كشفت مصادر عليمة بملفات تسيير المياه وإدارة السدود والحواجز المائية في البلاد، أن صيف هذا العام سيكون بلا عطش ولا تذبذب في التموين عكس كل التوقعات التي تحدثت خلال الشتاء الماضي عن أزمة خانقة في التزود بالماء الشروب تنتظر الجزائريين هذا الصيف، بالنظر إلى محدودية نسبة تساقط الأمطار التي سجلت ما بين نوفمبر وديسمبر الماضيين، وأيضا لأن صيف هذا العام سيكون حارا مقارنة بسابقيه، الأمر الذي يرفع من الحجم العام لاستهلاك الماء. وقالت مصادرنا على هامش الاحتفالات التي نظمت عبر كل ربوع الوطن بمناسبة اليوم العالمي للمياه الذي يصادف 22 مارس من كل سنة، إن منسوب السدود عرف ارتفاعا خلال شهر فيفري الماضي ومارس الجاري بشكل ملحوظ بعد الأمطار الغزيرة والثلوج التي مست المرتفعات التي يزيد علوها عن 700 متر، حيث فاق معدل الامتلاء الوطني 70 بالمائة عبر 66 سدا، كما أن قدرات التخزين تصاعدت بدورها خلال السنتين الماضيتين لتناهز 5 ملايير متر مكعب من الماء، الأمر الذي يتيح فسحة للقائمين على هذا القطاع لتعزيز الاستثمارات، خصوصا في مجال التحلية التي تبقى مشاريعها بمثابة إستراتيجية احتياطية لكل طارئ، خصوصا في ولايات غرب ووسط البلاد، علما أن الجزائر تتموقع في منطقة متوسطية غير مستقرة وعرضة للجفاف، كما أن الوصاية لا تريد أن تقع مجددا في أزمة المياه المنجرة عن الجفاف مثل تلك التي شهدتها الجزائر ما بين 1990 و1994 عندما انخفض منسوب مياه السدود إلى أقل من 20 بالمائة. وتحرص وزارة الموارد المائية على تسليم كافة المشاريع المسطرة خلال المخطط التنموي 2010 2014 في آجالها المحددة، لاسيما المشاريع الاستراتيجية ذات الأولوية مثل مشروع ربط تمنراست بنظام تزود بالمياه من عين صالح على مسافة 650 كلم ودفع مشاريع استغلال المياه الجوفية في الجنوب الكبير والتي قدرتها "الدراسات الهيلوغرافية" التي أعدت مؤخرا بما يزيد عن 50 مليارا متر مكعب من المياه. وكانت وزارة الموارد المائية قد استلمت في أوت 2007 "سد بني هارون" بعد أن شهدت أشغاله تأخرا كبيرا واستهلك منذ وضع حجر أساسه أكثر من 3 ملايير دولار، إلى جانب "سد تاقصبت"، وهما السدان اللذان خففا إلى حد بعيد من ضغط الاستهلاك على السدود التي تم استلامها خلال سنوات التسعينيات. ويرى المراقبون أن الجزائر تمكنت فعلا من تجاوز أكبر معضلة واجهتها خلال العشريتين الماضيتين، حيث حققت أمنها المائي إلى درجة أن صنفت مؤخرا من بين الدول التي تمكنت فعلا من تحقيق برامجها الاستثمارية بكل نجاح، وهي تسير بنفس الخطوات على صعيد تحقيق أمنها الغذائي من خلال المشاريع العملاقة التي أطلقتها في المجال الفلاحي والرعوي برسم المخطط التنموي الجديد 2010 2014.