أكد وزير الموارد المائية السيد حسين نسيب أول أمس، أن تجربة الجزائر في مجال تسيير وتجنيد الموارد المائية أصبحت محل اهتمام العديد من الدول، مشيرا إلى أن وزارته "حرصت منذ سنة 2000 على اقتراح وإنجاز عدة مشاريع للتحكم في المتغيرات المناخية، وضمان توفير مياه الشرب والسقي". وخلال افتتاح الوزير أشغال ندوة دولية حول "التغيراتُ المناخية تحدٍّ للموارد المائية"، دعا إطارات وزارته ومهندسي الري إلى تحيين معارفهم وتبادل الخبرات مع الأخصائيين الألمان في مجال التحكم في المتغيرات المناخية، وضمان تخزين أكبر كمية من مياه الشرب. اللقاء المنظَّم في إطار التعاون الجزائري الألماني كان فرصة لعرض العديد من التجارب والمشاكل التي تعاني منها دول أوروبا؛ بسبب التغيرات المناخية وانعكاساتها على القطاع الفلاحي والموارد المائية، الأمر الذي استدعى تضافر جهود دول الضفتين لاختيار أحسن السبل العلمية للتحكم في الوضع الراهن، الذي أصبح يؤثر على أكبر أسواق المنتجات الغذائية واسعة الاستهلاك، مما حال دون تمكن العديد من الدول من ضمان الأمن الغذائي. وبما أن وزارة البيئة وتهيئة الإقليم قطعت أشواطا كبيرة مع عدد من الشركات الألمانية في مجال الشراكة، لتعميم المعارف في مجال الحماية من التلوث والتعايش مع المتغيرات المناخية، أشار وزير الموارد المائية إلى أنه حان الوقت لإشراك قطاعه في المسعى العالمي لحماية الثروة المائية، وضمان تخزين كميات تسمح بتوفير طلبات السكان وقطاعي الفلاحة والصناعة، وعليه سيقدّم ممثلون للمرصد الوطني للأحوال الجوية وخبراء من فرنسا وألمانيا، العديد من المحاضرات التي ستساعد الإطارات الجزائرية على التحضير الجيد للمشاريع المستقبلية، التي تعوّل عليها الوزارة لتحسين نوعية الخدمات. وعن أهم المشاريع التي سيتم إطلاقها خلال المستقبل القريب ولها علاقة وثيقة بالمتغيرات المناخية، تحدّث السيد نسيب عن مشروع الشبكة الوطنية للإنذار من خطر الفيضانات، الذي سيتم تنفيذه بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي. وعلى هامش اللقاء، أعلن الوزير عن التحضير لإطلاق مناقصة دولية لاقتناء التجهيزات الضرورية، التي سيتم وضعها بعدد من السدود والأودية المصنَّفة في خانة النقاط السوداء خلال كل فصل شتاء. وسيتم ربط هذه التجهيزات بمركز عملياتي، يقوم بجمع كل المعطيات لتعالَج على ضوء البيانات التي سيقوم المرصد الوطني للأحوال الجوية، بإرسالها دوريا للمركز للتنبؤ بالفياضات قبل حدوثها، وإعلام السلطات المحلية لأخذ كل الإجراءات، وهي الصور التي تسمح بإعداد خرائط طوبوغرافية حديثة لتحديد مسار الأودية. المشروع الذي تَقرر أن يكون على رأس المشاريع القطاعية الكبرى للمخطط الخماسي المقبل، سيتدعم، حسب الوزير، بصور فضائية يتم التقاطها من طرف الأقمار الصناعية التابعة للوكالة الوطنية للفضاء، وهي المعلومات التي ستساعد أهل القرار على اتخاذ القرارات وتسطير المخططات الإنمائية المستقبلية، علما أن الوزارة خصصت بين 2010 و2014، أكثر من 30 مليار دج لحماية المدن الكبرى من خطر الفيضانات، على غرار سيدي بلعباس، غرداية ومعسكر. وعلى صعيد آخر، تطرق ممثل الحكومة لاستكمال مشروع تحويل المياه من سد بني هارون إلى كدية المدور بولاية باتنة، وهو ما سيحل نهائيا إشكالية العجز المسجل في مجال توزيع مياه الشرب بعدة ولايات بشرق البلاد، على غرار باتنة، خنشلة وسوق أهراس، مع العلم أن المشروع كلّف الوزارة 170 مليار دج، وسيسمح بضمان التزود اليومي بمياه الشرب للملايين من السكان، وسقي الآلاف من الهكتارات. ولدى تطرق ممثل الحكومة لحصيلة تساقط الأمطار خلال الأيام الفارطة، تفاءل خيرا، خاصة بعد ارتفاع نسبة امتلاء السدود ال 70 عبر التراب الوطني، إلى 85 بالمائة، وهو ما يجعل الجزائر في مأمن من الجفاف خلال الخمس سنوات المقبلة. من جهته، أكد السيد حاتم خراز الأمين العام لمرصد الصحراء والساحل الذي سيسيّر عملية استغلال المياه الباطنية بالصحراء، والتي تتقاسمها الجزائر مع كل من تونس وليبيا، أكد أن عملية استغلال هذه المياه غير متجددة، تتم بطريقة عقلانية من طرف الدول الثلاث، ونظرا للعمل المحكم الذي يقوم به المرصد فقد أصبح اليوم مثالا يُقتدَى به من طرف كل المنظمات العالمية، خاصة أن كل طرف بذل العديد من الجهود لحماية هذه الثروة، مع إطلاق عدة دراسات تخص أحسن السبل لضخ المياه والحد من عدد الآبار العشوائية التي قد تضر بالمياه الجوفية. وقصد تحديد أماكن تواجد هذه الطبقة الجوفية من المياه، أشار السيد حاتم في تصريح ل "المساء"، إلى أنه تَقرر لأول مرة الرجوع إلى أحدث تقنيات البحث والتنقيب، مع استغلال الصور الفضائية الدقيقة لتحديد مسار المياه في باطن الأرض.