طرحت الوعكة الصحية التي أصيب بها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، الكثير من الأسئلة في اوساط الساحة السياسية والاعلامية وحتى الشعبية حول نيته في مواصلة مشواره السياسي، هذا فيما دعت أحزاب سياسية على رأسها الأرسيدي وشخصيات وطنية، إلى تطبيق المادة 88 من الدستور، وهي استحالة ممارسة عبد العزيز بوتفليقة مهامه كرئيس للجمهورية، خاصة بعد النوبة التي اصابته السبت الماضي والتي وصفها الأطباء ب"العابرة" و نقل على إثرها إلى فرنسا للعلاج، فبعد أن كان الغموض هو سيد الموقف حول نية الرئيس في إعادة ترشحه لعهدة رئاسية رابعة وخوضه غمار السباق في 2014 صادف وأن أصيب بنوبة إقفاريه مهدت لعدم تمكنه من مواصلة رحلته الرئاسية للمرة الرابعة، فهل الوعكة التي أصيب بها عبد العزيز تستدعى استجابة المجلس الدستوري لمطلب الاحزاب السياسية؟ وهل صحة بوتفليقة ستسمح له بالترشح لولاية الجزائر للمرة الرابعة على التوالي؟ صحة الرئيس لا تستدعي تفعيل المادة 88 من الدستور ترى الخبيرة في القانون الدستوري، فتيحة بن عبو، أن الوعكة الصحية التي مر بها رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، "لا تستدعى" اجتماع المجلس الدستوري لتفعيل المادة 88 من الدستور، معتبرة أن تطبيق حالة "المنع" على الرئيس بوتفليقة يعتبر "انقلابا" عليه من قبل رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز الذي يعتبر من بين المقربين لرئيس الجمهورية. وأوضحت بن عبو في تصريحها ل"المستقبل العربي"، أن المجلس الدستوري يجتمع "وجوبا" وليس استجابة لطلب العديد من الأحزاب السياسية وشخصيات وطنية بتفعيل المادة 88 من الدستور، والمتمثلة في استحالة ممارسة بوتفليقة مهامه كرئيس للجمهورية، مشيرة إلى ان المادة 88 من الدستور هي مادة "مغلقة" والمجلس الدستوري هو "المقرر الوحيد" في هذا الشأن. كما أكدت محدثتنا، أنه واستنادا إلى الدراسة القانونية فإن الدستور "واضح" في مواده، وأنه في حالة اجتماع المجلس الدستوري وفق المادة 88 سيكون من أجل التثبت والتحقيق من ''حقيقة المانع بكل الوسائل الملائمة''، معتبرة أن هذا الاجراء "صعب" لأنه لا يمكن لمن عينهم بوتفليقة أن "يغدروا به وهو مريض" حيث أن بعض القانونيين يرون أن المجلس الدستوري يستند في دراسته ل ''المانع'' على بيان إعلان المرض الذي أصدرته رئاسة الجمهورية الأول، والثاني الذي أعلن بموجبه نقله إلى المستشفى الفرنسي ''فال دو غراس'' للحكم على ''حقيقة المانع'' من خلال عدم مزاولة الرئيس فعليا مهامه، أين يقع تنفيذ المادة 88 من الدستور على عاتق المجلس الدستوري الذي يرأسه الطيب بلعيز، وهو أحد المقربين من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ما يعني أن الأمر ليس بالسهولة التي قد يتصورها البعض–على حد تعبيرها-. حمس والإصلاح تستهجنان استعجال هذا الطرح والنهضة متخوفة من جهته اعتبر رئيس حركة مجتمع السلم، أبو جرة سلطاني، أنه "من سوء الأدب السياسي الاستعجال بالاهتمام بقراءة المادة 88 من الدستور المتعلقة بحالة شغور منصب رئيس الجمهورية" خاصة وأن جميع البيانات الرسمية الخاصة بالحالة الصحية لرئيس الجمهورية "تطمئن ولا تستدعي القلق"، مطالبا في السياق ذاته من الهيئات الرسمية "الشفافية حول هذا الموضوع وتحيين المعلومات".
كما يشاطر جهيد يونسي، رئيس حركة الاصلاح الوطني، الرأي نفسه مع سلطاني، حيث قال في حديثه ل"المستقبل العربي"، أنه "يتمنى كل الشفاء لبوتفليقة والعودة لمواصلة مهامه كرئيس لجمهورية"، مضيفا أنه ضد الطرح الذي تبنته بعض الاحزاب وعلى رأسها حزب الأرسيدي الذي دعا المجلس الدستوري إلى تفعيل المادة 88 من الدستور وإعلان حالة "المانع" على خلفية مرض بوتفليقة، أين قال "لسنا مع هذا الطرح الذي فيه شيء من التسرع وهذا الموضوع سابق لأوانه". وبالرغم من تطمينات البروفسور غربال الذي أشرف على حالة بوتفليقة منذ تعرضه للنوية التي نقل على اثرها إلى فرنسا لاستكمال العلاج، حيث أكد الطبيب أن "الرئيس بصحة جيدة وبكل قواه الفكرية والصحية"، إلا أن حركة النهضة وفي قراءة أحد المصادر من داخلها لحالة رئيس الجمهورية الصحية أبدى تخوفه من "دخول البلاد مرحلة انتقالية مفاجئة"، حيث اعتبر أن الجزائر أمام عودة حتمية إلى نقطة البداية فيما تعلق بالإصلاحات السياسية التي عرفتها البلاد منذ 2011، كما لم يستبعد -المصدر ذاته- "حل البرلمان" و"إعادة تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية"، قبل الانتخابات الرئاسية والمزمع عقدها شهر أفريل 2014. جاب الله وتواتي يدعون لتفعيل المادة 88 واستبعد منافسو الرئيس بوتفليقة في رئاسيات 2004 و2009 ، أن يعلن عن نيته في الترشح لرابع مرة، باعتبار أن حالته الصحية ''لم تعد تسمح بذلك''، واعتبر هؤلاء أن الجزائريين واعون بوضع الرئيس الصحي، على أنه صار ضروريا الاستناد إلى المادة 88 من الدستور لتكييف الوضع الصحي للرئيس وإعلان ما يجب أن يتم بناء على الدستور. لا يعتقد رئيس ''جبهة العدالة والتنمية''، عبد الله جاب الله، أنه اعتبارا لحالة الرئيس بوتفليقة الصحية ليس من مصلحة العامة أن يقدم نفسه مرشحا للانتخابات الرئاسية لسنة 2014. حيث قال "إنه من أهم علامات إيثار المصلحة العامة والشعور بثقل المسؤولية، هو ألا يتقدم الرئيس بوتفليقة أصلا لسباق الرئاسيات، إن رأى نفسه عاجزا عن القيام بواجبه''، حيث يرى أنه ''من شروط تولي منصب الرئاسة، هو تمتع الرئيس بوافر الصحة والعافية ليقوى على أداء مهامه، وإذا أصيب بمرض أبعده عن أداء المهام على أكمل وجه وبكامل المسؤولية، وجب عليه الاستقالة''. كما أضاف إنه ''واجب على أصحاب السلطة والنفوذ أن يدرسوا الأمر بجد وأن يعلنوا عن مباشرة إجراءات حال التأكد من عدم قدرة الرئيس على أداء واجباته، بتطبيق المادة 88 من الدستور، والتي تناولت مثل الحالات التي يوجد عليها الرئيس، حيث يتوجب مباشرة هذه الإجراءات إن كان التقرير الطبي للرئيس ينسجم مع فحواها''. من جانبه توقع رئيس الأفانا موسى تواتي، إن الرئيس بوتفليقة ''لا يستطيع الترشح لرابع مرة بسبب المرض"، معتبرا أن المجلس الدستوري هو الوحيد المخول بإخطار غرفتي البرلمان ب"واقع الحال'' الصحي لرئيس الجمهورية، حيث يرى أنه إذا استمر الوضع الصحي للرئيس على ما هو عليه ''تصعب عملية تعديل الدستور'' المرتقب طرحه لاستفتاء شعبي منتصف شهر سبتمبر القادم.
كما قدم رئيس الأفانا قراءة لما سيكون عليه وضع البلاد، فقال ''أعتقد أنه سوف تكون هناك مرحلة انتقالية وستكون هناك حالة شغور متبوعة بتنظيم انتخابات رئاسية''، وتابع: ''أصحاب القرار يبحثون حاليا عن حلول لتجاوز الصدمة إلى غاية تعديل الدستور، وهذا من الصعب تحقيقه''. و يبقى قرار ترشح الرئيس بوتفليقة لرئاسيات 2014 من عدمه يعود إليه شخصيا، رغم تضارب الآراء في الأوساط السياسية والاعلامية، سيما أنه طمأن الجزائريين في رسالته بمناسبة عيد العمال و نهائي كأس الجمهورية على صحته وأكد أنه يتماثل للشفاء ، وبالتالي يمكن القول أن هاته الدعوات والقراءات ستسقط في الماء إذا ما عاد الرئيس لممارسة نشاطه بشكل طبيعي