عُرضت مسرحية "الفلوكة" للمخرج أحمد العقون وإنتاج جمعية "الصرخة" للمسرح من سكيكدة، أول أمس السبت، مفتتحة منافسة المهرجان الوطني 15 للمسرح المحترف، بالمسرح الوطني "محيي الدين بشطارزي" بالجزائر العاصمة. وتناولت موضوع الهجرة غير الشرعية في قالب فكاهي. وقد استمد المخرج من الكوميديا السوداء، أسلوبا للحديث عن قضايا اجتماعية مختلفة. مسرحية "الفلوكة" (80 دقيقة، إنتاج 2021) هي رحلة بحث عن إنجاب الأولاد في الطرف الثاني من البحر؛ حيث يقوم الزوج "علي" (سيف الدين بوهة) بشراء قارب بعدما باع ذهب وحلي زوجته "وردة" (صبرينة قريشي)؛ إذ عجزا عن حل مشكلتهما في بلادهما. واختار صاحب النص سيف الدين بوهة، تناول موضوع الحرقة من زاوية مختلفة عن التي يعرفها الجميع؛ فغالبا ما كانت الهجرة بداعي تحقيق حياة اجتماعية أفضل، وأهم روادها شباب ومراهقون، لكن العمل المسرحي أخذ ثنائيا لرصد بعض المشاكل الزوجية؛ كمنطلق لخطورة المغامرة في عرض البحر، نتائجها غير مؤكَّدة. وتجري أطوار القصة داخل قارب يشق البحر، نفهم ذلك من خلال السينوغرافيا البسيطة التي أعدها عبد الرحمان زعبوبي؛ فمن العناصر المستخدمة الحبال، والتي تمثل حواف القارب، وسترات النجاة. لكن ما يميز السينوغرافيا الأضواء، التي تعكس المواقف التي يمر بها الآخر، والتي دعّمت البناء الدرامي للمسرحية؛ فهذه الكوميديا السوداء زرعت الضحك حسب الرغبة، بينما تنقل رسالة قوية استوعبها الصغار والكبار، هي قصة زوجين لا يستطيعان الإنجاب، ويقرران "الحرقة" نحو إسبانيا؛ من أجل الاستفادة من العلاج الطبي، الذي سيسمح لهما بتحقيق حلمهما في تكوين أسرة. واستهلكت العديد من الفنون موضوع الحرقة، لكن قلّما عالجه المسرح. وفي "الفلوكة" تشريح عميق للظاهرة التي تندد بها منظمات دولية، وتستنكرها؛ لما تجنيه من أرواح وضحايا. ولا يتوقف الزوجان عن الجدل، ثم سرعان ما يتصالحان ضمن مشاهد هزلية، وأحيانا درامية؛ يستحضران ذكرياتهما الجميلة والسيئة. وفي بداية المسرحية، يكتشف الجمهور وردة، وهي امرأة قوية لا تسمح لنفسها بالرحيل، وعليّ الزوج الأناني والغيور. لكن في النهاية تتغير اللعبة، ويكتشف الزوجان في منتصف الطريق، أنهما سيكونان والدين، وهما يواجهان عاصفة آخذة في الارتفاع؛ ما أدى إلى فقدان المحرك، ثم يقرر الأب التضحية بنفسه من أجل إنقاذ زوجته وطفله. واستخدم المخرج طريقة المسرح داخل المسرح في مرحلة ما. وقام الممثلون بأداء مسرحية داخل العلبة الإيطالية، ثم تحوّل القارب إلى غرفة نوم، بعد أن تذكّر الزوجان اليوم الأول من زفافهما. وتَقاسم الأدوار في "الفلوكة" كل من الفنانة القوية صبرينة قويشى، وسيف الدين بوهة؛ فى تناغم كبير، ظهر من خلال شخصية الزوج الجزائري. الشق الثاني طرح الكاتب فيه هوسَ الإنجاب عند كل زوجة ممن تعذَّر عليها الحمل، فتتوقع الحلول من وراء البحر، وهنا تأتي مهمة "الفلوكة" التي دارت عليها أحداث المسرحية.