تعد موائد الرحمة التي تنصب في مختلف ولايات الوطن من أبرز علامات التضامن في هذا الشهر الفضيل بين أبناء الشعب الجزائري، حيث تتضافر الجهود من طرف مختلف فعاليات المجتمع المدني والمحسنين قصد خدمة الصائمين المعوزين وعابري السبيل، كما تمتد يد العون من قبل متطوعين لايريدون جزاء ولا شكورا إنما يقصدون إدخال الفرحة على قلوب الصائمين الذين يقصدون هذه المطاعم ومن بينها مطاعم المنظمة العتيدة "الكشافة الإسلامية الجزائرية "التي وجهت لنا دعوة لمرافقة قائدها العام "نور الدين بن براهم" في جولة تفقدية إلى مختلف مطاعمها في بلديات العاصمة. تجسد الكشافة الإسلامية أروع مظاهر التضامن بمطاعمها المنتشرة عبر مختلف بلديات العاصمة، والتي من خلالها يبرز التآخي في الإسلام، حتى أنه أصبحت شوارع العاصمة وبعض أزقتها لوحة فسيفسائية، بألوان لباس الكشافة البهي، وتستوعب هذه الموائد مابين 100 إلى 150 شخص يسعى من خلالها الكشفيون من قادة وجوالة ومتقدمون إلى غرس قيم التسامح، وترسيخ الصور الجوهرية للإسلام الداعية للتضامن ودعم مبادئه المشرفة أمام العالم والتي تنبذ كل مظاهر العنف والإرهاب، وتشتمل موائد الإفطار التضامنية على وجبات غذائية كاملة خاضعة لمعايير صحية ومراقبة طبية دائمة تقوم بالإشراف عليها مجموعة من أبناء الكشافة الإسلامية. في جولتنا مع القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائر ية "نور الدين بن براهم" قصدنا مركز "السعيد بوديار" الذي يعد مركزا لإعداد وجبات الإفطار المتنوعة من الطبق الرئيس وصولا إلى المقبلات، وباقترابنا من السيدة "بورديم" المشرفة على المركز، أكدت لنا بأن المركز يقوم بتحضير 1400 وجبة ساخنة يوميا، تخضع لجميع معايير النظافة والصحة، يقوم بنقلها مجموعة من أبناء الكشافة على مختلف الأفواج الكشفية التي تحتوي على موائد للإفطار في براميل معدة خصيصا لذلك سعتها 120لتر . بمجرد وصولنا إلى فوج "الفلاح ببراقي تراءى أمام أعيننا فتى في مقتبل العمر من خلال لباسه الكشفي ظهر بأنه من فئة الجوالة يحمل بين يديه الصغيرتين كيسا من الدقيق وزنه 10كلغ ،والعرق يتصبب من على جبينه سألناه مالذي دفعه للقيام بحمل هذه الأكياس الثقيلة على من هم في سنه، فأجابنا بأنه ليست بالثقيلة إذا قورنت بالأجر والثواب الذي سيمنحه له الله فهو لايريد من الناس لاجزاء ولا شكورا وإنما يمتثل في عمله هذا لقول النبي "صلى الله عليه وسلم "من فطر صائما كان له مثل أجره أو كما قال –النبي صلى الله عيه وسلم"، ليخبرنا قائد الفوج بأن أبناء الكشافة هم من يقومون بتوزيع هذه القفف على جيرانهم المعوزين بحكم أنهم هم الأقرب منهم وهم الأعرف بحالتهم من غيرهم، ويصل سعر القفة الواحدة إلى 3200دج . "بوروبة" هي ذلك الحي الشعبي العريق الواقع في أعماق الحراش ، والمعروف عنه من بين المناطق التي تكثر فيها مقاولات أشغال البناء، ومكانا كذلك يقصده الكثير من البنائين، والباحثين عن مناصب الشغل كمساعدي البنائين القادمين من مختلف ولايات الوطن، هذا ما يطرح قضية التضامن معهم في هذا الشهر الفضيل بحدة إذ أن أفواج الكشافة الإسلامية الفلاح العمل، حملت على عاتقها مهمة التضامن مع هذه الفئة من عابري السبيل على طريقتها إذ اقتربت من صاحب المحل التجاري "طيبة فود" ونسقت معه في عملية التضامن الذي سخر لهم المركز التجاري وساهم كذلك في توفير وجبات الإفطار التي يتجاوز عددها يوميا في المركز التجاري 700وجبة ، ويتجند في هذا المطعم أبناء الكشافة الجزائرية، إضافة إلى بعض المتطوعين من النساء والعاملات، لإعداد مائدة الإفطار التي تحتوي في غالب الأحيان على الطبق الرئيسي "الشربة "وطبقا ثانيا متغيرا "الدلمة "أو "لحم حلو" ، إلى جانب السلطة والمشروبات والفواكه والجدير بالذكر أن هذه الوجبات تخضع للمعاينة الطبية من طرف الجهات المعنية. اقتربنا من بعض عابري السبيل قاصدي هذه الموائد الذين لم يتوانوا في تقديم خالص دعائهم لأبناء الكشافة، فهذا سمير "بناء من ولاية الجلفة الذي قال بأن غلاء سعر وجبة الإفطار في المطاعم التي يصل سعرها إلى 250دج هو مادفعه إلى قصد مائدة الرحمة للكشافة الإسلامية والتي تعتبر وجباتها لابأس بها بل إنه قال بأنها تكون في كثير من الأحيان أفضل من الوجبات المقدمة في المطاعم ،كما أنه لم يفوت الفرصة في الثناء على أبناء الكشافة، أما عمي "البشير "الذي يمارس مهنة حرة فقد قال بأن محله التجاري بعيد عن مقر سكناه ما دفعه إلى قصد مائدة الرحمة حتى يتمكن من فتح المحل باكرا بعد الإفطار ومواصلة عمله خصوصا إن كانت الوجبة التي تقدمها في بعض الأحيان أفضل من الوجبة التي تعدها زوجته في المنزل هذا ما يدفعه حسب قوله إلى الشجار معها في كل مرة وفي بعض الأحيان ضربها وقلب المائدة.