لم يصدق، صبيحة نهار أمس، سكان منطقة القبائل بولاية تيزي وزو نباء وفاة الفنان القبائلي شريف خدام الذي نزل على مسامعهم كالصاعقة وقد استقبلوا الخبر بقلوب تملأها الحزن والأسى، حيث بكت الأسرة الفنية بمنطقة القبائل حزنا على فراق هذا الفنان الذي يعتبر أحد أعمدة الفن القبائلي وسفير الأغنية الأمازيغية الذي غنى كثيرا للوطن والحب والمرأة والمهجر. هذا الفنان الذي ترك رصيدا فنيا غنيا ليرحل عنا وإلى الأبد بعد 50 سنة من العطاء الفني. للعلم، فإن الفنان شريف خدام توفي بعد ظهر نهار أول أمس عن عمر يناهز 85 سنة في مصحة في العاصمة الفرنسية باريس. ولد عملاق الأغنية القبائلية شريف خدام في 1 جانفي سنة 1927 بقرية آيت بومسعود بدائرة عين الحمام، والتي تبعد عن مقر ولاية تيزى وزو 45 كلم. هو أحد أكبر الأسماء الفنية في تاريخ الموسيقى الجزائرية. وكان قد نقل أول مرة إلى فرنسا على جناح السرعة لتلقي العلاج بتاريخ ال 24 أوت من سنة 2011 بعدما تعرض إلى وعكة صحية مفاجئة. عميد الأغنية القبائلية كان يخضع في الفترة الماضية إلى عملية تصفية دم منتظمة بعدما نال منه التعب في الآونة الأخيرة، وهو ما أسفر عن تفاقم وضعه الصحي وجعل عائلته تنقله على جناح السرعة إلى فرنسا من أجل تلقي العلاج اللازم. وحسب مقربين من عائلة الفنان القبائلي الكبير، فإنه كان يتواجد منذ يومين تحت العناية المركزة. يعتبر "خدام" أول من جدد في الموسيقى الأمازيغية من خلال الجمع بين التراث والحداثة بإدخال الآلات الموسيقية الحديثة على الأغنية القبائلية. ورغم أن قدومه إلى عالم الفن والموسيقى كان صدفة كما عبر عن ذلك في الحوارات القليلة التي تحدث فيها عن نفسه إلا أنه تمكن من ترك بصماته على سجل عمالقة الموسيقى، ليس الجزائرية فحسب، وإنما في العالم كله. فعندما سافر إلى فرنسا في 1947 على غرار اغلب شباب منطقته في ذلك الوقت بحثا على لقمة العيش، لم يكن ابن قرية آيت بومسعود بعين الحمام يعرف شيئا عن الموسيقى ولم يخطر بباله يوما أنه سيلج هذا العالم الفسيح، خاصة بعد تكوينه الديني ومروره عبر المدرسة القرآنية في طفولته ثم زاوية بوجليل التي كانت تؤهله ليكون إماما، لكنه اكتشف ميوله للفن والموسيقى على أرض بلد الجن والملائكة. وأراد القدر أن يغادر الفن والحياة من نفس المكان الذي دخل فيه عالم الموسيقى. للإشارة، فقد تم تكريم عملاق الأغنية القبائلية شريف خدام، في الحادي عشر من الشهر الجاري، في قاعة ابن زيدون في العاصمة، نظم الاحتفالية ديوان رياض الفتح وحضرها عدد من أصداء الفنان، إضافة إلى حضوره الشخصي مع عائلته. وتحتفي التظاهرة بالفنان الذي يغادرنا اليوم، الذي أعطى خمسين سنة من حياته لتطوير الأغنية القبائلية.