تشكل الزيارة التي يختتمها اليوم رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة إلى ألمانيا فرصة لمسؤولي البلدين لاستعراض وضع العلاقات الثنائية ودراسة سبل و وسائل تعزيزها بديناميكية بمستوى القدرات التي يزخر بها الاقتصاد الجزائري والألماني وستكون الزيارة فرصة سانحة لدراسة المسائل ذات الاهتمام المشترك و قضايا الساعة الدولية و وسائل إسهام كل طرف في تحقيق السلم و الأمن في العالم و في المجموعة الاورومتوسطية. وكانت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل أعربت لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في الزيارة التي قادتها إلى الجزائر في 2008 عن أملها في "تعزيز" و"تكثيف" التعاون الجزائري الألماني سيما على الصعيد الاقتصادي انطلاقا من شراكة "موثوقة وعادلة، ففي برقية بعثت بها للرئيس بوتفليقة قالت المستشارة الألمانية "أكون جد سعيدة إذا تمكنا من دعم تعاوننا حول المسائل الثنائية والدولية وتمكنا من تكثيفه على الصعيد الاقتصادي انطلاقا من شراكة موثوقة وعادلة خدمة لصالحنا المتبادل وأكدت ميركل بعد أن قدمت شكرها على الضيافة "المتميزة" والاستقبال "الحار" اللذين أحيطت بهما خلال زيارتها للجزائر أن المحادثات "الكثيفة والودية" التي أجرتها مع الرئيس بوتفليقة كانت "جد مثرية"، وأضافت تقول "بعد إقامتي بالجزائر عدت وأنا تغمرني مشاعر كثيرة إزاء بلدكم و سكانه" وكانت الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى ألمانيا في أفريل 2001، سمحت ببعث حركية جديدة لعلاقات الصداقة والتعاون الثنائي، وعرفت العلاقات الاقتصادية بين البلدين خلال السنوات الأخيرة تقدما معتبرا، خاصة و إن ألمانيا تعد شريكا تقليديا للجزائر، خصوصا في مجال التكوين وقال المتحدث الرسمي عن الرئيس الألماني أثناء زيارة بوتفليقة إلى ألمانيا في 2001 ، أن هذه الحركية الاقتصادية بين الجزائروألمانيا سمحت برفع حجم المبادلات التجارية لمبلغ 2.283 مليار دولار خلال السنة الجارية. فرصة لتحديد مجالات جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين وستكون الزيارة الرسمية التي سيقوم بها رئيس الجمهورية إلى ألمانيا فرصة للبلدين لتحديد مجالات جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي كما أن هذه الزيارة تعكس إرادة الجزائروألمانيا المشتركة في البحث عن إمكانيات أخرى للتعاون و الاستفادة أكثر من قدرات البلدين بغرض "تعزيز ما تحقق لغاية اليوم في ظل علاقة تعرف تطورا مستمرا" خاصة بعد الزيارة الأولى التي قام بها الرئيس بوتفليقة إلى برلين سنة 2001 كما ستسمح هذه الزيارة لقيادة البلدين بتقييم العلاقات الثنائية و دراسة سبل إرساء ديناميكية جديدة تتكيف مع القدرات الاقتصادية للبلدين. كما ستكون فرصة لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك و القضايا الدولية وكذا النظر في إمكانيات كل طرف في المساهمة في الأمن و السلم في العالم و في الدول الأورو متوسطية خاصة حسب بيان الرئاسة كما ان هذه الزيارة تأتي في مرحلة تعرف فيها العلاقات بين الجزائر و برلين "تطورا معتبرا من حيث النوعية والكثافة" خاصة خلال السنوات الأخيرة ويترجم هذا التطور في تبادل الزيارات على أعلى مستوى بين البلدين منها زيارة الرئيس الفدرالي السابق هورست كوهلر للجزائر سنة 2007 و الزيارة المماثلة التي قامت بها المستشارة السيدة أنجيلا ميركل سنة 2008 إن الإرادة السياسية المشتركة و المصالح الاقتصادية و الجيو-إستراتيجية للجزائر و ألمانيا "تبقى مواتية لتعزيز التبادل الاقتصادي و التعاون المشترك في العديد من القطاعات المربحة رغم الأزمة الاقتصادية و المالية العالمية. البحبوحة المالية للجزائر تسمح بالاستفادة من عناصر التكامل التي تميز اقتصاد ألمانيا وفي هذا الصدد أشار المصدر إلى أن عدم وجود خلافات بين البلدين إضافة إلى "الوضعية المالية المريحة" للجزائر تسمح بالاستفادة من كل عناصر التكامل التي تميز اقتصاد الجزائر و ألمانيا. وقد أبدى المتعاملون الألمان "اهتماما شديدا" لتطوير العلاقات مع نظرائهم في الجزائر في مجال الطاقة المتجددة و تكنولوجيات البيئة و البناء و تصليح النقل البحري و النقل و المنشآت و الصناعة الكيميائية. اهتمام ألماني كبير للضفر بمشاريع المخطط الخماسي كما عبرت العديد من المؤسسات الصغيرة و المتوسطة الألمانية عن رغبتها في المساهمة في انجاز العديد من المشاريع التي تضمنها المخطط الخماسي 2010-2014 خاصة فيما يخص السكن و الطرقات علما بأنه قد حل بالجزائر خلال هذه السنة فقط أربعة وفود من رجال الأعمال يمثلون الولايات الفدرالية الألمانية. وحجم المبادلات التجارية في بين البلدين في ارتفاع مستمر ومن جهة أخرى فأن حجم المبادلات التجارية بين الجزائر و ألمانيا قد عرف خلال سنتي 2008 و 2009 مستوى "معتبرا" إذ بلغ على التوالي نسبة 32ر1 مليار دولار و 76ر2 مليار دولار أما فيما يخص سنة 2009 فقد بلغ حجم المبادلات التجارية نسبة 96ر2 مليار دولار أي بنسبة ارتفاع بلغت 7 بالمائة كما تم في نفس السنة تسجيل انخفاض "ملموس" في حجم صادرات الجزائر إلى ألمانيا بنسبة -109 مليون دولار وخلال السداسي الأول من سنة 2010 توضح الإحصائيات أن ألمانيا قد احتلت المرتبة الرابعة بين الدول المصدرة للجزائر بقيمة تقدر ب 276ر1 مليار دولار أي اقل ب 9ر12 بالمائة مقارنة بنفس السنة خلال السنة الماضية ويسجل أن ألمانيا لا توجد ضمن قائمة الدول ال15 الأولى لزبائن الجزائر خلال السداسي الأول من سنة 2010 و هذا يعني إن الصادرات الجزائرية نحو برلين لم تتعد قيمة 203 مليون دولار وللإشارة فان الجزائر تستورد من ألمانيا التجهيزات الميكانيكية و الكهربائية و الحديد و الصلب و السيارات و المواد الكيمياوية و الدهون و بالمقابل تتشكل صادرات الجزائر أساسا من الطاقة (البترول و الغاز) و مشتقاتها. أن مستوى التبادل و التعاون بين البلدين تدعمه الغرفة الجزائرية الألمانية للتجارة و الصناعة التي أنشأت سنة 2006 و التي تعد 620 منخرطا منها ما لا يقل عن200 مؤسسة ألمانية تنشط في الجزائر. ويلاحظ في هذا السياق أن أهم مجال للتعاون الجزائري الألماني يتمثل في التكوين لصالح المؤسسات المتوسطة و الصغيرة. الاستثمار الألماني ايجابي و خلاق لمناصب الشغل وبالنسبة للجزائر يعد الاستثمار الألماني "ايجابي و خلاق لمناصب الشغل وللثروة و يتطابق مع مبدأ المنفعة المتبادلة" رغم كونه "دون طموحات" البلدين لكن بإمكانه التطور مستقبلا حسب المختصين أما عن الجانب العلمي فقد أمضت الجزائر و ألمانيا اتفاقية تخص مشروع إنشاء برج شمسي بولاية تيبازة و ستنطلق أشغال التنفيذ في الثلاثي الأول من سنة 2011 علما بان ألمانيا ستمول الجزء الأكبر لهذا المشروع وتبدي ألمانيا التي تعد رائدة في الطاقات الجديدة اهتماما كبيرا بمشروع آخر هو "ديزرتك" قيمته 400 مليار دولار وهو حاليا قيد الدراسة و يهدف إلى استغلال الطاقة الشمسية الجزائرية لإنتاج الطاقة البديلة. ويرى المصدر الدبلوماسي ان ألمانيا "كبلد فعال" على الساحة الدولية خاصة بعد الوحدة سنة 1990 و لكن أيضا بدوره "المحرك" ضمن الاتحاد الأوروبي "بإمكانه أن يقدم الكثير للجزائر في سياستها التنموية الحالية ويشير نفس المصدر إلى أن ألمانيا التي ترشحت لمنصب دائم في مجلس الأمن لهيئة الأممالمتحدة تعد قوة اقتصادية كبرى "يمكنها أن تفرض نفسها في المجال السياسي" و أن شراكة قوية مع هذه الدولة "الصامدة أمام الأزمة الاقتصادية و المالية العالمية يسمح بنقل التكنولوجيا و المعرفة إلى الجزائر.