أحدثت التغييرات الجوهرية التي أحدثها المدرب الوطني عبد الحق بن شيخة على مستوى تشكيلة الخضر، مؤخرا، ردود أفعال متباينة بين مؤيد و معارض، حيث يرى أنصار الرأي الأول بأن هذا التغيير لم يأت في وقته، كما أن الكثير من المتتبعين لم يكونوا ينتظرون إبعاد هذا العدد المعتبر من اللاعبين، ويرون أن ذلك سيخلق مشاكل كبيرة للمنتخب خاصة من ناحية الانسجام والحضور السيكولوجي، لأن اللعب للمنتخب ليس كاللعب للنادي، كما أنه يكاد من المتعذر أن يتوصل بن شيخة إلى تكوين منتخب متكامل في ظرف قصير، لاسيما مع صعوبة لمل شمل المجموعة في عدة مناسبات، ويرون أيضا أنه كان من الأجدر منح الفرصة الأخيرة للتشكيلة السابقة خلال مباراة المنتخب المغربي القادمة مع تقديم الدعم النفسي اللازم لهم و وضعهم أمام الأمر الواقع. إضافة إلى ذلك، فإن ما قام به المدرب يبقى مبهم وغير مفهوم طالما أن الهدف من ورائه لم يتم الكشف عنه،حيث أن أصحاب الاختصاص يقولون إن التغييرات التي قام بها يمكن أن تكون في محلها لو كان الهدف منها تكوين منتخب مستقبلي، وليس لتحضير مواجهة هامة كالتي تنتظر الخضر شهر مارس القادم أمام أسود الأطلس برسم الجولة الثالثة من تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2012. المؤيدون "تجديد دماء المنتخب ضروري وما قام به بن شيخة إنذار لبقية (الشواكر)" ومن جهة أخرى، فإن المؤيدين يرون أن تشكيلة المنتخب الوطني أصبحت عقيمة وكأن اللاعبين حققوا مبتغاهم بالمشاركة في المونديال وكفى، ولم يعد يهمهم أي شيء آخر، وبالتالي فهي بحاجة إلى تجديد الدماء بعناصر جديدة قد تكون لها الإرادة والعزيمة الكافيتين للبروز تحت ألوان القميص الوطني، خصوصا المحليين، وربما قد تكون فرصة مواتية لهم للبرهنة على أحقيتهم باللعب للمنتخب الأول، خاصة في ظل تألقهم مع أنديتهم بعد مرور ست جولات من البطولة الوطنية. وبخصوص المحترفين الذين أبعدهم بن شيخة، أكد هؤلاء أنه أصاب في قراره، لأن غزال وبلحاج أصبحا عبئا كبيرا على المنتخب ولم يعد مستواهما كما كان من قبل، وبالتالي فهي فرصة لترك المكان لآخرين. وعلى صعيد آخر، فإن تدعيم خط الهجوم بلاعبين جدد من شأنه أن يحل العقدة، خاصة وأنهم يدركون جديا أن مكنهم من التسجيل سيدعم بقوة حظوظهم في الدخول ضمن التشكيلة الأساسية لبن شيخة. وأكثر من ذلك، فإن ما قام به هذا الأخير يعتبر إنذارا لبقية اللاعبين الذين يعتبرون أنفسهم لاعبين فوق العادة ولا أحد بإمكانه زحزحتهم من المنتخب، وبالتالي فمن المتوقع أن يقضي بذلك بن شيخة على مشكل التكتلات التي فعلت فعلتها في عهد المدرب السابق سعدان. مناد "بن شيخة قادر على النجاح في حال خلق الانسجام بين المحليين والمحترفين" وبخصوص التقنيين، فقد تباينت ردود أفعالهم بينهم أيضا مؤيد ومعارض للجرأة التي أقدم عليها عبد الحق بن شيخة باستبعاده مجموعة من العناصر الأساسية في تشكيلة الخضر استعدادا لخوض مباراة ودية أمام لوكسمبورج في نوفمبر، حيث قال مهاجم المنتخب الوطني السابق والمدرب الحالي لشبيبة بجاية جمال مناد إن ما أقدم عليه بن شيخة تغيير يحمل أهدافا، خاصة بعد الظهور المتواضع لبعض اللاعبين في المباراة الأخيرة أمام منتخب إفريقيا الوسطى، وأضاف أن بن شيخة فضل هذه المرة إعطاء الفرصة لبعض الوجوه الجديدة ممن لم يسبق لهم تمثيل الخضر لاختبارهم أمام لوكسمبورغ، مؤكدا أن بن المدرب الوطني قادر على فعل شيء إذا تمكن من الوصول إلى تكوين مجموعة متماسكة من المحليين والمحترفين. واعتبر مناد أن بعض اللاعبين تراجع مستواهم، ولا مبرر لبقائهم، وضرب مثلا بنذير بلحاج الذي يقدم مستوى متواضعا مؤخرا، مضيفا أن المنتخب الوطني بحاجة إلى ظهير أيسر قوي. كما أن المهاجم عبد القادر غزال لم يَبق له مكان بالمنتخب، لكونه صائما عن التهديف منذ مدة طويلة، ويتوجب على بن شيخة إيجاد البديل له قبل مباراة المغرب المهمة في تصفيات أمم إفريقيا 2012. وفي المقابل، أشار مناد إلى أن بعض اللاعبين الآخرين استبعدوا ولم ينالوا فرصتهم الجيدة للظهور مع المنتخب، وكان على المدرب الوطني الصبر عليهم قليلا وإعطاؤهم فرصا أكثر كجمال عبدون وعبد المالك زياية. أما بخصوص حارس المرمى لوناس ڤاواوي، فقال مناد في حديث لموقع "أم بي سي": "إنه قدّم ما عليه طوال مشواره في المنتخب، وإن الوقت قد حان له للخروج بشرف وترك فرصة البروز لحراس المرمى الشباب من الذين فرضوا أنفسهم مؤخرا في البطولة المحلية"، وبارك مناد توجيه دعوة الالتحاق بالمنتخب إلى ثلاثة لاعبين من فريقه شبيبة بجاية وهم حارس المرمى سيدريك سي محمد، وزميلَيه زهير زرداب وربيع مفتاح، وقال إن ذلك يحدث لأول مرة منذ إشرافه على تدريب النادي، متمنيا التوفيق للاعبيه في أول ظهور لهم مع الخضر ضد لوكسمبورغ في 17 من الشهر الجاري. ڤندوز "المدرب الوطني قام بالتغيير من أجل التغيير فقط" من جهته، بدا لاعب الخضر سابقا ومدرب النجمة اللبناني حاليا محمود ڤندوز غير مكترث للتغييرات التي أجراها بن شيخة على التشكيلة، معتبرا ذلك مجرد زوبعة في فنجان، أو ذرا للرماد في عيون الجماهير لإثبات نيته التغيير، مضيفا أن ما قام به بن شيخة قرار ارتجالي لا أكثر. وعن رأيه في اللاعبين المستبعدين، قال ڤندوز: "لقد كنا دائما نقول إن المحترفين أكثرهم لاعبون ذوو مستوى متوسط؛ فلا نستطيع الاعتماد على لاعبين لم يثبتوا أنفسهم في أوروبا؛ فأكثرهم لم يلعبوا بشكل أساسي في أنديتهم بعد المونديال"، كما أكد ڤندوز أن مستوى الخضر حاليا يعبر عن مستوى الدوري المحلي الذي لا يزال لم يَرتقِ إلى المستوى المطلوب. جداوي "بن شيخة يريد خلق التنافس بين اللاعبين" أما المدرب الوطني السابق للخضر، عبد الغني جداوي، فقد شدد على حرية بن شيخة في اختياراته، معتبرا أن ما أقدم عليه من تغييرات اختبار لتشكيلة جديدة تجمع بين لاعبين محترفين وآخرين محليين، مضيفا أن بن شيخة لم يغلق الباب نهائيا في وجه اللاعبين المستبعدين، وإنما أراد أن يعطي الفرصة للاعبين آخرين جدد وخلق نوع من التنافس على التشكيلة الأساسية، خاصة بعد الظهور المتواضع للخضر أمام إفريقيا الوسطى. هل ستعصف رياح التغيير القادمة بزياني؟ ويرى طرف ثالث شبه محايد بأن التغييرات التي قام بها المدرب الوطني يجب أن تتبعها أخرى في المراحل القادمة، وذلك من أجل التجديد التدريجي للمنتخب، مع المحافظة على بعض الركائز في كل مرة حتى يمكن الحصول على تشكيلة متوازنة بين المحليين والمحترفين والقدامى والجدد، وخلق نوع من التنافس بينهم. والمعروف عند الجميع أن التغيير لا يأتي فجأة واحدة، وإنما يأتي على مراحل. ولهذا، هناك فترة تسمى فترة انتقالية، ولكن الذي حدث مع المدرب بن شيخة العكس تماما، لاعب أساسي مع المنتخب وناديه، يصبح فجأة خارج الإطار تماما، خاصة غزال وما أدراك ما الدوري الإيطالي المعروف برجولته، كان بالإمكان وضعه على الأقل كاحتياطي. وقال هؤلاء إن إبعاد هذا الأخير رفقة بلحاج سيؤثر على نفسية بقية المحترفين الذين ينتظرون هم أيضا نفس المصير، مما ينقص من مردودهم في المباراة القادمة والمصيرية أمام المنتخب المغربي. وفي هذا الإطار، يعتقد البعض أن لاعب الوسط كريم زياني يتواجد في نفس الرواق وقد تعصف به رياح التغيير القادمة، لكونه يلقى انتقادات لاذعة من الكثير من الأطراف المحلية، خاصة بعدما تدهور مستواه في الآونة الأخيرة وتعرضه لعدة إصابات ستؤثر حتما على لياقته، إضافة إلى مشاكله مع ناديه فولسبورغ الألماني.