في الجزائر وحدهم أهل الفكر لا يمارسون مهامهم، مع استثناءات قليلة فأغلب النخبة يمارسون مهام خارج مجال تغطيتهم، ومع الأسف هؤلاء فضلوا أن يكونوا مجرد " قهاوجية" لدى السياسيين، فلا مانع لهم إن كانت مهامهم في وقت فراغهم في المساء هي صب "القهوة" لضيوف رئيس الحزب، والصراحة لا أحد يعرف كيف ارتضى هؤلاء هذه المهانة لأنفسهم لا لسبب سوى أنهم يبحثون عن مكان لهم في المجالس المختلفة، ولا يتم لهم ذلك حسب فهمهم للسياسة سوى بلعب دور " القهواجي" والغريب أن هذه الشريحة تجد نفسها في المواعيد الانتخابية، على الهامش أو في ذيل القوائم، بينما يصعد في أعلى القوائم، أمثال " مدام دليلة" من الحلاقات، واصحاب الشكارة. الظاهرة منتشرة بكثرة للدرجة التي ما عادت لنا نخبة أو أهل فكر محل ثقة، فأفكار كثيرة تقرأها وتحترمهما ولكنك لا تحترم أصحابها حين تتعرف عليهم بعد أن ضربت عليهم الذلة والمسكنة. وحدها الجزائر من دون سائر البلدان تتخلف فيها النخبة وتختار آخر الصف في انتظار من تؤول إليه الأمور، بينما في كل بلدان العالم سواء كانت متخلفة او متقدمة تصنع النخبة فيها الحدث، ويعد المفكر فيها مثل القديسين، والصراحة أن السياسة في بلادنا كشفت عن معدن الكثير من ممارسي الفكر وظهر أن لهم وجهين، وجه الفضيلة الذين يقدمونه للناس في أفكارهم وفي الكتب، ووجه " الذلة والمسكنة والشيته" الذي يمارسونه خلف ستائر السياسة.