علمت "الأمة العربية" من مصدر قضائي موثوق به، أن غرفة الاتهام بمجلس قضاء العاصمة، قد أمرت قاضي التحقيق لدى محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، منذ أيام، بإحالة ربان الباخرة التجارية "ابن سيناء" التابعة لشركة "كنان" ومجموعة من أفراد طاقمه، وآخرين، على محكمة الجنايات، ليحاكموا بتهم ثقيلة تتعلق بتكوين جمعية أشرار، الشروع في التصدير غير المشروع للمخدرات، إخفائها، نقلها، الإتجار غير المشروع بها، إساءة استغلال الوظيفة، عدم التبليغ عن جناية، إتلاف أدلة إقناع بالنسبة للبعض، والمشاركة للبعض الآخر في التهم المذكورة. وقد جاء في ملف القضية التي كانت "الأمة العربية" سباقة في الكشف عنها، بداية السنة الفارطة، تورط "ب.ر" ربان "ابن سيناء" وقت الوقائع (54 سنة من العمر)، إضافة إلى ثلاثة بحارة على رأسهم "ف.ي" رئيس طاقم الباخرة (55 سنة)، عامل من الميناء (سائق رافعة)، وثلاثة متهمين من خارجه، من أجل 25 كيلوغراما من المخدرات، كان من المقرر نقلها إلى بلجيكا على متن نفس الباخرة ليلة رأس السنة الميلادية 2009، لولا الحادث الذي تعرض له أحد أفراد العصابة الدولية المنتمي إليها المتهمون، والذي حال دون استكمال عملية نقل المخدرات إلى بلجيكا، بل أدى إلى فضح الجميع. تتلخص وقائع القضية حسب تصريحات المتهمين المضمنة في الملف أنه بتاريخ 22 ديسمبر 2008، في حدود الساعة الثامنة، وعلى مستوى عنبر الباخرة، سقط المدعو "م.م" من أعلى السلم، ووجده زميله "ب.ر" ملقا على الأرض متأثرا بجروح خطيرة، وتم عندها طلب الإسعاف لينقل الجريح إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي بالعاصمة. وفي حدود السادسة مساء من ذات اليوم، تلقى الربان المتهم استدعاء للقيام بزيارة البحارة "م.م" بالمستشفى. وأثناء الزيارة، طلب الجريح من الربان مساعدته بخصوص كمية من المخدرات قدرها 25 كيلوغراما أخبره أنها مخبأة بغرفة نومه بباخرة "ابن سيناء"، حيث أعلمه أن جزء منها بين السرير وجدار الغرفة، وجزء آخر مخبأ بحكام داخل خزانة ملابسه، فيما كانت كمية ثالثة بين مقعد الغرفة والجدار. وصرح الربان أثناء التحقيق، أن الجريح طلب منه إخراج المخدرات من الغرفة تفاديا لكشفها من طرف البحار الذي سوف يخلفه بالغرفة، وإخفاءها بأي مكان بالباخرة ومن ثمة نقلها معه إلى ميناء (رونفارس) ببلجيكا، حيث يجد شخصا سوف يكون بانتظاره هناك لاستلامها، وهو الطلب الذي يقول الربان أنه رفضه كما رفض أيضا رميها في البحر. وقد كشف التحقيق على أن الجزائريين المتابعين ينتمون إلى شبكة دولية متخصصة في تهريب المخدرات والاتجار بها، والتي تعتمد على أفرادها هنا في الجزائر لنقل الكمية مهما كان الأمر، حتى وإن تطلب ذلك شراء ذمم البعض ب "الأورو"، فقد اعترف الربان أن البحار عرض عليه 300 أورو عن الكيلوغرام الواحد من المخدرات التي طلب منه نقلها إلى بلجيكا، ويضيف الربان أن البحار قام بربطه هاتفيا بشخص أخبره أنه صاحب المخدرات، والذي تحدث إليه عارضا عليه نفس الصفقة، التي أكد المتحدث أنه رفضها. وأمام هذا الرفض، قال الربان إن محدثه أخبره بأن شخصا يعمل بالميناء سوف يتقدم إليه في الغد من أجل استرجاع الكمية منه، ويتعلق الأمر بالمدعو "م.مراد" المكنى "النيڤرو"، وهو سائق رافعة (متهم في القضية). الربان وبينما كان متوجها بالكمية التي كانت في حقيبة سوداء نحو "النيڤرو" ليعطيها له في حدود الساعة الواحدة صباحا، أحاطت به عناصر أمن الميناء التي كانت قد رصدت أجهزة التنصت التابعة لها تحركات الربان ومن معه، ومنذ تناوله للكمية ووضعها في الحقيبة إلى غاية خروجه من الباخرة، ليلقى القبض عليه متلبسا، وهو ما جعل وضعيته القانونية جد حرجة بالنظر إلى كمية المخدرات وحساسية منصبه. تورط في القضية أيضا المدعو "ب.خ"، تاجر المخدرات المسبوق قضائيا في قضايا مماثلة، والمعروف في سجلات الأمن بامتهانه الاتجار غير المشروع بهذه السموم، الذي تبين من خلال التحقيق أنه صاحب الكمية المتابع من أجلها الربان وأفراد طاقمه، حيث استعان بأحد المسبوقين قضائيا وهو "ع.أ" عامل سابق بالميناء، الذي طلب منه التوسط له لدى أحد البحارة من أجل نقل المخدرات إلى بلجيكا، وقد منحه مقابل هذه الخدمة 10 آلاف دج عن الكيلوغرام الواحد، وهنا اعترف "ع.أ" أمام قاضي التحقيق أنه تمكن من إقناع سائق الرافعة بنقل المخدرات إلى الباخرة، كما اتفق مع البحار "م.م" على إخفائها هناك، ومن ثمة تولى مهمة نقلها إلى بلجيكا، حيث سيكون هناك من يتسلمها منهم. يذكر أن هذه القضية الأولى من نوعها التي يحال فيها ربان باخرة تابعة للأسطول البحري لشركة "كنان"، على الجنايات من أجل تهم كهذه، لكنها ليست القضية الأولى التي يتورط فيها ربانات وطواقم من هذه الشركة في التهريب بدء من السجائر، وقد عالجت محكمة الميناء "سيدي أمحمد" العديد من قضاياهم، لتتطور نوعية المادة المهربة إلى المخدرات، في ظل ممارسة نشاط ضمن شبكة دولية تتخذ من الجزائر معبرا لها بمساعدة مسؤولين في شركة ك "كنان" ينكرون عند كل قضية علمهم بالأمر.