تطرقت محكمة الجنايات لمجلس قضاء وهران في دورتها السابقة إلى عديد القضايا والتي بينت مدى تنامي الحس الإجرامي والنزعة الإجرامية لدى أفراد من المجتمع أين أصبحت جرائم القتل ترتكب بفظاعة ولأتفه الأسباب معظمها صار الوسط العائلي مسرحا لها ،ليس ذلك فحسب بل حتى الأدلة صارت تطمس بطرق شيطانية شبيهة بالأفلام الأمريكية. إلى جانب ذلك تم تناول قضايا المخدرات التي عرفت ارتفاعا تلك السموم التي تفتك بمجتمعنا، والتي بينت استخدام المروجين لطرق عديدة قصد الإفلات من العقاب كالتزوير وانتحال هوية الغير. إضافة إلى ظاهرة استعمال السيارات المؤجرة في ارتكاب الجرائم، وبعيدا عن التطور الذي وصل إليه المجرمون فقد كشفت بعض القضايا عن أن هناك أناسا لا زال يحكمهم قانون الغاب أين صاروا يختطفون أشخاصا لتصفية الحسابات دون اللجوء إلى الطرق القانونية كما عالجت جنايات وهران في دورتها السابقة قضايا قتل عمدي كثيرة جلّها تم اقترافها لأسباب تافهة كأحد المتهمين الذي أقدم على قتل ابنة خاله التي تقطن معه في نفس البيت بحي "ميرامار" وسط وهران حيث صرح بأنه قام بخنقها بيديه تم بواسطة خيط بلاستيكي بعد شجار اندلع بينهما بسبب امتناع الضحية عن دفع فاتورتي الكهرباء والماء وقام بمساعدة أخيه بوضع جثتها في كيس ودفناها بإحدى الحدائق واخبروا السائق الذي اقلهم بان الجثة هي لكلب عزيز عليهم، وقضية قتل أخرى اقترفها هذه المرة أب في حق ابنته القاصرة بسبب وشاية كاذبة حيث اخبره احدهم بمشاهدته لشخص أجنبي يخرج من سكنهم وقت غيابهم ليتوجه الأب رفقة ابنه ويقومان بضربها وإذاقتها العذاب حيث استمر ضربهم لها ساعة كاملة حسب تقرير الطبيب الشرعي الذي وجد آثار جروح عميقة على رأسها وجسدها حتى وصل عمق الجروح الى 4 سم و بعد ذلك احتجزاها وما أن نقلاها للمستشفى حتى توفيت ولم يكتفوا بذلك فحسب بل صرحوا للطاقم الطبي بأنها تعرضت لصعقة كهربائية . اختطاف لأشخاص من أجل تصفية حسابات شخصية : تطبيقا لقانون الغاب الذي يحكم الشعوب البدائية، يلجأ بعض الأشخاص لتطبيق القانون بأنفسهم، دون اللجوء لرفع شكاوى للسلطات الأمنية المختصة، حيث تطرقت جنايات وهران إلى بعض القضايا التي تبنت هذا النوع من القوانين، فأخد الضحايا الذي يقطن بإحدى العشوائيات بمنطقة بن فريحة شرق وهران تعرض لعملية اختطاف على يد 4 إخوة، حيث اقتادوه إلى منزلهم وكبلوه، وقاموا بتخويفه بواسطة كلبين من نوع "بيتبول"، وأشبعوه ضربا كل ذلك بعد اتهامه بسرقة بعض الأغراض من منزل احدهم، كما قاموا باستجوابه وتصوير اعترافه بعملية السرقة عن طريق هاتف محمول وذلك تحت التهديد لأنه في حالة رفضه الاعتراف هددوه بممارسة الفعل المخل بالحياء عليه و إرسال صوره عن طريق البلوتوت الى جميع سكان القرية وقد دام احتجازه 8 ساعات إلى غاية أن احضر شقيقه مبلغا ماليا لتخليصه وقد أدانت المحكمة المتهمين ب8 سنوات سجن، وضحية أخرى تم اختطافه وفق نفس الظروف لكن هذه المرة بمنطقة سيدي البشير حيث تم احتجازه من طرف 3 أشخاص بعد أن اتهموه بسرقة بعض علب التبغ من كشك احدهم أين أبقوه تحت الحجز لمدة 24 ساعة ذاق خلالها شتى أنواع الضرب عن طريق عصا ونازع مسامير بعد نزع ملابسه وتقييده. كثرة قضايا الخطف والاغتصاب وهتك العرض ومتعددة الأوجه وسيناريوهات مختلفة فغالبا ما تكشف جلسات المحاكمة بأنه في اغلب الأحيان ما يكون هناك تواطؤ بين الطرفين ففي إحدى قضايا هتك العرض تبين بان الفتاة القاصرة هي من هربت مع عشيقها حتى لا تتزوج من خطيبها و قضية أخرى لفتاة خرجت مع صديقها في نزهة وبعد جلسة خمر،عرض عليها احد أصدقائه توصيلها للمنزل رغم رفض صديقها، ثم قام المتهم بتحويلها لغابة بجبل "مرجاجو" واغتصبها، وفي إحدى القضايا قام متهم باقتحام منزل قاصرة بحي الدرب واغتصبها ثم وعدها بالزواج ومع تعدد لقاءاتهما حملت منه لكن أثناء جلسة المحاكمة أنكر اقترافه لذلك الفعل. عمليات سرقة على طريقة المسلسلات البوليسية: كشفت العديد من القضايا التي ناقشتها محكمة الجنايات لمجلس قضاء وهران عن استخدام المجرمين لطرق غاية في الخطورة والدقة من اجل السرقة وذلك عن طريق رسم خطط مسبقة، وترصد ضحاياهم لبعض الوقت، ففي إحدى القضايا قام 4 متهمون على سرقة مبلغ مالي قدره 500 مليون سنتيم من ضحايا كانوا قد عقدوا صفقة بيع منزل، لكن المجرمين كانوا على علم مسبق بها، فتم ترصدهم ولدى خروجهم من عند الموثق هاجموا الضحايا بالأسلحة البيضاء والغاز المسيل للدموع واخذوا المبلغ المالي وفروا بسرعة جنونية مستعينين بسائق محترف تم انتقاؤه بعناية كونه معروف بالسياقة الجنونية في الممرات والطرق الضيقة، وقضية أخرى تتعلق بالسرقة تورط فيها 7 مجرمون قاموا بالسطو على شاحنة نقل الأموال الخاصة بإحدى الشركات أين تم الاستيلاء على مبلغ مليار و700 مليون سنتيم، حيث كشفت أطوار المحاكمة بأنهم خططوا للعملية قبل شهرين من تنفيذها وقسموا الأدوار فيما بينهم وتمكنوا من تجنيد حارس يعمل بالشركة وأوكلت له مهمة مراقبة حركة الأموال التي تتم دوريا. استفحال ظاهرة استخدام السيارات المؤجرة لارتكاب الجرائم: ظاهرة استعمال السيارات المؤجرة من وكالات كراء السيارات في اقتراف العديد من الجرائم تشهد في السنوات الأخيرة تزايدا مخيفا فقد أضحت العصابات الإجرامية ترتكب جنح، وجنايات من اختطاف ونقل كميات كبيرة من المخدرات باستخدام هذا النوع من السيارات حتى تصعب من مهام رجال الأمن لأنه يصعب اقتفاء أثرها وإيجادها، فقد عالجت محكمة الجنايات مؤخرا قضية مخدرات استعمل فيها المروجون سيارة مؤجرة لنقل كمية 99 كلغ من المخدرات، حتى أن المؤجر لم يكن احد المروجين، إذ بعد التحقيقات تم التوصل إليه وتبين بأنه أعار السيارة المؤجرة لأحدهم، وعلى مستوى نفس المحكمة تم التطرق إلى قضية سطو على طريقة الأفلام باستعمال سيارة مؤجرة. حتى أن تأجير هذه السيارات لا يتم بهويات المجرمين الحقيقية فقد أفضت تحقيقات باشرتها مصالح الأمن في إحدى القضايا بان رخصة السياقة التي قدمها احد المجرمين مزورة تحمل صورته لكن باسم آخر، فحتى أصحاب الوكالات يكونون ضحايا. ال "بوكيمون"، "الرّيفي"، "شبيكة"،"حمار التراب"،"خربيشو"،"خبيزة" وغيرها أهم الأسماء المستعارة هذه الظاهرة نجدها بكثرة في قضايا المخدرات ففي إحداها ويتعلق الأمر بحجز كمية قنطار و80 كلغ ببلعباس، فسائق الشاحنة التي تحوي الكمية كان يتنقل برخصة سياقة مزورة تحمل اسم شخص آخر يقطن بمستغانم ولدى تفحص رجال الدرك للأفلام الموجودة بهاتفه النقال تم التوصل إلى هويته الحقيقية إذ لاحظوا في إحداها بان أهله ينادونه باسم آخر غير الذي صرح به .وفي قضية أخرى تم القبض على متورط في قضية مخدرات تبين بان دوره في الشبكة هو مدهم بالهويات المزورة حتى لا تكشف هويتهم الحقيقية ويسهل القبض عليهم.فمعظم بارونات المخدرات لا يتم الوصول اليهم ومروجو المخدرات لا يعرفون رئيس الشبكة واسم الرأس المدبر لها لان الشبكة غالبا ما تأخذ شكلا هرميا. كما يجدر الحديث في هذا الصدد عن استخدام هذه الشبكات وغيرها من الشبكات المتورطة في جرائم مختلفة عن استعمال كنيات (جمع كنية) يلقبون بها لإخفاء هوياتهم الحقيقية ليس فقط على مصالح الأمن من بين الأسماء التي تم ذكرها في قضايا نذكر من بينها "بوكيمون"، 122"،"الرّيفي"، "شبيكة"، "حمار التراب"، "خربيشو" ،"خبيزة" ... أشخاص يجدون أنفسهم متورطين فقط من أجل شريحة هاتف أو وثائقهم الضائعة سقطت في أيدي عصابات إجرامية يمكن لشريحة هاتف غير مسجلة باسمك أو ضيعت وثائقك الشخصية ولم تصرح بذلك أن تجد نفسك في محكمة الجنايات ،هذا ما كشفت عنه قضيتين عالجتهما محكمة الجنايات في دورتها الماضية، كذلك المتهم الذي ضيع رخصة سياقته منذ 2002 فسقطت بين أيدي أحدى عصابات ترويج المخدرات حيث تم العثور على رخصة الشخص في بيت المتهم الرئيسي ضمن مجموعة وثائق مزورة لحسن حظه تمت تبرئته، وشخص أخر وجد نفسه متورطا في قضية 4 قناطير كيف حجزتها مصالح الدرك بالزوية بمدينة مغنية ،قام صاحبها بالفرار، وأثناء تمشيط المنطقة تم العثور على هاتف نقال أفضت تحقيقات بشأنه بان الشريحة هي ملك لشخص يقطن بعنابة ولدى استجوابه صرح بأنه لم يزر في حياته منطقة الغرب الجزائري ،و بالتعمق أكثر وبالتعاون مع شركة متعامل الهاتف النقال تم تزويد مصالح الأمن بأسماء الأرقام الموجودة فتم التوصل إلى أن جميع المكالمات كانت تصدر من منطقة بني بوسعيد بتلمسان ولدى استجواب نفس الأشخاص تم العثور على صاحبها ويتعلق الأمر بمواطن بسيط صرّح بأنه صاحب الشريحة واقتناها منذ سنوات من عند كشك متعدد الخدمات بمغنية وفي تلك الليلة المصادفة للحجز كان متواجدا بالقرب من بيته يحتسي الخمر وفعلا ضيّع هاتفه النقال، وقد تمت تبرئته بدوره في الأخير. وآخرون يجدون أنفسهم متهمين فقط لأن أحد مروجي المخدرات اتصل به : كثير من القضايا التي مرت بمحكمة الجنايات تداول عليها أشخاص تم التوصل إليهم باستغلال كاشف المكالمات الهاتفية التي صدرت ووردت لهاتف المجرم وفي إحدى القضايا وجد احدهم نفسه متهما ضمن شبكة تمت الإطاحة بها وحجز 3 قناطير كيف، تبين بان احد المروجين اتصل بذلك الشخص الذي يملك محلا للهواتف النقالة وقد أفضت التحقيقات إلى أن الشخص كان يعبئ رصيد المتهم وذلك فقط هو سبب الاتصال بينهما.