يفضل بعض الجزائريين الانفلات من عادات الزواج التقليدية،وآخرين لا يسعهم سوى إنفاق كل ما لديهم لإحياء أسعد يوم في حياتهم. الحب جنون يترك أثار أنياب ضخمة في محفظتك المالية". هكذا عبّر نبيل الذي يبلغ 30 عاما باختصار عن حالة الأزواج المخطوبين في الجزائر قبل أن يتزوجا رسميا يجتاز الخاطب ومخطوبته مراحل تقليدية...وينفقان مبلغا كبيرا من المال لأجل ذلك. أولا يطلب الخاطب يد البنت خلال حفل عائلي مصغر للأسرتين في بيت البنت بحيث يتفاوض أفراد الأسرتين بشأن الصداق وطبيعة الهدايا وكيفية تقديمها من قبل الخاطب لزوجته المستقبلية. وبعد المفاوضات التي تتخذ طابع المحادثات المقاولاتية ويُبدي كل طرف رضاه عن الآخر، يتم اعتبارهما مخطوبَين. وقبل نهاية الزفاف سيكون على الأسرتين معا إنفاق كل ما لديهما من مدخرات عن آخرها. وقالت ليلى التي ستتزوج قريبا "الزواج مكلف جدا". ذلك أنها أنفقت أصلا 400 ألف دينار لزواجها، وأضافت "قمت بكل ما لدي من مجهودات لتقليص النفقات وتفادي إهدار المال. لكن هذه مهمة صعبة. "العائلة تمارس عليك الكثير من الضغوط" أنفقت 100 ألف دينار لاستئجار قاعة للحفلات ثم 150 ألف لشراء ألبسة العرس التقليدية لحفل الزفاف ثم كعكة الحفل والعشاء لنحو 200 من الضيوف. كما ادخرت مبلغا محترما لمستلزماتها التزيينية لبيت الزوجية الجديد من غطاء وأقمشة سرير النوم والستارات وأقمصة النوم واللباس النسائي الخاص. وكما تُملي التقاليد، فالعروس نفسها تقوم بصنع وتطريز لباسها تجسيدا لتعهدها بالحياة الجديدة. لكن اليوم الأمر أسهل بكثير لما تشتري كل شيء جاهز. قالت ليلى عن ذلك "إنها مسألة المحافظة على المظاهر، نوع من المباهاة بين الناس بالتفوق في الحجم والنوعية والكلفة، وهذا هو الجانب الأكثر إثارة من عمليات الاستعداد للزفاف، الناس يتمتعون بشراء كل هذه الأشياء". لقد جعلت الحياة العصرية العديد من التقاليد الجزائرية بمثابة عادات نسيها الدهر في الماضي كان الضيوف يجتمعون في بيت أسرة الخاطب أو المخطوبة. أما اليوم ومع كثرة الضيوف الذين يزيد تعدادهم أحيانا عن 200 شخص ومع ضيق الوقت لإعداد مُشهيات أصيلة والطعام فإن متعهدي الحفلات قد أتوا لنجدة الناس. هناك اليوم محلات تؤجر ألبسة الزفاف كلباس "كراكو" الذي يريديه أهل قسنطينة عادة، و"الشدة" المتداول في تلمسان. وليس على الأزواج اليوم صناعة أو شراء الألبسة التقليدية بعد اليوم. وتتنوع التقاليد من منطقة لأخرى. فهناك الحفلات المفرطة في الإنفاق في تلمسان عاصمة الزيانيين، حيث تقارب فيها كلفة الأعراس أحيانا نصف مليون دينار جزائري. ومن المعتاد أن يهدي الخطيب زوجته المستقبلية سوارا أو قطعة حلي قد يبلغ سعرها 100 ألف دينار. أسرة العريس تُقدم هدايا لوالدي العروس. وفي منطقة القبائل، من جهة أخرى الصداق عادة ما يكون رمزيا وليس هناك تقليد يطالب زوج المستقبل بهدايا مرتفعة السعر. قال مقران الذي يبلغ 28 عاما ويستعد للزواج في غضون أيام قليلة "أعرف أن كلفة الزفاف مرتفعة لكن الذكريات الممتعة تبقى معك كل حياتك. كما أنك لا تتزوج إلا مرة واحدة". وأضاف "العرس في الجزائر بمثابة تعبير عن طبيعة الكرم للبلد. الناس يتقاسمون سعادتهم من الجميع".