طالما كانت أمريكا "تبشرنا " بما كانت وما زالت تصفه بالفوضى " الخلاقة" فكان هذا بالنسبة لها بالفردوس الموعود ، وبالطبع فإنها كانت تخطط له بذكاء حاد وعناية فائقة ، وتروغ حوله روغ الثعالب ، وعندما نقول " تخطط " فهذا يعني أن ذلك التخطيط لا يكون إلا مخابراتيا وعلى نطاق واسع وحيث يتواجد عملاؤها ، وهي التي تسميهم تمويها "بالحلفاء والأصدقاء" وهم أحقر من أن يكونوا كذلك ، وجاء الغضب العربي بسبب احتقان الشعوب العربية على الدمى التي كانت تنصبهم أمريكا ، فثار الناس في مغارب الدنيا العربية ومشارقها ، فواتتها الفرصة للتخطيط وإعمال الحيلة ، فلجأت إلى خلاياها النائمة في ظل الغباء العربي ، وغياب الفطنة والوعي ووحدة القوى الثورية ، فلجأت لاحتواء الثورات وعقد الصفقات والتخطيط للالتفاف على هذه الانتفاضات ، وكان دور " الإخوان " الذين سوف يحاسبهم التاريخ عندما يلتف عليهم في وقت قريب حبل الغاضبين العربي والإسلامي ، فضلا عن مد الوعي واليقظة ، وهذا ما رأيناه وشاهدناه وعايشناه في تونس ومصر ، ونكتوي بلظاه في سوريا ، بعدما خبرناه في الجزائر وإلى حد ما في اليمن نتيجة للصفقات التي عقدت والتعهدات التي أبرمت ، أما مصر بلد الثقافة والوعي والحضارة فيبدو أنها وقعت كما قدر لها أن تقع ، فبدل أن يمسك الرئيس مرسي بزمام المبادرة ويتبنى قيم الثورة ومطالب الشعب المصري تلك التي استمع إليها في ميدان التحرير ، رأيناه واقعا تحت مد وجزر بين أن يوفق بين هذا وبين ما التزم به الإخوان في واشنطن تجاه ما كان سببا مباشرا في غليان وثورة الشعب على مدى ما يزيد عن ثلاثين عاما ، وهنا وقعت المفارقة العجيبة ووقعت الواقعة ، والحق أن الرئيس المصري محرج وما كان له هذا ، وهو في حيرة وما كان له هذا ، ذلك أن عملية شد الحبال قائمة على أشدها بين الضغوط الأمريكية ، وضغوط الشارع المصري ، وهذا الذي عنيناه بانقلاب الصورة ، فتحول الربيع إلى خريف والفوضى الخلاقة إلى فوضى خناقة ، وليس الأمر ببعيد عن أيادي الموساد والمخابرات الأمريكية ... وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين والحمد لله رب العالمين .