخيرة، فإن هذه الثمار، مثلما أكد على ذلك الرئيس بوتفليقة، تجلت في تحقيق إنجازات مشهودة، من خلال الكشف عن احتياطات ضخمة من المحروقات، وتطوير واستغلال حقول هامة من الغاز والبترول، وتمييع ومعالجة الغاز، وتكرير البترول، وبناء شبكة نقل مترامية الأطراف مدعَّمة بأنابيب غاز عابرة للقارات. وعليه اغتنم رئيس الجمهورية المناسبة للإشادة بعمال وإطارات المؤسسة الوطنية "سوناطراك"، على ما يحققونه من نجاحات، متوجها بالإكبار إلى الرواد منهم، والذين كانت لهم اليد الطولى في تأسيسها وترسيخ أركان صرحها؛ حيث "تأتَّى لها أن تتطور وتتوسّع طيلة خمسين سنة، وتصبح بحق شركة نفطية ذات حجم دولي". كما هنّأ، بالمناسبة، المؤسسة الوطنية "سوناطراك" بخمسينيتها وبكل ما حققته من إنجازات ومكاسب. وترحّم الرئيس بوتفليقة أيضا ب "اسم الشعب الجزائري على أرواح كل العمال والنقابيين وتقنيّي الأمن، الذين وافاهم أجلهم وهم في الميدان يؤدّون واجبهم في تشغيل وصيانة وحماية منشآتنا البترولية والغازية". واستحضر، في هذا الصدد، الاعتداء الإرهابي، الذي استهدف المنشأة الغازية بتقنتورين (إليزي) يوم 16 جانفي 2013، والذي راح ضحيته 37 رهينة، مؤكدا على أنه ينحني بخشوع أمام أرواح كل ضحايا الإرهاب الهمجي من العمال الأجانب، الذين أُزهقت أرواحهم في المركّب، سائلا الله أن يتغمد، بواسع رحمته، البطل الشهيد محمد أمين الأحمر. كما أبى رئيس الجمهورية إلا أن يغتنم هذه المناسبة لتوجيه تحية الإكبار لقادة مؤسسة الجيش الوطني الشعبي وكذا قادة جهاز الأمن والدرك الوطني، معتبرا إياهم بواسل تصدّوا بكل اقتدار للمعتدين، وخيّبوا سعيهم لتخريب ما في ذلكم الحقل الغازي ومنشآت لا غنى للجزائر عنها. وبما أن المناسبة تتزامن مع ذكرى إحياء تأسيس المركزية النقابية، فقد أسهب رئيس الجمهورية في إبراز أفضال الاتحاد العام للعمال الجزائريين، الذي وصفه ب "منظمة نقابية راشدة فاعلة، لا تفرط في إحقاق التطلعات الاجتماعية، ولا في النهوض بواجبات المواطنة وحماية استقرار البلاد"، مشيدا في هذا الإطار بالدور "البنّاء" الذي تلعبه المركزية النقابية ضمن الثلاثية من حيث إنها "إطار للحوار والتشاور وتجاوبها مع تطور عالم الشغل. كما أشاد، بهذه المناسبة، بدور العمال في دفع عجلة التنمية التي تخوضها البلاد في كافة المجالات إلى الأمام، وكذا بالخصال والمآثر التي تحلت بها المرأة الجزائرية إبان سنوات الكفاح؛ من أجل الانعتاق الوطني ومساهمتها المشهودة في بناء البلاد.