يسعى المسرح الايفواري الذي لا طالما استمد إلهامه من حياة الشعب الاجتماعية و السياسية الى النهوض من جديد بعد غياب عن الجمهور دام ثلاثة عقود و كاد هو الأخر أن يزول بسبب انعدام الأمن حسبما علم من صديقي باكابا مدير قصر الثقافة بأبيجان. و يروي باكابا بصفته مخرج و ممثل و سينمائي أولا و قبل كل شيء مسار الحركة المسرحية الايفوارية التي توقفت بشكل مفاجئ سنة 1975 بعد مرحلة تألق و بروز ميزت الفترة الممتدة من 1969-1974. و قال في هذا الشأن أن "المسرح بكوت ديفوار شهد فترة من 1969-1974، بحيث كان الإنتاج وافرا و كانت المواسم المسرحية تنظم على مدار السنة" مضيفا أنه "كان ذلك شيء رائع حتى و إن كانت المسرحيات تعرض في قاعة واحدة". و أشار باكابا يقول "كلما أثارت المسرحيات حماس و اهتمام الايفواريين كلما أصبحت تثير انزعاجا و قلقا متزايدا إذ أنها أضحت مكان تفكير نقدي و معالجة قضايا حساسة تخص تسيير استقلال البلاد على سبيل المثال". و تأسف باكابا "و هكذا تعرضت الحركة المسرحية إلى نوع من التوقف المفاجئ عقب قرار غلق قاعة العرض الوحيدة منذ سنة 1975" معتبرا هذا الإجراء بمثابة "رقابة سياسية غير مباشرة " ترمي الى عرقلة الديناميكية التي بدأت تنشرها فرقة المسرح حينئذ و التي جردت من أدنى فضاء للتعبير. كما عبر عن أسفه الشديد إزاء هذا الوضع الذي لم يترك أدنى خيار لعشاق الفن الرابع سوى الاكتفاء بحضور العروض المسرحية التي كانت تبرمج بالمركز الثقافي الفرنسي مشيرا الى شعور الايفواريين آنذاك بأنهم "مستبعدين و غير معنيين بما كانت تعرضه المسرحيات الفرنسية". و أوضح باكابا أنه منذ تلك اللحظة بدا شعور حرمان كبير يتنامى لدى الشعب الايفواري إلى حد دفع بالبعض من بين الفنانين الى اللجوء الى الخارج لتكريس حياة مهنية مع إبقاء الاتصال دائم مع الفنانين البارزين من اجل تلقينهم التقنيات المسرحية. و من جهة أخرى أوضح باكابا أن "الجانب النظري طغى على الجانب التطبيقي إذ اقتصر عملهم على التعليم في مراكز الفنون المختلفة" مع الإشارة إلى أن المسرح سجل عودة في مطلع عام 2000 إلا أن الجمهور بقي غائبا بعد انقطاع طويل عن المسرح". و أكد باكابا انه من بين المهام الحالية لقصر الثقافة الايفواري إعادة بعث التقاليد المسرحية لدى الجمهور علما أن هذا الأخير يتشكل من "جيل لم تطأ قدماه خشبة المسرح و لا يعرف من هذا المسرح إلا مسرحيات اسبانية تعرض في نهاية السنة الدراسية بالمدارس". و اعتبر باكابا أن "مصالحة الجمهور الايفواري مع المسرح ليس بالأمر الهين" مشيرا إلى أن الرهان الحالي المطروح يتمثل في انتهاج درب الاحترافية و الجودة". و أشار في الأخير إلى الخلط الكامن بين المسرح المحترف و العروض المقدمة في الهواء الطلق و التي تحشد جمهورا غفيرا مرجعا ذلك إلى اللا أمن الذي ساد سنون طويلة. سعاد طاهر / م