المتتبع لمجريات ويوميات الحدث المصري ، يدرك وللتو ، إلى أي مدى وصلت عمليت التعفن " الثوري " على الساحة المصرية وذلك بفضل الرعاية الأمريكية المكشوفة لكل ما تحب أن تفسره على أنه جزء من " ربيعها " العربي ، فالفوضى عمت والصدامات استشرت بين الأطياف المصرية المتعارضة والمتناقضة ، والخوف من النظام الجدي بلغ درجة لا تطاق ، والإستئثار " الإخواني" بالسلطة هو الآخر مايميز التطورات السلبية المتلاحقة ، والخلا صة أن الخوف والرعب هما المسيطران على أفضل وأكبر ساحة عربية تعلق عليها الأمة كل الآمال وتنتظر منها كل ما من شأنه الإنتقال بأمتنا العربية من النجاح والسداد ، فمصر بلد عبد الناصر وسعد زغلول ومصر بلد الأزهر ومصر موئل الثقافة والوعي وعلى مصر نعقد كل تطلعاتنا القومية والحضارية ، وإذا كان للثوار منطقهم وأدبياتهم فإن للنظام الجديد في مصر المرتبط مع صفقات واضحة المعالم مع أمريكا حتى مكنته من السيطرة الإخوانية في تونس ومصر معا ، وهي تعمل من أجل وصولهم إلى سوريا ! كل ذلك من أجل أهداف أمريكية بعيدة المدى مرسومة ولكن على حساب مصالحنا القومية والتاريخية والإنسانية ، وهذا يعني أن النظام المصري في غاية الإرباك والتورط وهو عاجز حتى الآن عن اتخاذ أي قرار يرضي الثورة وشباب الثورة وأجيال الثورة ، ذلك أن الجمع بين صيف وشتاء على سطح واحد هو من المعجزات والمستحيلات ، والنظام المصري يحاول الجمع بين الإلتزام بما أملته عليه الصفقة مع أمريكا وبين ماتعهد به أمام جماهير مصر في ميدان التحرير ، ولكنه يجد نفسه عاجزا ذلك لأن مصالحنا كأمة تتعارض تماما مع مصالح أمريكا الإستعمارية ، وبالأمس دخلت مصر الإخوانية في غمار فضيحة ظنت أنها مفخرة لها وهي الوساطة بين حليفتها الباقية على تحالف معها إسرائيل ، وبين الفلسطينيين في غزة التي تدعي أن " إخوانها " هم إخوان " حماس " في فلسطين وكل هذا يدخل في إطار المغالطات الغريبة والمفارقات العجيبة ، لأنه حياد بين الحق والباطل وهذا مرفوض شرعا ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين والحمد لله رب العالمين .