تستقطب منتوجات وتاريخ أول محل أنشئ من قبل جزائري لصناعة المجوهرات بمدينة قسنطينة اهتمام الجمهور الغليزاني الزائر للمعرض المنظم منذ يوم الأحد الماضي في اطار الأسبوع الثقافي لمدينة الجسور المعلقة. ومما يلفت انتباه كل متردد على هذا الجناح هو تاريخ دخول المحل في مرحلة النشاط الذي يعود الى سنة 1936 من طرف الحرفي الراحل محمد منيعي. وأوضح ل "وأج" حفيده الذي يحمل نفس الاسم أن فتح هذه الورشة بمدينة قسنطينة قد جسد بفضل تشجيعات وتوجيهات رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس بغية تكريس شكل من أشكال "المقاومة الاقتصادية والتجارية" للمستعمر الفرنسي أنذاك. وبالفعل عملت العائلات القسنطينية منذ ذلك التاريخ على مقاطعة المنتوجات المصنعة من طرف الحرفيين المعمرين والذين كانوا يهيمنون على هذا النوع من الصناعة التقليدية مفضلة بذلك اقتناء المجوهرات الذهبية والفضية لعرائسهن من أول محل ملك لجزائري بحي "رحبة الصوف" الشعبي والعتيق رغم المنافسة الشرسة والحملات الدعائية للصياغين الفرنسيين. للإشارة فقد لوحظ على مستوى جناح المحل المذكور رض نسخة من بيان اشهاري صدر لى صفحات مجلة "الشهاب" في يوم 21 فيفري 1939 تم إبراز من خلاله طبيعة نشاط ما سمي "بالمصنع الإسلامي لصنع الصياغة وبيع وشراء الذهب والفضة" حيث يقوم صاحبه -حسب نفس النص- " بصناعة الحلي الجديد على النمط القديم والعصري وترقيع القديم باتقان وبأسعار مرضية". كما تضمنت المساحة الإشهارية حسبما ورد بالمجلة حرفيا هذا النداء "أيدوا اليد العاملة من اخوانكم" و" أقصدوا هذا المصنع الاسلامي الوحيد لصاحبه منيعي محمد..." وقد أصبحت بالتالي أول ورشة لصناعة المجوهرات ملك لجزائري بقسنطينة مع مرور الزمن والأحداث معلما تاريخيا وجزء لا يتجزأ من الموروث الثقافي والتراثي الأصيل الذي استطاعت مدينة الصخر العتيق الحفاظ على مختلف معالمه الحضارية. وقد أوضح نفس المصدر أن هذا النوع من النشاط الحرفي قد توارثه الأبناء ثم الأحفاد على مدار أكثر من سبعين سنة وقد أصبحت العائلة تتوفر حاليا على سبعة محلات لصناعة المجوهرات مضيفا أن الحرفة لا تزال تحظى باهتمام الشباب غير أن الجيل الحالي يبقى -كما قال- يفتقر على عكس الأسلاف الصبر اللازم لتعلم كل تقنياتها المطلوبة بل يفضل تحقيق النتائج الآنية لبلوغ الاتقان. يذكر أن المجوهرات المختلفة الأشكال المعروضة بمناسبة هذا الأسبوع الثقافي الذي ستمتد فعالياته الى غاية يوم الخميس القادم قد نالت اعجاب الزوار من سكان مدينة غليزان خاصة فئة النساء منهم حيث تمكنن من اكتشاف السلاسل القسنطينية "المخبل" والسخاب" و"خيط الروح" المصنعة بالفضة الممزوجة بالذهب وأحجار "الجوهر" فضلا عن الأقراط والخواتم والتاج و الأحزمة وغيرها. وقد أشار الحرفي العامل بنفس المحل السيد يزيد عيساوي الى أنه يتم استعمال لتزيين المجوهرات حجرة "ثلاثية الأوجه" النادرة والتي لم يعد لها وجود في السوق الوطنية مع العلم أنه يتم الاعتماد منذ سبعة عقود على نفس التقنيات والمهارات الحرفية التقليدية التي ترتكز على العمل اليدوي دون اللجوء الى أية آلة مهما كان نوعها. وبالرغم من ظهور أصناف وأشكال جديدة من المجوهرات الذهبية والفضية وبأسعار منخفضة في بعض الحالات غير أنه لا يزال الحلي القسنطيني التقليدي بطابعه الفريد وجمالياته المتميزة محل طلب محبي هذا النوع من الزينة الراقية وخاصة العارفين بقيمتها سواء من داخل أو خارج الوطن -يضيف نفس المتحدث-.