ارتفعت أمس الحصيلة الأولية لفيضانات غرداية إلى 38 قتيلا و100 جريح، حسب مصادر طبية، وهي مرشحة للارتفاع في ظل وجود العديد من السكان تحت الأنقاض بعد أن ارتفع منسوب مياه الأمطار يوم الأربعاء الفارط إلى أزيد من ثمانية أمتار، وهو ما لم تشهده هذه المنطقة الصحراوية منذ قرن، مما أدى إلى كارثة حقيقية. وتدخلت قوات الجيش إلى جانب عناصر الحماية المدنية مستعملة المروحيات وحتى الزوارق البحرية في عمليات الإنقاض والإجلاء، حيث تم جلب 18 زورقا بحريا للمدينة للوصول إلى الأحياء التي غمرتها مياه الأمطار، وإنقاذ المنكوبين الذين تقطعت بهم السبل بعد أن حاصرتهم المياه التي تسببت في قطع شبكات المواصلات والكهرباء والغاز. وتجمع نحو 5000 من سكان مدينة غرداية التي يبلغ مجموع سكانها مئة ألف نسمة وطالبوا الحكومة بتقديم مزيد من الإعانات والمعونات، وكانت الحكومة برئاسة أحمد أويحيى قد أعلنت منطقة غرداية منطقة منكوبة وأرسلت على جناح السرعة 400 طن من المواد الغذائية و200 ألف وحدة من الأغطية وأكثر من ألف خيمة ومولدات كهربائية ومحطة لمعالجة وإنتاج المياه الصالحة للشرب. وكان وزير الداخلية نور الدين زرهوني قد أعلن عقب تفقده يوم الأربعاء لمدينة غرداية عبر المروحية عن تضرر ما بين 300 إلى 600 منزل منذ بدء تهاطل الأمطار، حيث تم تشكيل خلية أزمة على مستوى وزارة الداخلية والجماعات المحلية لتقييم الخسائر البشرية والمادية، مرجحا أن ترتفع حصيلة ضحايا الفيضانات التي ذكر والي غرداية يوم الخميس الفارط أنها بلغت 30 قتيلا و50 جريحا. ولم تقتصر الخسائر على ولاية غرداية فقط بل شملت عدة ولايات كالجلفة التي أحصت قتيلين وستة جرحى، وتلمسان في أقصى الغرب الجزائري التي خلفت بها الأمطار الغزيرة مقتل شخص وجرح 13 آخرين في حين سجلت ولاية وهران انهيار العديد من المباني القديمة. أيوب فخر الدين جهود الإغاثة متواصلة، والسكان يطالبون بتعجيل المساعدة واصلت فرق الاغاثة أمس الجمعة عمليات البحث عن الضحايا تحت انقاض المنازل التي انهارت في غرداية، وتعكف الحماية المدنية والهلال الاحمر والكشافة الاسلامية الجزائرية، اضافة الى مئات المتطوعين، على اغاثة آلاف المنكوبين الذين فقدوا كل ممتلكاتهم. ووقف احد سكان وسط مدينة غرداية امام منزله الذي غمرته الاوحال والانقاض وصرح لإحدى وكالات الأنباء الغربية قائلا "دمرت مئات المنازل في المنطقة وتضررت الآلاف وباتت غير قابلة للسكن"، وأضاف "إننا لم نتمكن من اخذ اي شيء معنا، لأن الوقت لم يسعفنا الا للهرب". وقال اخر "انه امر لا يتصور، انها كارثة حقيقية" مؤكد ان اربعة اشخاص لقوا مصرعهم في تلك البلدة وأن ثلاثة اخرين ما زالوا مفقودين في حين ما زالت اجهزة الاغاثة تبحث بين انقاض المنازل المجاورة عن ضحايا محتملين. وصرح رجل اخر "سنضطر الى تدمير المنازل لأن اسسها اهتزت بالسيول، وإعادة بناء كل شيء" معربا عن الأسف لقلة الوسائل المتوفرة لدى رجال الاغاثة، على حد قوله. ووصلت قوافل من الشاحنات المحملة بمواد غذائية اساسية الى غرداية من المدن المجاورة التي تبعدها احيانا بمئات الكيلومترات. لكن العديد من الطرق ما زال مقطوعا جراء سيول تكثفت خلال ثلاثة ايام من الامطار الغزيرة ولا سيما يوم الأربعاء عندما هطلت بشدة غير معهودة في تلك المنطقة التي تعتبر بوابة الصحراء. وفي حين تضررت ثماني بلديات بشكل خاص من السيول، شهدت غرداية افدح الخسائر، ونظمت عملية التضامن التي ساهم فيها الجيش الوطني الشعبي الذي وضع امكاناته الجوية تحت اجهزة الاغاثة. وقام اصحاب المنازل غير المتضررة من جهتهم بإيواء المشردين ومنحوهم طعاما، في حين ارسلت آلاف الخيام والاغطية والمولدات الكهرباء ومضخات المياه والمخابز المتنقلة. كما التحقت عدة فرق طبية بغرداية حيث اتخذت اجراءات صحية تفاديا لتفشي الاوبئة التي قد تنجم عن تلوث المياه، لا سيما ان الادوية اتلفت بسبب السيول. يشار إلى أن مجلسا وزاريا ترأسه رئيس الحكومة أحمد أويحيى عقد أول أمس الخميس لتقويم الاضرار التي تسببت فيها هذه الفيضانات وحاجات السكان. وأشار بيان الداخلية الى انه "تم تجنيد ونقل كافة الامكانات البشرية والمادية من الجزائر العاصمة والولايات المجاورة الى مكان الكارثة، ويتعلق الامر ب 310 عناصر من الحماية المدنية مدعمين بإمكانيات بشرية محلية وجرافات ومولدات كهربائية ومضخات آلية وقوارب مطاطية ووسائل انقاذ اخرى". للتذكير شهدت عدة مناطق جزائرية خلال ال 48 ساعة الماضية تساقط الامطار بلا توقف، بينها بالخصوص الجلفة حيث قتل شخصان بينهما طفل في السادسة من العمر في فيضان مفاجىء لواديين اثنين، كما انتقلت السيول إلى ولاية ورقلة متسببة يوم امس في وفاة شخصين.