يستعيد الجزائريون اليوم أروع لحظات تاريخهم، تاريخ ثورة التحرير المجيدة التي صنع بطولاتها أجدادنا وآباؤنا الذين رفضوا أن يغتصب الوطن، فأعلنوها ثورة شعبية لكسر قيود الاستعمار وتحرير كل شبر من الأرض. وكانت إشراقة الاستقلال، ثمرة تضحيات شهدائنا الأبرار ومجاهدينا الأشاوس، أكبر فرحة لاتضاهيها أية فرحة في تاريخ الجزائر. لقد كانت لحظات انتصار أعظم ثورة تحريرية قهرت أقوى وأعتى قوة استعمارية في العصر الحديث. إن عجلة التاريخ لم تتوقف عند يوم 5 جويلية 1962، بل إن هذا اليوم كان محطة لاستكمال مسيرة الاستقلال الاقتصادي وبناء دولة عصرية ترعى ثمار التضحيات الجسام وتجسدها في انجازات نلحظها اليوم في كل شبر من هذه الأرض الطيبة. ومهما كان الأمر اليوم، فلا أحد يمكنه أن يتنكر لما أنجزته الأجيال المتعاقبة في جزائر الاستقلال من 1962 إلى 2008، رغم أنه مازال ينتظرنا الكثير وفي كافة المجالات لتحقيق كافة الأهداف المنشودة بدءا بالأهداف المتضمنة في بيان أول نوفمبر 54، مرورا بتطلعات مجاهدينا وشهدائنا الأبرار، ثم وصولا إلى البرامج المسطرة التي فرضتها تحولات العصر والرهانات المفروضة على الجزائر مواجهتها . فما تحقق خلال المسيرة الفتية في جزائر ما بعد الاستقلال، هو ثمرة جهود وإرادات نزيهة لرجال أخلصوا للوطن، رغم ما مرت وتمر به البلاد من ظروف، هي في الحقيقة مشاكل فرضتها تحديات العصر وتعيشها الكثير من بلدان العالم بما فيها البلدان المتقدمة. إن حصيلة الانجازات لا يمكن حصرها في بضعة أسطر، ذلك أن مقارنات بسيطة بين أرقام 1962 وأرقام اليوم لا تترك مجالا للتشكيك أو محاولة إخفاء ما تحقق من منجزات على كافة الأصعدة. فالجزائر أصبحت تحظى بمكانة دولية وصوتها في المحافل الدولية له من الوزن ما يساهم في تغيير وجهة الأحداث لخدمة القضايا العادلة في العالم وإخماد بؤر التوتر، وإشاعة السلم عبر العالم. أما اقتصاديا فقد أصبحت شريكا استراتيجيا لا يمكن التخلي عنه في علاقات التعاون الدولية، وكل ذلك بفضل البناء الداخلي الذي حول الجزائر إلى دولة عصرية لا تزال تواصل استكمال بناء مؤسساتها، وإعادة إصلاح هياكلها رغم الظروف التي مرت بها مسيرتها التنموية. ويبقى الأمل والتفاؤل قائمين، مادامت الجزائر تملك من القدرات والكفاءات ما يمكنها من تحقيق الرقي والازدهار لشعبها. فالثروات متوفرة والرهان قائم على شبابها ثم أن الإرادة السياسية موجودة لتحقيق الحلم الأكبر للجزائريين،، العيش في كنف الاستقرار والأمن والرقي والازدهار.