أدانت محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجزائر أمس، رعية من موريتانيا بتهمة "الإنتماء لجماعة إرهابية تنشط في الداخل"، بالسجن مع النفاذ خمس سنوات، وكشفت حيثيات المحاكمة عن تفاصيل قصة غريبة رواها المتهم بلسانه لما كانت نيته "التوجه للقتال في العراق"، لكن "الجماعة السلفية للدعوة والقتال " "إستوقفته" في شمال مالي وغيرت مصير حياته كما كان يسرد. وتعد قضية "محمد بن محمود" الأولى من نوعها في تاريخ ملفات القضاء، بحكم جنسيته الموريتانية، حيث لم يسبق أن عرض على القضاء المحلي أي عنصر من "الجماعات الإرهابية" من موريتانيا، بينما شهد التاريخ محاكمة مغاربة، وقد سارت المحاكمة منذ بدايتها على وقع "إعتراف" كامل من "بن محمود" بفصول قصته وانطلاقته من أحد مساجد العاصمة الموريتانية نواكشوط على أمل "الوصول إلى المقاومة العراقية". واعترف محمد بن محمود، الذي ألقي عليه القبض بصحاري جنوبالجزائر، سنة 2007، بأنه لم يكن لديه النية في القيام بأعمال إٍرهابية بالجزائر، وصرح بأنه كان ينوي الالتحاق بالجماعات المقاتلة في العراق، وكشف المتهم أنه دخل التراب المالي بمساعدة شخص يدعى"معاوية"، وتدرب في منطقة معزولة بمالي رفقة عدد من المجندين الجدد، لحمل سلاح الكلاشينكوف على يد شخص يدعى"بلال"، وقال إنه كان ينوي الدخول للعراق برا بعد أن تعذر عليه اقتناء تذكرة السفر إلى سوريا جوا. وكشف عن "معسكرات تدريب" منتشرة في مناطق صحراوية شمال مالي "جرى تدريبي فيها على إستعمال سلاح (الكلاشينكوف)"، و زاد " دربني مسؤول عسكري يدعى (بلال) وكان على دراية واسعة بتكتيكات الحروب". وكان قد دخل الجزائر في صيف 2007، وبقي لمدة 27 يوما رفقة جماعة إرهابية، حيث صرح بأنه لم يكن على دراية بأعمالها الإرهابية، إلى غاية تنقله على متن سيارة رباعية الدفع إلى منطقة عين أميناس، ضمن ثلاث مجموعات من العناصر المسلحة، حيث ترصدته قوات الجيش الوطني وأطلقت النار عليهم، وتمكنت من القضاء على عدد من الإرهابيين، رغم فرار البعض في حين أصيب هو بجروح على مستوى الصدر والكتف، ونقل للعلاج قبل التحقيق معه في ولاية ورقلة. وقال المحامي مصطفى بوشاشي، أنه لا يوجد ما يثبت أن المتهم ينتمي إلى جماعة إرهابية تنشط بالداخل، بدليل أنه صرح بنيته الذهاب للعراق عن طريق الشرق الجزائري، ورأى النائب العام في جلسة الرعية الموريتاني، أن "إعترافه بالإنتماء" يعني "الحبس عشرين سنة مع النفاذ"، لكن دفاعه المحامي مصطفى بوشاشي استند "لاعترافه وصراحته"، وزاد إلى ذلك "غياب الجناية ما دام كانت له النية فقط للقتال في العراق"، ليعلن رئيس الجلسة في الأخير "حبسه خمس سنوات". وستفصل الدورة الجنائية قريبا، في ملف موريتاني ثان سيمثل رفقة 26 متهما آخرين في تهم "ربطت بين الإرهاب والسرقة والتزوير"، وذلك في جنايات تقليد أختام الدولة وتزوير هياكل المركبات مع حمل سلاح حربي، إضافة "للانخراط في جماعة إرهابية والسرقة".