إن الدبلوماسية الجزائرية تستند إلى تراكمات إرث عريق في المقاومة الشعبية، والنضال السياسي والكفاح المسلح، ضد الظلم والقهر والاستعباد. لقد كان لثورتها على الاستعمار الفرنسي صداها في القارة الإفريقية وأمريكا اللاتينية، ومازالت إلى اليوم مصدر إلهام لكل الشعوب المقاومة، كفلسطين وجنوب لبنان والصحراء الغربية، فالجزائر كانت ومازالت قبلة لحركات التحرر، تساند الشعوب في تقرير مصيرها والتحرر من الاستعمار مهما كانت أشكاله. إن احتضان الجزائر للمؤتمر الوزاري ال 17 لدول عدم الانجياز، في ظل عالم يموج بالصراعات، ومحيط غير مستقر، لدليل آخر يحسب لسياستها الخارجية الحكيمة ويثبت استعادتها للدور الذي كانت تلعبه إقليميا ودوليا. واليوم ورغم ما تعرضت له من تآمر خارجي، وحصار دولي أيام المأساة الوطنية، فإنها لاتزال وفية لمبادئها في احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ولا تزال تلعب دورا محوريا في القضايا الدولية، إذ هي من بين الدول السباقة التي تعمل على تحسين مستوى تمثيل دول الجنوب لدى هيئات الأممالمتحدة وخاصة الأفارقة، باعتبار أنهم يمثلون العدد الأكبر من الدول الأعضاء في الجمعية العامة، وهي تسعى بكل الوسائل المتاحة لمنح الفرصة لإفريقيا لتمارس حقها بمجلس الأمن، وتناضل من أجل أن يظل حل كل نزاع إفريقي بيد الأفارقة أنفسهم دون أي تدخل خارجي، وذلك من خلال الاتحاد الإفريقي، وهيئاته المختصة. فالغرب عودنا على أنه يسعى دوما إلى حل مشاكله الاقتصادية والسياسية على حساب الدول الأخرى فما يسمى ب"الثورات الملونة” و"الربيع العربي” هو نتاج لذلك، إلا أن هناك حراكا سياسيا واقتصاديا ينبعث من قوى صاعدة تضم مجموعة دول البريكس ومنظمة تشانغهاي للتعاون الأمني، يضاف إليها تفعيل حركة عدم الانحياز، ولا شك أن ذلك سيكون له دور فعال في تحقيق توازن دولي، يقف في وجه الغطرسة الغربية، التي تسعى إلى السيطرة على الشعوب التي تغرد خارج سربها، من خلال التدخل العسكري، أو خلق الأزمات وفرض العقوبات، لقد حان الوقت لأن تقول هذه القوى كلمتها، وتفتح مجالات التعاون فيما بينها لتتفادى هيمنة الغرب وسطوته. فالتكنولوجيا، والخبرات والمواد الخام كلها متوفرة. ولا ينقص إلا المبادرة.