بعد الفضائح التي هزت ميناء الجزائر السنوات الماضية، والتي تورّط فيها أفراد من طواقم بعض البواخر التجارية المعروفة التابعة لشركة "كنان"، والمتعلقة بتهريب السجائر خاصة، ها هي فضيحة من العيار الثقيل تهز ميناء الجزائر، والمتعلقة بتورط ربان الباخرة التجارية ابن سيناء وأفراد من طاقمه في الاتجار بالمخدرات، والكمية كانت 25 كيلوغراما موجهة إلى بلجيكا، ليتسلّمها هناك أفراد الشبكة الدولية العاملون معها. أيدت غرفة الاتهام لدى مجلس قضاء العاصمة، أمر الإيداع الصادر عن قاضي التحقيق بمحكمة سيدي أمحمد، والقاضي بإيداع "ب.ر" 54 سنة، ربان الباخرة التجارية ابن سيناء التابعة لشركة "كنان"، الحبس الاحتياطي، إضافة إلى ثلاثة بحارة على رأسهم "ف.ي" 55 سنة، رئيس طاقم الباخرة. كما شمل أمر الإيداع عاملا من الميناء (سائق رافعة)، وثلاثة متهمين من خارجه. وقد توبع الجميع حسب ما حملته محاضر الضبطية القضائية المرفقة بالملف من أجل 25 كيلوغراما من المخدرات، وتعلقت التهم بتكوين جمعية أشرار، الشروع في تصدير غير مشروع للمخدرات، إخفاؤها، نقلها، الاتجار غير المشروع فيها، إساءة استغلال الوظيفة، عدم التبليغ عن جناية، إتلاف أدلة إقناع، والمشاركة بالنسبة للبعض في التهم المذكورة. ومن أهم ما جاء في تصريحات المتهمين أثناء استجوابهم، ما أدلى به "ف.ي"، وهو ملاح بحري، الذي قال إنه في حدود الساعة الثامنة من يوم 22 ديسمبر الماضي، وعلى مستوى عنبر الباخرة، سقط من المدعو "م.م" من السلم، ووجده زميله الربان "ب.ر" ملقا على الأرض متأثرا بجروح خطيرة، وتم عندها طلب الإسعاف لينقل الجريح إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي بالعاصمة. * المخدرات كانت موجهة إلى بلجيكا ويضيف المتحدث أنه في حدود السادسة مساء من ذات اليوم، تلقى الربان المتهم استدعاء للقيام بزيارة البحّار "م.م" بالمستشفى، وواصل التصريحات التي أكدها المتهم الرئيسي "ب.ر"، الذي قال عند سماعه، إنه أثناء زيارته للبحّار الجريح، طلب منه هذا الأخير مساعدته بخصوص كمية من المخدرات قدرها 25 كيلوغراما والمخبأة بغرفة نومه بباخرة ابن سيناء، حيث كان جزء منها بين السرير وجدار الغرفة، وجزء آخر مخبأ بحكام داخل خزانة ملابسه، فيما كان جزء آخر بين مقعد الغرفة والجدار. ويضيف الربان أن الجريح طلب منه إخراج المخدرات من الغرفة تفاديا لكشفها من طرف البحّار الذي سوف يخلفه بالغرفة، وإخفاءها بأي مكان بالباخرة ونقلها معه إلى ميناء (رونفارس) ببلجيكا، حيث أخبره أن شخصا سوف يكون بانتظاره هناك لاستلامها، وهو الشيء الذي رفضه الربان حسب ما جاء في تصريحاته كما أنه رفض طلبه منه رميها في البحر. * 300 أورو للكيلوغرام الواحد.. مقابل نقلها ويضيف الربان أن البحّار عرض عليه 300 أورو للكيلوغرام الواحد من المخدرات التي طلب منه نقلها إلى بلجيكا، لكنه يضيف الربان وأمام رفض الأخير للصفقة وعدم موافقته على رمي الكمية بالبحر، قام البحّار "م.م" بربطه هاتفيا بشخص يدعى "مرزاق"، قائلا له إنه صاحبها. الربان الذي اعترف أنه تحدث إلى المدعو مرزاق بطلب من هذا الأخير، حيث عرض عليه نفس الصفقة، والتي قال الربان إنه أمام تمسكه برفضها، قبل أن يخبره بأنه سوف يتقدم إليه يوم الغد، شخص يعمل بالميناء ليتسلمها منه، ويتعلق الأمر بالمتهم المدعو "م.مراد" المكنى "النيڤرو"، وهو سائق رافعة بالميناء. وقد تبيّن من ملف القضية، أن الربان قام بإخراج المخدرات من غرفة البحّار، في حدود الساعة الواحدة صباحا. هذا، وتورط في القضية المدعو "ب.خ"، والمسبوق قضائيا في قضايا مماثلة، والمعروف لدى مصالح الأمن بامتهانه الاتجار غير المشروع بالمخدرات، والذي تبيّن أنه صاحب الكمية المتابع من أجلها الربان وباقي المتهمين، والذي استعان بأحد المسبوقين، وهو المتهم المدعو "ع.أ"، عامل سابق بميناء الجزائر، والذي طلب منه "ب.خ" أن يتوسط له عند أحد البحارة لغرض نقل الكمية إلى بلجيكا، وقد أعطاه مقابل هذه الخدمة 10 آلاف دج عن الكيلوغرام الواحد، حيث يعترف "ع.أ" أنه تمكن من إقناع سائق الرافعة بنقل المخدرات إلى الباخرة، كما اتفق مع البحّار "م.م" على إخفاء الكمية بالباخرة وتولي نقلها إلى بلجيكا. هذا، وينتظر أن يكشف المتهمون أثناء سماعهم في الموضوع من طرف قاضي التحقيق لدى محكمة سيدي امحمد الأيام المقبلة، على حقائق أخرى لن تزيد إلاّ من تشويه صورة ميناء الجزائر وأفراد طواقم بواخر أسطوله البحري.