شهدت الأيام الأولى من رمضان في العاصمة إقبالا كبيرا على الأسواق الشعبية والمحلات التجارية لاقتناء مختلف المواد الغذائية والمستلزمات الخاصة بهذا الشهر الكريم رغم ارتفاع الأسعار، بل إن الكثير من السلع نفدت في اليوم الأول من رمضان في العديد من المحلات سويعات قبل الإفطار، حتى يخيل لك أن كل السلع الغذائية ستنفد من السوق خلال أيام. وكانت أكثر هذه المواد الغذائية طلبا للخبز والحليب اللذين نفدا بسرعة في العديد من المحلات بالجزائر الوسطى إلى الزيتون بأنواعه واللحوم البيضاء والحمراء لإعداد "الشربة" التى تظل سيدة مائدة الإفطار مهما كانت بورصة الأسعار مرتفعة إضافة إلى التمور التي وصلت أسعارها إلى مستويات خيالية لامست سقف 300 دينار للكيلوغرام الواحد وهو ما أدى إلى حرمان عائلات جزائرية من تناوله. أحدهم قال لتاجر يشكو له حاله "مدخولي اليومي لا يتجاوز 500 دينار، التمر ..أنساه حتى العام القادم". الزلابية .. لمن استطاع ككل رمضان يشهد الطلب على الزلابية ارتفاعا كبيرا، وتغير الكثير من المحلات التجارية نشاطها لتختص في بيع الزلابية حتى تتكيف مع مقتضيات السوق الرمضانية، ويشتهر الإخوة التونسيون بطبخ الزلابية حيث تنتشر محلاتهم في العديد من نواحي العاصمة وفيهم من يأتي خصيصا في رمضان إلى الجزائر لطبخ وبيع الزلابية التي تدر عليهم أرباحا كبيرة خلال شهر واحد حيث ارتفعت أسعارها هذه السنة إلى 150 دينار للكيلوغرام بعدما كانت 120 دينار في رمضان الفارط، مما أثار اندهاش الزبائن ومع ذلك كان الإقبال كبيرا على محلات بيع الزلابية التي نفدت في بعض المحلات ساعتين قبل الإفطار. وهناك من العائلات العاصمية من يكلف نفسه عناء الذهاب إلى بوفاريك لشراء زلابية بوفاريك الأجود بين جميع أنواع الزلابية والتي تختص ببيعها عائلتان أو أكثر مشهورة بالولاية مع استثناء الهواة. وقد عزف البعض عن شرائها لارتفاع ثمنها واكتفى بجلب كميات قليلة منها لتزيين مائدة القهوة. قوات الأمن تنشر الطمأنينة في العاصمة بداية شهر رمضان في العاصمة تبدو هادئة والطمأنينة بادية في وجوه العاصميين، ويبدو أن العمليات الانتحارية التي شهدتها ولايات تيزي وزو والبويرة وبومرداس لم تؤثر على معنويات العاصميين حيث يتجولون في الليل والنهار منهمكين في قضاء حوائجهم وأداء عباداتهم دون أن يعكر صفوهم التهويل الإعلامي الذي يثار حول الوضع الأمني في الجزائر، فقوات الأمن بالزي الرسمي والمدني منتشرة بكثافة خاصة في الأماكن والشوارع التي تشهد ازدحاما كبيرا، وقل نشاط اللصوص في الأسواق الشعبية بسبب التواجد الكثيف لقوات الأمن وانتشار كميرات المراقبة في العديد من الأحياء والأزقة، وقد تفاجأنا ونحن نتجول في أرجاء العاصمة بعد منتصف الليل لوجود عائلات تتمشى في هذا الوقت المتأخر، فضلا عن الشباب الذي يسهر إلى ساعات متأخرة من الليل. الحانات مغلقة وأبواب المساجد للصغار والكبار يلاحظ المتجول في أهم شوارع العاصمة أن جميع الحانات ومحلات بيع الخمور والمطاعم التي تقدم مشروبات كحولية يتم إغلاقها بموجب القانون طيلة هذا الشهر الكريم،، وبالمقابل من ذلك يقبل الكثير من الجزائريين شبابا وشيوخا رجالا ونساء على المساجد لأداء الصلوات خاصة صلاة التراويح حيث يتسابق المصلون للصلاة وراء أفضل المقرئين وأحسنهم صوتا وتجويدا للقرآن، وكلما سمع الناس بوجود مقرىء حسن الصوت والتجويد أسرعوا للصلاة خلفه حتى أنك لا تكاد تجد مكانا للصلاة فيه بسبب كثرة المصلين في هذا المسجد أو ذاك. وفي هذا الشهر الكريم يتجسد الكرم الجزائري حيث يتهافت الناس على التصدق والتبرع للفقراء والمساكين ولمطاعم الرحمة، ويكثر التكافل الاجتماعي والتراحم بين المسلمين في الجزائر حيث يكثر تبادل الزيارات بين الأهل والأقارب والأصدقاء ويتنافس الناس لإفطار الصائمين ودعوة الفقراء وأبناء السبيل والعزاب للإفطار معهم في جو عائلي وحميمي يضرب به المثل في تلاحم المجتمع الجزائري وتضافره. استطلاع: مصطفى دالع