الأيام المقبلة سنكون في المهرجان العربي vaga للمسرح بمدينة باجة التونسية و كذلك في مهرجان المسرح العربي في مدينة سطيف بعد النجاح الجماهيرى الذى حققته مسرحية الفلوكة و التى كتب نصها الكاتب سيف الدين بوهة وتقاسم البطولة فيها مع القديرة صابرينة قوريشى،استضفنا الفكاهي بوهة الذى أحبه جمهور المدية وصفق له طويلا لحظة تتويج عرضه بجائزة العنقود الذهبي بالمهرجان الوطني للفكاهة بالمدية ،وبعد الجولات الناجحة واستمرار العرض أردنا كشف لغز الفلوكة فى هذا اللقاء الثقافي حاورته:تركية لوصيف =================== المسار العربي: نجدكم ممثلا بارعا على الخشبة ومبدعا فى النص المسرحي وبه أعدتم الجمهور للثنائي المسرحي الناجح..أمثال الراحلين( مجبوبى وسونيا.). -هل العودة للثنائيات حلا لأزمة التمويل؟ سيف الدين بوهة:شكرا جزيلا .. في الحقيقة لا يمكنني القول بأن الثنائيات هي الحل في حالة نقص التمويل لأنه يجب مراعاة جودة العمل قبل كل شيء فالمسرح الثنائي من أصعب انواع المسرح، أي كلما قل عدد الشخصيات، كلما زادت صعوبة مهمة الإخراج و خاصة التمثيل و بالتالي فإننا لو نعتمد فكرة الثنائيات بسبب نقص التمويل فإننا لا محالة سنقدم في أغلب الأحيان أعمالا رديئة لا ترقى لما يصبو إليه جمهور المسرح .. إن المسرح الثنائي خيار فني قبل كل شيء ،قد يتطلب تمويل عمل مسرحي ثنائي أكثر من تمويل عمل يزيد فيه عدد الممثلين عن عشرة (10)و كل هذا يعود الى الرؤية الإخراجية و متطلباتها من كامل عناصر العرض المسرحي . المسار العربي: النص الأصلي فى المسرح ترفع لأجله الأبواق ونجد النص المقتبس ما يعتمد فى المسارح الجهوية.. _كيف تمكنتم من فرض رؤيتكم وتجسيدها بالرغم من الكم الهائل للنصوص .. _هل الشفافية موجودة ؟ سيف الدين بوهة :خضت العديد من التجارب سواء في الإقتباس أو التأليف و أعتقد أن لكل منهما خصوصيته، فمن ناحية الإقتباس قد تعجبنا فكرة أو شخصية أو حدثا أو قصة فنبني من خلالها نصنا المسرحي ، أما التأليف فهو في اعتقادي أصعب من الإقتباس لأنه عمل أصلي من كل جوانبه و بالتالي يتطلب من الكاتب جهدا كبيرا من بدايته في إيجاد الموضوع الذي يريد معالجته إلى غاية بناءه التام .. إن النصوص الجادة هي التي تفرض نفسها بنفسها خاصة عندما تكون المؤسسة المنتجة تطمح إلى تقديم أعمال مسرحية في المستوى فهي بالتالي تكون حريصة على أن يكون النص الذي يمثل قاعدة الأساس للعرض الجيد .. في الحقيقة أغلب النصوص التي كتبتها ،أنا من قام بإخراجها حيث كنت أقترح النص برؤيته الإخراجية مما يجعل المؤسسة تناقش العرض بصفة عامة بناء على النص المقترح .. أعتقد أنه هناك بعض المؤسسات التي تعتمد على الشفافية في اختياراتها و كمثال على ذلك آخر عمل قدمته في مسرح سوق أهراس كانت لي جلسة مع أعضاء اللجنة الفنية التي تتكون من فنانين و أساتذة جامعيين و كان النقاش حول النص و الرؤية الإخراجية بكل شفافية و بحضور المسؤول الأول على المؤسسة و أنا أعتبرها جلسة قيمة ساهمت في تقربب وجهات النظر و إثراء العمل بصفة عامة و دليلي فى هذا ذلك أن العمل لاقى نجاحا كبيرا و تحصل على جوائز قيمة . المسار العربي: اقلام كثيرة تناولت المسرحية بالنقد ومعها يعود النقد للواجهة كما لو أن عرض الفلوكة قد أماط اللثام عن سبب عزوف النقاد من قبل.. _هل النص الجيد الأكثر حظا فى النقد ولماذا؟ سيف الدين بوهة:أكيد أن الأعمال الفنية التي تطرح رؤية مختلفة تستفز أقلام النقاد و هذا ما حدث بالنسبة للفلوكة .. ليس لي الحق فى القول أنه عمل جيد لكني متأكد أن فريق العمل قام بطرح مختلف فى مرحلة حاسمة كهذه لأنه في الاخير يعتبر خيارا جماعيا لخوض تجربة مماثلة في هذا النوع من المسرح و هذا الموضوع بالذات .. و يمكنني القول أن مسرحية الفلوكة محظوظة جدا من هذا الجانب حيث انها كانت موضوع اهتمام الكثير من الأقلام الكبيرة فى النقد في الجزائر و هذا يحسب لها . المسار العربي: نعود لمباركة نص الفلوكة الذى نجح جماهيريا وافتك جائزة العنقود الذهبي.. مدخل الإنسانية ومشروعية الحلم مست احاسيس الجمهور الجزائرى _هل اخيرا عثر الجمهور على العرض المسرحي الذى يتحدث بلسانه؟ _هل ستعرف الساحة المسرحية العودة لعمق المجتمع؟ سيف الدين بوهة:إن المبدأ الجوهري للفن هو الإنسانية و الحلم هو المحرك الأساسي لخيال الفنان و للإبداع بصفة عامة .. كل فنان ابن بيئته و مجتمعه فإذا سلمنا بأن الفن هو محاكاة للواقع و أن على الفنان أن يؤدي دوره في مجتمعه ككل فرد فإننا و بالضرورة يجب علينا أن نعالج قضايا محيطنا أولا مرتكزين على الجانب الإنساني الذي هو الأصل في طرحنا لأفكارنا .. مسرحية الفلوكة تعالج ظاهرة خطيرة جدا ألا و هي الهجرة السرية ( الحرقة ) عبر قوارب الموت التي أصبحت حلم الكثير من أبناء الوطن حيث لم تعد تقتصر فقط على فئة الشباب أو بهدف بناء المستقبل بل تجاوزت تلك الأهداف إلى أفكار لا حدود لها و بالتالي فموضوع المسرحية يلامس عمق المجتمع في جانب مظلم لا يراه إلا من أقبل على فعل ذلك فهو في الحقيقة موضوع تراجيدي و مأساوي حاولنا طرحه في قالب كوميدي حتى يتسنى لنا تمرير رسائلنا التي نعتقد أنه من واجبنا كفنانين أن نساهم في بناء مجتمعنا انطلاقا من مكانتنا فيه، فإننا من جهة نتكلم بلسان جمهورنا ما لا يمكنه أن يقوله و من جهة أخرى نقول له ما يجب أن يعرفه في جو فني بعيد كل البعد عن الرسميات .. و أعتقد أنه حان الوقت لإستعادة جمهور المسرح من خلال الغوص في أعماق المجتمع و معالجة القضايا التي تهمه . المسار العربي: توجهت مسرحية الفلوكة للمشاركة فى المسرح الوطني وحدث مالم يكن متوقع.. -ضع جمهور الفلوكة فى الصورة سيف الدين بوهة:في الحقيقة نتائج المهرجانات ليست بالضرورة مقياسا لجودة العمل من عدمه، فإن تقيبم الأعمال الفنية يبقى أمر نسبي حيث يمكن لعمل أن يتحصل على جوائز في مهرجان معين كما يمكنه أن لا يتحصل على أي شيء في مهرجان آخر و بالتالي هذا أمر طبيعي .. فهدفنا بالأساس من المشاركة في المهرجان هو تقديم العرض في أكبر مناسبة مسرحية وطنية لكي يشاهده المحترفون في المجال المسرحي و كذلك نوع من الترويج للعرض بحكم أن وسائل الاعلام بكل أنواعها المكتوبة و المسموعة و المرئية تكون حاضرة و جمهورالنقاد في و قد حققنا كل الأهداف المسطرة، أما بالنسبة للجوائز فحب الجمهور للعرض و تبنيه له هو أكبر جائزة .. أهم شيء في الموضوع أن الفلوكة مستمرة في تقديم عروضها و المشاركة في المهرجانات الوطنية و حتى خارج الوطن و هذا هو الهدف الأسمى . المسار العربي: كيف وقع الإختيار على الممثلة صابرينة قوريشى؟ وما سر التناغم الفني بينكما؟ سيف الدين بوهة:في الحقيقة مسرحية الفلوكة تجربة إنسانية قبل أن تكون فنية حيث ان التوزيع لم يكن بالطريقة المتعارف عليها، أي مخرج يختار نصا ثم يختار الممثلين .. القصة و ما فيها هي أننا التقينا ثلاثتنا انا و صبرينة قريشي و أحمد العڨون في عمل تلفزيونى ( سلسلة مسعودة) للمخرج نزيم قايدي رحمه الله ) و كانت أول تجربة لنا للعمل مع بعضنا البعض هناك جاءت فكرة عمل مسرحي ثنائي من اخراج احمد العڨون .. اتصلنا بالعديد من الزملاء و الكتاب من أجل ايجاد نص يرقى لما نصبو إليه لكن للأسف لم نجد نصا .. فأخذت مبادرة الكتابة و انطلقت في ذلك الى أن كتب النص و وافق الجميع على ذلك اتصلنا بالسينوغراف الاستاذ عبد الرحمان زعبوبي و الموسيقي حسان لعمامرة لمساعدتنا لأن العمل لم يكن له تمويل أصلا في أول الأمر فلم يتردد في المواففة على ذلك ثم بعدها قدمنا طلبا لصندوق دعم الإبداع بوزارة الثقافة و الفنون فواففت على ملفنا و اعطتنا مساهمة لإنجاز العمل .. هكذا وقع الاختيار بمعنى أن الفريق اختار بعضه البعض . المسار العربي:لابد من الحديث عن الجمهور الذى يتذوق الفكاهة ويحضر لأجلها،جمهور المدية خير دليل كيف كانت أجواء المهرجان وصولا إلى التتويج؟ سيف الدين بوهة:إن من أهم أهداف الفن تحقيق المتعة و الفكاهة و الضحك هي جزء من المتعة و بالتالي فهي القالب الأساسي الذي نطرح من خلاله موضوع المسرحية .. و أنا أعتقد و هو رأي شخصي أن الجمهور ليس الجزائري فقط و إنما في كل العالم يحتاج لهذا النوع من المتعة الا و هي الضحك خاصة في هذا الوقت بالذات لأننا عشنا أصعب مرحلة مر بها العالم و هي جائحة كورونا التي أثرت كثيرا على نفسيات البشر، رعب كبير و حالة حرب نفسية عالمية هددت حياتنا حيث ان العالم أخذ طريقا آخر و بالتالي فكلنا نحتاج للضحك لكي نحاول ترميم ما يمكن ترميمه في نفسياتنا .. اما عن جمهور المدية فهو جمهور خاص متخصص في مشاهدة المسرحيات الفكاهية بحكم أن المهرجان يقام منذ سنوات في الحقيقة كنا جد متخوفين من مواجهة ذلك الجمهور الذواق و المتطلب لكنه أحب الفلوكة و طاقم الفلوكة و كانت النتيجة التتويج بالعنقود الذهبي . المسار العربي: هل لكم مشاركة بمسرحية الفلوكة على مستوى النطاق العربي؟ سيف الدين بوهة:نعم سنشارك في الأيام المقبلة في المهرجان العربي vaga للمسرح بمدينة باجة التونسية و كذلك في مهرجان المسرح العربي في مدينة سطيفالجزائرية 9/المسار العربي: هل تعدون جمهور المدية بعرض فكاهي جديد فى الطبعة المقبلة؟ سيف الدين بوهة:إن شاء الله و هو من أهدافنا المستقبلية انجاز عمل مسرحي آخر و المشاركة به في أعرق مهرجان للضحك بالجزائرمع الاستمرار في توزيع الفلوكة 10/المسار العربي: فى ختام حوارنا ،لكم الكلمة الحرة سيف الدين بوهة:أود أن أعبر عن شكري الكبير لك سيدتي تركية على كل ما تقومين به من أجل الثقافة الجزائرية و العربية بصفة عامة و المسرح بصفة خاصة كما أشكر أيضا( جريدة المسار العربي) التي تتيح الفرصة للقاريء العربي و المهتم بأمور الثقافة للإطلاع على ما يجري في الوطن العربي من انتاج فني و تظاهرات ثقافية .. كما و أغتنم هذه الفرصة لكي أحيي الشعب الجزائري و كل الشعوب العربية و كل الفنانين في الوطن العربي دمتم للثقافة و دامت الثقافة بكم. الوسوم الفنان بوهة سيف الدين