لم تستعجل لندن تسليم عبد المؤمن خليفة للحكومة الجزائرية بعد أن كان قرار الترحيل قد حدد بنهاية شهر ماي و رحبت به الجزائر على لسان وزير العدل الطيب بلعيز و كانت الحكومة الجزائرية على دراية بأن القرار ليس نهائيا و قد يتغير أو يتأجل نظرا للسوابق التي أبدتها بريطانيا من قبل وحسب الصحف البريطانية الصادرة في الأسبوع الماضي فان التأجيل مرهون بأمرين الأول أن العدالة البريطانية مازالت لا تثق في العدالة الجزائرية و الثاني أن بريطانيا كانت قد طلبت من الجزائر تسليم مشتبه بهم جزائريين كانوا قد استفادوا من تدابير ميثاق السلم و المصالحة الوطنية و هذا ما رفضته الجزائر رفضا قاطعا, و كان قد صرح وزير العدل وحافظ الأختام الطيب بلعيز أن وزارة الداخلية البريطانية ستقوم نهاية شهر ماي باتخاذ قرار خاص بطرد الملياردير الفار عبد المؤمن خليفة مع إتاحة الإمكانية لهذا الأخير من اجل الاستئناف في الحكم أمام المحكمة العليا البريطانية وأوضح في هذا المجال أن التشريع البريطاني يخول للمحكمة العليا الاعتراض عن القرار الذي سيصدره وزير الداخلية وكان القضاء البريطاني قد وافق على تسليم رفيق عبد المؤمن خليفة للسلطات القضائية الجزائرية و ذلك خلال الجلسة التي عقدت في شهر جوان من السنة الماضية بمحكمة وستمنستر بلندن وقد اعتبر القاضي تيموتي ووركمان بمقتضى هذا القرار أن تسليم خليفة “لا يتناقض مع المعاهدة الدولية لحقوق الإنسان” كما أعرب القاضي عن “قناعته بان الضمانات التي قدمتها الجزائر بخصوص احترام حقوق السيد خليفة كانت صادقة و بكل نية حسنة” للتذكير فإن الطلب الجزائري لتسليم خليفة يقوم على وثائق تتعلق بتزوير رهن المنزل العائلي (فيلا) ومحل تجاري وإنشاء مجمع الخليفة ومن بين التهم الرئيسية الموجهة لخليفة هناك على وجه الخصوص السرقات، التي تمت على مستوي مختلف الوكالات التابعة للبنك بأمر من عبد المؤمن خليفة نفسه، والتسيير الفوضوي والإهمال الذي ميز كل التحويلات بالعملة الصعبة تحت غطاء معاملات مختلفة و التي كانت في واقع الأمر — حسب لائحة الاتهام — عمليات اختلاس منظمة و كان عبد المؤمن خليفة قد حكم عليه من طرف محكمة الجنايات بالبليدة بعقوبة السجن المؤبد بعد إدانته غيابيا لارتكابه عدة جرائم ذات الصلة بتسيير بنك آل خليفة و قد لجأ إلى المملكة المتحدة سنة 2003 و تم توقيفه بتاريخ 27 مارس 2007 على التراب البريطاني بموجب مذكرة توقيف أوروبية صادرة عن المحكمة الابتدائية بنانتير بالضاحية الباريسية و في نهاية 2003 فتحت النيابة العامة لنانتير تحقيقا قضائيا بتهمة “خيانة الثقة والإفلاس باختلاس الموجودات والإفلاس بإخفاء الحسابات و تبييض الأموال في مجموعة منظمة و كان طلب آخر بالتسليم قد قدمته باريس لدى لندن إلا أن عملية النظر فيه قد تم تجميدها وذلك في انتظار قرار نهائي بخصوص الطلب الجزائري و كان الناطق السابق باسم الحكومة البريطانية باري مارسون قد اعتبر في وقت سابق أن العلاقات البريطانية الجزائرية جيدة وأنها ستتطور أكثر في المستقبل، مبينا في الوقت ذاته أن مسألة تسليم لندن الفار من العدالة الجزائرية عبد المومن خليفة للجزائر مردها إلى التحقيقات التي سيتوصل إليها القضاء البريطاني..