مشاهدة طفل أو مراهق يحمل آلة الكمان أو القيثارة بين يديه وهو ذاهب إلى ”الكونسرفاتوار” أو مقر الجمعية الفنية التي يتعلم بها أسس الموسيقى ونوتاتها، يعطي شعورا بالراحة على مستقبل الفن، لأن الوصول بالقافلة الفنية إلى بر الأمان يستوجب حرصا وعملا وجهدا كبيرا من قبل كل الجهات المعنية، خاصة تلك التي أوكلت لها مهمة حفظ التراث، أو التي أرادت أن تفعل ذلك في قالب جمعوي، حيث شهدت الساحة الفنية ميلاد العشرات من الجمعيات التي تهتم بالفن الأصيل، وتعمل بدورها على تعليمه وتوريثه للأجيلال الجديدة، وكان آخرها دخول مدرسة براعم ”إشبيليا” لتعليم الموسيقى الأندلسية حيز النشاط، وتسعى إلى الحفاظ على الموروث الغنائي الثقافي وتبليغه للأجيال الصاعدة، حيث يتلقى الشباب الفنان دروسا خاصة بتلقين العزف على الآلات الموسيقية، مثل الكمان والعود والآلات الوترية والإيقاعية، كمرحلة أولى قبل الاطلاع على النوبات وطرق أدائها. واعتبر رئيس هذه الجمعية التي استمدت اسمها من تاريخ الفن الأندلسي، أن جمعيته تسير بخطى ثابتة نحو الرقي بفن المالوف الذي ترعرع في سوق أهراس وعاش بين أحضانها لحقبة من الزمن. إن التعمق في دراسة الفنون أكاديميا أو التكوين فيها، يسمح بإماطة اللثام عن الكثير من الأمور الهامة التي تعتبر قاعدية وأساسية للحفاظ عليها أولا وعرضها للأجيال الجديدة بصورتها الحقيقية، مما يساهم في ترتيب القواعد اللغوية وطريقة الأداء عند تقديم أي نوع من الفنون، فلفن المالوف أساسياته، كذلك الشعبي، الصراوي والعاصمي، فالتمييز الذي يطبع كل لون هو الذي يزيد من جمالياته، والحفاظ على أسسه أمر هام يستوجب البحث ومواصلة الدرب الذي بدأه كبار الفنانين.