"الطاكسي" المخفي يسيطر على محطات النقل فبمجرد أن تصل إلى محطة نقل المسافرين بباتنة حتى يلتف حولك سائقو السيارات غير المرخصة حاملين مفاتيح، عارضين خدمة توصيل الزبائن لمختلف الاتجاهات، لكن وما أن يستقر اختيارك على واحد منهم حتى تبدأ المفاوضات في تحديد السعر الذي حتى وإن رخص فإنه يضر جيبك وإن رفضت فما عليك إلا المبيت في الشارع، فباتنة معروفة بندرة فنادقها حتى الموجودة لا تسع الوافدين إليها يوميا، هذه هي حال عاصمة الأوراس فما بالك بلدياتها حيث تنعدم هذه المرافق تماما، وأمام هذا الوضع فلا خيار لك إلا أن تفاوض "الكلونديستان" حتى يخفض قليلا من سعره! فمثلا إن كنت تريد أن تقصد مدينة مروانة فالسعر للزبنون الواحد لا يقل عن 1500 دج، بينما السعر القانوني هو 120 دج، أما إن كنت من القاصدين لولاية مجاورة كبلدية عين مليلية فالسعر هو 1200 دج مقابل 80 دج للسعر القانوني! وهو الحال كذلك بالنسبة لمسافة قصيرة فالوضع سيان، أما إن أردت أن تقصد وسط المدينة فالسعر لا يقل عن 150 دج، وإياك أن تطلب مثلا ضاحية ما من باتنة فالسعر يرفع لك ثلاثة أضعاف. الغريب في هذا النوع من سيارات "الكلونديستان" هو أن أغلبية مالكيها هم موظفون وأستاذة ومعلمون متقاعدون ونادرا ما يوجد في أوساطهم شباب بطال، يستغلون فترات فراغهم في ممارسة هذا النشاط وبأسعار خيالية بالرغم من عدم تسديدهم لأي مستحقات من ضرائب أو غيرها، سوى مصاريف الوقود، إضافة إلى أمر ثان يدعو للدهشة هو أن أصحاب هذا النشاط يملكون سيارات جديدة وفخمة فتجد سيارات من نوع بيجو "406" والتي يزيد سعرها عن 100 مليون سنتيم، ورونو "لاڤونا" وسيارات ألمانية من نوع "ڤولف س 3." والكورية مثل "دايو"، "سيالو" وغيرها من الماركات العالمية المشهورة، حيث أنه نادرا ما تجد سيارة قديمة! والغريب أن أصحاب سيارات "الكلونديستان" لا تجدهم في الليل فقط بل تجدهم ينافسون أصحاب السيارات الصفراء حتى في وضح النهار، وكثيرا ما تحصل مناوشات بينهم وبين سيارات الأجرة المخولة قانونا. ولعل مازاد الطين بلة أن عددهم في تزايد مستمر أمام عدم تدخل الجهات المعنية للحد من هذه الظاهرة التي تفاقمت، مؤخرا، وكانت من أسباب الفوضى التي تميز قطاع النقل بباتنة.