تعتبر الكاميرا الخفية مظهرا من مظاهر رمضان التلفزيونية والتي يتحلق عليها المشاهد الجزائري بعد الإفطار، وقد تفنن المخرجون في الأساليب والأفكار التي يمكن من خلالها تسلية الناس عبر مقالب فكاهية لمعرفة ردة فعل الإنسان الذي سقط في المقلب، وتكون وسائلها متعددة من تلاعب بالنظر والسمع، أكاذيب، حوادث وغيرها وقد يقوم بها شخص أوأكثر، وفي السنوات الأخيرة تطورت فبعدما كانت مجرد صورة من غير صوت أصبحت تسير وفق سيناريو معين، وقد أثارت هذه الأعوام جدلا كبيرا بين معارض ومؤيد خاصة في الجزائر حيث أصبحت موضوعاتها تميل إلى العنف وإرهاب الناس. بدأ الجدل حول الكاميرا الخفية في الجزائر خصوصا بعد عرض كاميرا" الطاكسي المجنون" التي شكلت تغييرا كبيرا في خط الكاميرا الخفية الجزائرية من حيث الموضوع والأسلوب وطريقة معالجته، وقد اعتمدت فكرتها الأساسية على تجربة ركاب تاكسي وإيهامهم بوجود جنية أمامهم تأمرهم بأمورغريبة حتى تحقق لهم أحلامهم ورغباتهم، الأمر الذي جعل الكثيرين يصابون بالهلع بل أن أحدهم كاد أن يلقي بنفسه من السيارة في حركة جنونية كادت تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها، ورغم أن الكثيرين تذمروا من ثقل الموضوع إلا أن الكثير قال أن " الطاكسي المجنون" فتح عيون الجزائريين على مظاهر سلبية في عقلية الجزائري، حيث صرح لنا "سليم" طالب جامعي في علم النفس قائلا: " كنا نظن أن الجزائري ارتقى بوعيه عن الخرافات وحكايا الجدات، غير أن الطاكسي المجنون كشف لنا العكس تماما، حيث أن كل من ركب مع السائق صدق قوله بل ومنهم من وجدها فرصة للحصول على ما يتمناه، وهذا حسب رأيي راجع إلى اليأس والخيبة التي يحملها الجزائري في نفسيته والتي تجعله يتكىء على أمور غيبية ويرجع كل فشله إلى ذات الأمور كالعين والسحر وغيرها "وقد تكررت فكرت الأمور الغيبية في " كاميرا مراد خان" التي حاولت أن تجعل الناس يصدقون بأن أحدهم إذا عطس عليك جعلك أبكما أومعاقا والكثيرين صدقوا الأمر وارتعبوا له حتى في أوساط المثقفين والمتعلمين كالصيادلة وغيرهم، وفيما رأى البعض أن هذه الأفكار مسلية ومضحكة من جهة، وتعبر عن واقع جزائري رفض الكثيرين الأفكار المرعبة التي تأتي بها الكاميرات الخفية في الجزائر، كفكرة دعوة الفنانين إلى الاستيديو وإيهامهم بانتشار مرض ما، أو حضور إنسان مسكون من طرف جني، ما جعل الكثيرين يثورون من الهلع والرعب، عمي أحمد متقاعد يرى أن فكرة الكاميرا الخفية قاسية جدا وقد تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه " أنا مثلا عندي مرض السكري وضغط الدم، وأنا أجزم أنه لو أنني تعرضت لإحدى المواقف لكنت في خبر كان" وأردف " إن كان من اللازم أن يقوموا بهذه المقالب فعليهم أن يختاروا جيدا ضحاياهم ويراعوا سنهم وظروفهم"، أما العربي فقد قال إنه ليس ضد الكاميرا الخفية ولكن عندما يقارنها مع الكاميرا الخفية الأوربية يجد أن الجزائرية خصوصا والعربية عموما عنيفة جدا، أما شريف شاب في 24 فقد انتقد الأسلوب عموما " أصبحت الكاميرا الخفية مسلسلا، تبدا بجينيريك فيه 5 دقائق، الكثير من الممثلين، أغنية الجينيرك طويلة ثم المضمون يأتي غريب ومؤذي في بعض الأحيان، فهم يختارون ضحاياهم من الشيوخ، النسوة الساذجات أوالشباب الذي يظهر عليه سمة الغريب، كالمسافرين وهذا عيب، إذ يصل المسكين متعبا وخائفا من يوم طويل في العاصمة ليكون هذا هو الترحيب الذي يتلقاه، كذالك الشاب الذي كان يتجول في معرض للأشربة الجزائرية حيث أوهموه أنه تذوق الشراب الخطأ وأنه سيموت بعد ساعات فراح يحاول الاتصال بأمه حتى يودعها ويطلب منها السماح " وعبر منير عن ملاحظاته التي تتمثل في المواقف الغريبة التي يصور فيها سارق للهاتف النقال" الإعلام هو الذي يجعل من الشيء عاديا أوغريبا، وأن يصور سارق هاتف نقال في الشارع بتلك الطريقة يعني أننا نستصغر الأمر ونجعله عاديا هذا من جهة، ومن جهة أخرى الكاميرا تعرض على الفضائيات ومن شأنها المساس بسمعة البلد" وفي هذا الإطار منعت روسيا الكاميرا الخفية منعا باتا في قنواتها الفضائية والأرضية بعد عرض كاميرا خفية فيها مشهد قتل. هذا ويبقى الكثير من الجزائريين معجبين بطرق الكاميرا الجزائرية في التلاعب بالناس بسمة موظفة تقول "إن سر نجاح الكاميرا أصلا هو مدى وصولها إلى حرق أعصاب المستهدف وهذا حقا ما تنجح فيه الكميرا الخفية الجزائرية". ومن ناحية أخرى ثار جدل كبيرحول الكاميرا الخفية بين رجال الدين، حيث صدرت العديد من الفتاوى التي تحرم هذا النوع من التسلية لأنها تقوم على بث الرعب في نفس المسلم وقد اعتمدوا في التحريم على العديد من الأدلة والقرائن عن النبي والتي تحرم على المسلم إرهاب أخيه حتى ولو كان ذلك مزاحا، مع تحريم الكذب والحيلة التي هي أساس الكاميرا الخفية. وتبقى الكاميرا الخفية طريقة عالمية للتسلية على ألا تتعدى حدود المعقول وتكون مدروسة حتى لا تؤذي الناس نفسيا فلا تستخف بكرامتهم ولا بإنسانيتهم ولا صحتهم فتعرضهم لنوبات عصبية قد تؤدي بهم إلى الموت، وأن لا تكون إرهاب ناس على حساب تسلية الناس.