عاش العراقيون أمس يوما داميا بمصرع 37 شخصا وإصابة عشرات آخرين في سلسلة تفجيرات استهدفت أهدافا للشرطة والجيش العراقيين في بعقوبة والموصل.واستهدف التفجير الأول مركزا للجيش العراقي في بعقوبة عاصمة محافظة ديالى شمال شرق بغداد خلف مصرع 28 شخصا وإصابة 55 آخرين. وقالت مصادر أمنية عراقية أن انتحاريين اثنين احدهما كان يرتدي الزي العسكري العراقي في حين كان الثاني يرتدي ملابس مدنية فجرا نفسيهما بالقرب من المدخل الرئيسي لقاعدة عسكرية في بعقوبة حيث كان يجتمع عشرات الشباب المتطوع. يذكر أن محافظة ديالى كانت مسرحا لعدة هجمات انتحارية في إطار الصراع القائم بين أنصار تنظيم القاعدة ولجان الصحوة التي شكلها الجيش الأمريكي من أبناء المنطقة لمحاربة المسلحين. وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية اللواء عبد الكريم خلف أعلن قبل يوم عن قرب بدء القوات العراقية في شن عملية عسكرية ضد المسلحين. وقال في ندوة صحفية مشتركة مع المتحدث باسم القوات المتعددة الجنسيات الأميرال باتريك دريكسول أن هذه العملية قد تكون المحطة الأخيرة وتعد استمرارا للعمليات التي تحققت في البصرة والموصل. ولكن إذا كانت الحكومة العراقية تعتبر أن العمليات العسكرية التي شنتها قواتها في البصرة والموصل ومحافظات أخرى قد حققت نجاحا فإن واقع الحال يثبت عكس ذلك في ظل استمرار التفجيرات بالسيارات المفخخة والعمليات الانتحارية في هذه المناطق. فقد لقي أمس تسعة أشخاص مصرعهم وأصيب 11 آخرين في هجومين منفصلين استهدفا قوات الأمن العراقية في مدينة الموصل شمال العاصمة بغداد. وقال مصدر عن شرطة المدينة أن "هجوما بسيارة مفخخة يقودها شخص استهدف دورية للشرطة مما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة ستة آخرين بجروح". وأضاف أن أربعة أشخاص قتلوا وأصيب خمسة آخرون جراء هجوم آخر بحزام ناسف استهدف دورية للشرطة في نفس المدينة. وتأتي هذه التفجيرات في الوقت الذي أعلنت فيه مصادر أمنية عراقية أمس عن نجاة وزير الكهرباء العراقي كريم وحيد في انفجار استهدف موكبه في بغداد وأدى إلى جرح ثلاثة من حراسه. ويستمر الانزلاق الأمني في العراق في وقت تواصل فيه إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش مساعيها للتوصل إلى إبرام اتفاقية أمنية طويلة الأمد مع الحكومة العراقية يتم من خلالها تحديد طبيعة التواجد العسكري الأمريكي في العراق بعد انتهاء تفويض الأممالمتحدة في ال31 ديسمبر المقبل. وفي هذا السياق أعلن البيت الأبيض أول أمس أن المفاوضات مع العراق بخصوص هذه الاتفاقية تسير "على الطريق الصحيح" ووصفها "بالجيدة والبناءة" ولكن من دون أن يحدد موعدا للتوقيع عليها. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو ردا على سؤال حول ما إذا كانت الإدارة الأميركية تخلت عن محاولة إبرام اتفاق عسكري مع العراق طويل المدى شبيه بالاتفاقات العسكرية التي وقعتها واشنطن مع عشرات الدول الأخرى فردت "قطعا لا". وأضافت "احذر أيا كان من التفكير بأن الأمور خرجت عن السكة إنها تسير على الطريق الصحيح" مؤكدة أن المفاوضات مع العراقيين "جيدة وبناءة". وكانت إدارة الرئيس بوش شرعت في إجراء مفاوضات مع الحكومة العراقية بهدف التوصل بحلول نهاية جويلية الجاري إلى اتفاق ينظم الوجود العسكري الأمريكي في العراق على المدى البعيد بعد انتهاء تفويض الاممالمتحدة مع نهاية العام الجاري. غير أن احتمال التوصل إلى اتفاق في الموعد المحدد يبدو ضئيلا نظرا إلى المطالب السيادية التي رفعها مسؤولون عراقيون مؤخرا والجدل الكبير الذي اثارته داخل العراق بين مؤيد ومعارض. ويزيد من تأكيد هذا الاحتمال تصريحات المسؤولين العراقيين الذين طالبوا بضرورة تحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية من العراق وهو الأمر الذي رفضته إدارة الرئيس بوش مما يجعل المفاوضات طويلة وصعبة. ليس ذلك فقط فقد استبعد الناطق باسم الحكومة العراقية التوقيع على الاتفاقية الثنائية طويلة الأمد مع الولاياتالمتحدةالأمريكية نهاية الشهر الجاري ورجح تأجيلها لحين إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وقال علي الدباغ " ان هناك احتمال كبير لتأجيل التوقيع على بنود الاتفاقية الامنية مع الولاياتالمتحدة لحين اجراء الانتخابات الأمريكية لأن الطرفين العراقي والأمريكي في المفاوضات لم يتوصلا الى صيغة نهائية لبنود الاتفاقية".