في جمعية عامة عادية لم تكن كذلك رمى يوسف جباري المنشفة وغادر منصبه كرئيس للنادي الهاوي، وهو الذي بدا مصرّا في الفترة الأخيرة على الاحتفاظ بكرسي الرئاسة، مكثفا من تحركاته في السر والعلانية، لكنه اصطدم بإصرارا أكبر منه من لدن الطرف الآخر، على عدم تمكينه من النجاح في تخطيطه؛ ونقصد بهم الأنصار، هذا الطرف هو الذي كسب الجولة الثانية مساء أول أمس بعد الأولى التي أجبرت جباري على الاستقالة أو الانسحاب من رئاسة مجلس إدارة الشركة الرياضية، والتي خلفه فيها للتذكير بلحاج أحمد المعروف ب "بابا". فجباري حضر ومعه التقريران الأدبي والمالي لتقديمهما أمام أعضاء الجمعية العامة، وفعل ذلك بصعوبة كبيرة وبعد جهد جهيد. وبعد التدخل الشخصي لغربي بدر الدين الذي أُجبر على الالتحاق بقاعة دار الشباب "معواد أحمد" بعدما بلغه قرار تأجيل هذه الجمعية العامة العادية؛ بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني؛ حيث حضر 59 عضوا من أصل 144، وغادر المحضر القانوني الأستاذ بن جلول، القاعة، لكنه عاد إليها مجددا بعد مكالمة هاتفية من غربي، كانت ضمن جهوده في تهدئة روع أنصار جباري ومعارضيه، وبين المؤيدين لعقد الجمعية العامة والراغبين في تأجليها، وهؤلاء ادعوا أن عددا كبيرا من مؤيدي جباري غادروا القاعة بمجرد سماعهم كلمة التأجيل، وقدّروا عددهم ب20 عضوا، لكن إصرار السلطات المحلية على التخلص من صداع و"تبهديل الحمراوة" ولو مؤقتا، جعل غربي يتدخل مرة أخرى أمام الأعضاء الحاضرين، ليشرح لهم القوانين المعمول بها في مثل هذه الحالات، تاركا لهم حرية القرار إما بعقدها في يومها - وهو ما كان وحصل - أو تأجيلها، ليعمد الجميع إلى التصويت، فيفصل 20 صوتا لإتمام حيثيات هذه الجمعية العامة مقابل 15 أملوا عقدها في يوم آخر.
جباري راض عن حصيلته والأعضاء يرفضونها بعدها، فُتح المجال لجباري لتقديم التقريرين الأدبي والمالي أمام ال59 عضوا الحاضرين، ففي الشق الأدبي وصف حصيلته بالإيجابية، مستندا على إنجاز فريق كرة اليد المرتقي إلى القسم الممتاز، والمشوار المقبول جدا لمختلف الفئات العمرية، كوصول تشكيلتي أقل من 17 سنة وأقل من 21 للمحطة النهائية من كأس الجزائر، وأثنى على جهود مدربيها وكذا أعضاء مكتبه. وكما كان متوقَّعا، رفض الحضور القليل من أعضاء الجمعية العامة، المصادقة على هذه الحصيلة الأدبية، ليستعرض بعدها وبسرعة، التقريرالمالي. وتسنى للحضور سماع فقط رقم 86 مليون دينار كمدخول في الموسمين الماضيين، قدّمتها بالتساوي مصالح الولاية والبلدية، و20 مليون دينار حُولت إلى الشركة. وقبل أن يطلب المحضر القضائي من الأعضاء المصادقة على ما سمعوا أو رفضه، سبقهم جباري وأعلن عن استقالته من منصبه. جباري قال بعدها لجمع الصحفيين الحاضرين: "كان لزاما علينا عقد الجمعية العامة، وما جرى فيها اليوم لم يكن بريئا؛ حيث إنها انعقدت في وقت غادر القاعة عدد كبير من الأعضاء لم يتسنّ لهم حضورها. ما حصل هو تصفية حسابات، لكن لا يهم؛ أرادوا رحيلي عن الفريق، ففعلت ذلك، وسأعتني بصحتي التي أهملتها من أجل المولودية، وأنا ضميري مرتاح، وإني مستعد للمحاسبة لكن على ماذا سيحاسبونني؟ على مالي الذي أنفقته على الفريق؟ فما عدا إعانات الدولة فلا شخص واحد ممن شتموني جلب قارورة ماء للفريق! ومن يثبت عكس ما أقول فليأت ببراهينه".
الجمعية الانتخابية يوم الأحد القادم بعد ذلك تنقّل جمع الحاضرين لتعيين لجنة الترشيحات، والتي تكونت من خمسة أعضاء، وهم :بلعربي خالد رئيسا، معه كل من بسجراري نصر الدين، شرقي مختار، بوزيان محمد وطاب سيد أحمد. وتَقرر أن تُجرَى الجمعية العامة الانتخابية يوم الأحد القادم (15 جوان). والملاحَظ أن المرشح القوي لخلافة جباري الطيب محياوي، غاب لالتزاماته مع جلسات مجلس الأمة، لينتفض الجمع الحمراوي بعد ذلك بعد مشاركته في مهزلة حقيقية، تأكد كل من شاهد وتابع ما جرى فيها، للمرة الألف، أن معاناة المولودية الوهرانية من صنع أبنائها لا غير "حاشا" أسماء حمراوية معروفة لم ولن يرضيها ما يحصل لفريقها، الذي احتضنها وصنع لها تاريخا، ورغم مناشداتها لمن ألفوا صنع المهازل والمسرحيات الهابطة، إلا أنها أُجبرت على السكوت ومتابعة ما يجري بألم.
ملاسنات بالجملة وجباري يلكم صادوق مرتين وكالعادة، لم تسلم هذه الجمعية العامة العادية من ملاسنات وشتائم متبادَلة، تحولت في بعض المرات إلى احتكاك جسماني وتبادل للّكمات، مرة بين بسجراري نصر الدين رئيس فرع كرة اليد وأحد أعضاء الجمعية العامة، وأخرى بين الرئيس المنسحب يوسف جباري والعضو صادوق نور الدين، الذي يُعد أحد المعارضين الأشدّاء لبقاء جباري، والذي خاض حملة شرسة في الفترة الأخيرة لخلعه وبأي ثمن، فقد شاهد الحضور وبأم أعينهم مشهدا يندى له الجبين، وهو لكم جباري لصادوق في مرة أولى، والتعدي عليه بكرسي في الثانية! صادوق تواصلت معاناته مع مناصر آخر لجباري، كال له اتهامات خطيرة حول ماضيه الثوري؛ مما أجبر صادوق على رفع شكوى ضده لدى مصالح الشرطة. هذه الأخيرة التي كان حضورها نافعا جدا، ووُفّقت إلى حد كبير في التحكم في الوضع وتجنب الكارثة، فهي من تكفلت بإخراج جباري من الباب الخلفي لقاعة دار الشباب "معواد أحمد"، وتأمينِ مغادرة بعض مناصريه لها دون أذى في ظل توتر الوضع وعزم الأنصار الغاضبين على النيل من جباري وأتباعه. هؤلاء الأنصار الذين فرحوا كثيرا بخلع جباري من منصبه، معتبرين ذلك خطوة فقط، وأنه لن يهدأ لهم بال إلا بعد إبعاد كل المسيّرين الذين لطّخوا ووسّخوا سمعة المولودية الوهرانية حسبهم، ووضع فريقهم المحبوب بين الأيدي الأمينة لمؤسسة نفطال دون غيرها.
شريف الوزاني في أحسن رواق في شأن آخر، يبدو أن كل الطرق تؤدي إلى عودة شريف الوزاني سي الطاهر، للإشراف على العارضة الفنية للمولودية الوهرانية، خلفا لزميله عمر بلعطوي، الذي لن ينهي عقده الذي يمتد للعلم إلى غاية شهر جوان من العام القادم (2015)، بسبب العلاقة "الباردة" بينه وبين الرئيس الجديد بلحاج أحمد المعروف ب "بابا" أيام كان الرجلان يقودان إداريا وفنيا فريق شباب عين الترك عام 2009. ويكون شريف قد التقى "بابا" ليلة أول أمس، والأمرُ بترسيمه قائدا جديدا لسفينة "الحمراوة"، هو أمر ساعات قليلة فقط.