قال وزبر الشؤون الخارجية مراد مدلسي، أمس الأربعاء، إن الذين أقدموا على حرق العلم الوطني الجزائري في دمشق وعدد من المدن السورية الأخرى ليسوا سوى حفنة من "المجانين المتهورين"، ولا يعبر سلوكهم ذاك عن الشعب السوري الشقيق، مؤكدا أن المعارضة السورية التي ما تزال حسبه "مشتتة" واطراف منها إما أنها لم تتطلع على الموقف الجزائري من الأزمة منذ بداياتها، أو لأنها لم تفهم فحواه والأهداف التي تصيبو إليها الجزائر لحل الأزمة، والذي لن يكون حسب مراد مداسي إلا عن طريق آلية الحوار في إطار الجامعة العربية. وقال مدلسي، أمس، خلال الندوة الصحفية التي نشطها مناصفة مع نظيره الاسباني بمقر وزارة الخارجية في العاصمة أن الجزائر انخرطت في مسار دعم المفاوضات لحل الأزمة السورية منذ البداية. وبمثل ما تضغط على نظام بشار الأسد لوقف حمام الدم والعنف، تضغط أيضا بالموازاة على المعارضة السورية للاستجابة إلى نداء العقل والجلوس الى طاولة المفاوضات تحت مضلة الجامعة العربية والأمم المتحدة، مؤكدا أن الاطراف التي تروج لفشل الجامعة العربية في إيجاد تسوية لحالة الاحتقان في سوريا لا يروق لها التوصل الى مخرج سريع وعاجل للأزمة، مؤكدا مسار المفاوضات في إطار الجامعة العربية متواصل وأن لقاء أمس الأول في القاهرة كان ايجابيا ويحمل مؤشرات قوية لنجاح مهمة الدول العربية في مسعاها.
الجزائر تضغط على المعارضة السورية بمثل ضغطها على النظام للشروع في المفاوضات
من جانب آخر، تحاشى مدلسي الخوض أكثر في التصريح الاخير له حول الموقف القطري من الأزمة والذي وصفه ب "اللامسؤول"، مكتفيا بالقول إن الديبلوماسية الجزائرية واضحة وتعمل في الشفافية بعيدا عن الحسابات ولغة المؤامرات. من جانبه، قال وزير خارجية اسبانيا إن مدريد ترفض العنف مهما كان مصدره وقد سبق أن دعت دمشق إلى وقف العنف فورا والشروع في المفاوضات مع المعارضة تحت مظلة الجامعة العربية والأمم المتحدة، لأنها هي الحل الوحيد لوقف إراقة الدماء، مؤكدا أن الموقف الاسباني شبيه إلى حد بعيد بالموقف الجزائري الذي يرجح حلا ساسيا وسطا ووقف العنف والعنف المضاد، في إشارة الى نشاطات الجيش السوري الحر. على صعيد الوضع في منطقة الساحل الإفريقي، قال مدلسي إن الطرفين حريصان على تنفيذ توصيات اللقاء الثنائي الذي عقد في سبتمبر من العام الماضي 2011 بينه وبين نظيره الاسباني في مدريد، والذي يدعو إلى تكثيف التعاون البيني في شتى المجالات، خصوصا بعد المستجدات التي تشهدها المنطقة بعد زوال نظام معمر القذافي وانتفاضة "التوارق" شمال مالي، والوضع المتذبذب وغير المستقر في الجنوب التونسي، لأن حكومتي البلدين متفقتان على أن تداعيات الفوضى في المنطقة ستكون لها عواقب وخيمة في دول شمال إفريقيا والضفة الجنوبية للمتوسط، مثل ارتفاع حركة الاتجار وتهريب السلاح والهجرة السرية والمخدرات، وغيرها من الظواهر السلبية التي لها امتدادات دولية .
مدريدوالجزائر لديهما تصور متقارب حول ملفات الساحل الإفريقي
وفي هذا الصدد، قال وزير خارجية اسانيا إن بلاده والجزائر لديهما نظرة متقاربة حول هذا الملف وهما يسعيان لتعزيزها أكثر من خلال الاتفاق على مشاريع تعاون إضافية مثل التعاون العسكري والمعلوماتي الاستخباراتي والجمركي، وزيارته اليوم إلى الجزائر والتي تعتبر الأولى من نوعها على رأس الخارجية الاسبانية، تهدف إلى البحث عن قنوات وأرضيات اخرى لتكريس وتعزيز الشراكة البينية في عديد المجالات، أولها الأمنية والسياسية والاقتصادية، وحتى الثقافية. وأضاف وزير خارجية اسبانيا أن ثمار مسار التعاون بين مدريدوالجزائر الذي شرع فيه منذ سنة 2000، بدأ يأتي ثماره، حيث تقلصت منحنيات الهجرة السرية ب 20 بالمائة خلال العام 2011 مقارنة بالعام 2010، أين تم ضبط 1009 مرشح للهجرة السرية فقط خلال 2011 مقارنة بأكثر من 1600 حالة خلال 2010، والرقم كان أكثر بكثير خلال الفترة الممتدة ما بين 2003 و2008.
غرفة جزائرية إسبانية مشتركة للصناعة والتجارة قبل نهاية العام
وبخصوص اتفاق الصيد البحري في المياه الإقليمية الصحراوية من طرف المغرب، قال وزير خارجية إسبانيا إن مدريد تأمل في إيجاد تسوية عاجلة لهذا الملف ضمن البرلمان الأوروبي، وذلك عن طريق آلية التصويت، وقبلها يجب مراجعة بنوده من الأساس. ولم يشأ التعليق على التصريحات الأخيرة التي أطلقتها "جبهة البوليزواريو" حول سعيها إلى استخدام كل الطرق القانونية السلمية للحيلولة دون استمرار النظام المغربي في انتهاك سيادة الصحراء الغربية على مياهها الإقليمية وثرواتها البحرية. وفي شأن التعاون الثنائي بين الجزائروإسبانيا، قال مدلسي إن وتيرته تشهد تطورا من سنة لأخرى، مع حرص الجزائر على تنويعه أكثر كي لا يقتصر فقط على قطاع المحروقات، مؤكدا أن حكومتي البلدين اتفقتا على استحداث غرفة تجارية صناعية مشتركة قبل نهاية العام الجاري، ستوكل لها مهمة متابعة، تنفيذ وتقييم كل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، والتفكير في أخرى، خصوصا في القطاعات التي يتمتع فيها البلدان بفرص تكاملية هامة، وذكر فضلا عن قطاع الطاقة، قطاع السياحة والخدمات والفلاحة والتعليم العالي والتكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال. ومعلوم أن الجزائر تستعد للتوقيع على اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقات المتجددة. وفي هذا الصدد، قال مدلسي إن هذا الاتفاق لا يلغي الاتفاقيات التي وقعتها الجزائر مع عدد من الدول الأوروبية على حدا خلال السنوات الخمس الماضية، ووصف الاتفاق ب "المكمل" ويخص قطاع الطاقات المتجددة والبديلة للطاقات الأحفورية.