كمال رزيق يتسلم مهامه على رأس وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات    رخروخ يستقبل نوابا من المجلس الشعبي الوطني عن ولايتي المدية وباتنة    مبارك : نجاح باهر لعملية فتح رأس مال بنك التنمية المحلية عبر البورصة الجزائرية    منتدى الأعمال الجزائري الصيني: تسجيل 42 مشروعا استثماريا صينيا بقيمة 4.5 مليار دولار    الجزائر تظفر عن جدارة واستحقاق بعضوية مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي    حوادث الطرقات: وفاة 49 شخصا وإصابة 1884 آخرين بجروح في ظرف أسبوع    تساقط أمطار رعدية بعدة ولايات من البلاد إلى غاية مساء يوم غد الأربعاء    الحكومة المغربية تواجه انتقادات متزايدة    إلى متى الصمت؟!    اتفاقية جزائرية تونسية    هذه استراتيجية الجزائر لمواجهة الحرقة    السودان.. جرحٌ عربيٌ نازفٌ    السفير يطمئن على قندوسي    بطولة للشطرنج بين مصالح الشرطة    رؤية جديدة    إطلاق شبكة الجيل الخامس قبل نهاية 2025    نحو استلام 290 مركزا للتخزين الوسيط للحبوب    والي بجاية يُسدي تعليمات صارمة    فتح رحلات الحجّ عبر الأنترنت    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 50983 شهيدا و116274 مصابا    إطلاق مشروع "طاقاتي+" بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي وألمانيا    الفواكه البرية خطر على الصحة    خبراء اقتصاديون: إنشاء هيئتين للاستيراد والتصدير سيمنح شفافية وانسيابية للتجارة الخارجية    العلاقات الجزائرية-الروسية.. ديناميكية تصاعدية    رسائل ثقة للاقتصاديين ودعامة للاقتصاد الوطني    هيئتان للتصدير والاستيراد انفتاح على الخارج وحماية للسوق    المجتمع المدني .. من ثورة التحرير إلى الجزائر المنتصرة    اتحاد ورقلة يهدد بالمقاطعة ومستقبل الرويسات يندد    الأمم المتحدة: مجلس الأمن يعقد اجتماعا مغلقا حول قضية الصحراء الغربية    حسن الجوار.. علاقة تلاشت مع الزمن    تموين افتراضي حول مكافحة حرائق الغابات    مقترحات تنموية على طاولة والي بئر توتة    لأول مرة.."باك مهني" سبتمبر المقبل    وزارة الصحة تحذر من مخاطر التناول المفرط لأدوية مادة الباراسيتامول    المغرب: مطالب بمنع رسو سفن محملة بمعدات عسكرية بموانئ المملكة تستخدم لإبادة غزة    "الطيّارة الصفراء" لهاجر سباطة يفتكّ الجائزة الكبرى    النظام الوطني للتنظيم الصيدلاني محل تقييم ذاتي تحت إشراف منظمة الصحة العالمية    المغرب: السلطات المخزنية تغلق ثلاث كليات وتوقف الدراسة لثلاثة ايام بسبب نشاط تضامني مع فلسطين    قسنطينة: 20 مشاركة في معرض لفنانات الشرق الجزائري    ندوة تاريخية في قصر رؤساء البحر : لاحياء يوم العلم الحركة الإصلاحية في الجزائر..مسيرة التحولات ومسار التحديات    هدف تاريخي ومساهمات حاسمة أمام توتنهام..آيت نوري يسطع في سماء البريمييرليغ    أول تعليق من أحمد قندوسي على إصابته المروعة    كأس الجزائر /نصف النهائي/ : "داربي" واعد بين اتحاد الحراش واتحاد الجزائر, قمة غير مسبوقة بين شباب بلوزداد ومولودية البيض    ما هو العذاب الهون؟    سطيف: عروض عديدة في انطلاق الطبعة الثالثة للأيام الدولية لألعاب الخفة    ينبغي الحفاظ على "الصورة المشرفة" للبعثة الطبية الجزائرية    نتوقّع مواقف جد متقدّمة من أعضاء مجلس الأمن    هكذا ساهم منتخب "الأفلان" في استقلال الجزائر    تتويج أولاد الباهية (ذكور) ومولودية الجزائر (إناث) والتنظيم ينال الامتياز    تكريم وجوه فنية بارزة    الدورة الثامنة من 26 إلى 30 ماي    البيض: الطريقة الشيخية الشاذلية تأكد دعمها المطلق للموقف الرسمي للسلطات العليا للبلاد    يحي سعد الدين نايلي مديراً عاماً جديداً لصيدال    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    11 موقعاً جزائرياً.. نحو العالمية    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    الحضارات الإنسانية لا تعادي الثقافات النبيلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطاعم الرحمة
مجهودات تضامنية لصالح المحتاج وغير المحتاج
نشر في المساء يوم 27 - 09 - 2008

عاشت مختلف مناطق الوطن منذ بداية رمضان، على وقع العملية التضامنية التي ساهمت فيها عدة جهات، بدءا بوزارة التضامن الوطني والكشافة الإسلامية والهلال الأحمر، وانتهاء بالمحسنين الذين لم يتوانوا ككل سنة عن نصب موائد الرحمة لضيوف الرحمن، في أجواء تغلفها روح العطاء.. ففي شهر الرحمة تتعانق القلوب المتضامنة مع الفئات المحرومة، في الوقت الذي تسهر فيه المصالح المعنية على مراقبة سير هذه الخدمة الإنسانية، بغية الحفاظ على سلامة الفئات المترددة على مطاعم الرحمة والحيلولة دون حدوث أية تجاوزات أو تلاعبات تعرقل الأهداف النبيلة للعملية التضامنية.
تعد موائد الرحمن التي تنصب في مختلف ولايات الوطن، من أبرز علامات الشهر الفضيل، حيث تتضافر جهود السلطات العمومية والمجتمع المدني والمحسنين لخدمة الصائمين، ويتجند لذلك رجال ونساء لا يحصلون سوى على مبالغ رمزية مقابل الخدمة الكبيرة التي يؤدونها، كما تمتد يد العون من قبل متطوعين لا يريدون جزاء ولا شكورا، إنما إدخال الفرحة على قلوب الصائمين الذين يقصدون مطاعم الرحمة وحسب.
وتكشف المعاينة الميدانية أنه عندما تشير عقارب الساعة الى حوالي الثالثة زوالا، تصطف حشود هائلة أمام مختلف مطاعم الرحمة تسابقا نحو حجز أماكن للإفطار بعد الغروب، ويأتي المتشردون في مقدمة الشرائح المستفيدة من هذه الخدمة الرمضانية، التي تخلصهم من عناء البحث عن لقمة العيش إلى حين أن يعلن الهلال عن حلول شهر شوال.
3 ملايير دج لمطاعم الرحمة
وخلال لقاء جمعنا بالسيدة بشيرة فلاق، مديرة فرعية بوزارة التضامن الوطني والأسرة والجالية الجزائرية بالخارج، ذكرت أن التضامن مع الفئات المحرومة في رمضان يصل الى درجة قياسية، بفعل التنافس على خدمة المحتاجين عبر كافة مناطق البلاد، مما يخول الوصول إلى شريحة واسعة منهم. وكشفت نفس المسؤولة أن وزارة التضامن الوطني قدرت نفقات العملية التضامنية خلال شهر رمضان ب3 ملايير دج، حيث فتحت 668 مطعم للرحمة على المستوى الوطني، وبموجب ذلك تمكنت في ظرف ثلاثة أسابيع من تقديم 3 ملايين و918 ألف و224 وجبة، منها مليون و579 ألف و697 وجبة ساخنة ومليونين و338 ألف و527 وجبة محمولة، وذلك لفائدة مليون و229 ألف و962 شخص ينتمون إلى فئة المعوزين والأشخاص غير المؤمنين اجتماعيا وضحايا المأساة الوطنية. علما أن عدد الأشخاص المجندين لإنجاح العملية التضامنية بلغ 7389 في رمضان 2008، بينما وصل عدد نقاط التخزين الى 1014 نقطة.
وأشارت نفس المتحدثة إلى تسجيل تضامن كبير من قبل عدة أطراف فاعلة في المجتمع، عززت مجهودات وزارة التضامن، على رأسها الكشافة الإسلامية الجزائرية، الهلال الأحمر الوطني، وكذا المحسنين الذين يشكلون نسبة جد معتبرة، الأمر الذي كرس السير الحسن لعملية إفطار الصائمين.
غياب التجاوزات والتسممات
وعن مدى وجود مراقبة على مستوى مطاعم الرحمة لتفادي أية تجاوزات أو اختلاسات في المبالغ، أجابت السيدة بشيرة فلاق، أن المراقبة مهمة يتكفل بها فريق خاص يقوم بخرجات يومية في عدة مناطق لمراقبة مدى الالتزام بتوزيع الوجبات، ومدى نظافتها وتوازنها، وذلك من باب الحرص على صحة الصائمين الذين يتناولون وجبات مطاعم الرحمة. واستطردت أن المراقبة التي تتم تحت إشراف لجنة تابعة لمديرية النشاط الاجتماعي، لم تسفر إلى حد كتابة الموضوع عن تسجيل أية تجاوزات أو تسممات غذائية.
وفي نفس إطار التضامن، بادرت من جهتها عدة بلديات بفتح مطاعم للرحمة أو بمنح رخص فتحها لبعض المحسنين، وبهذا الخصوص قابلت "المساء" الأمين العام لبلدية الجزائر الوسطى، السيد علي شريشي، الذي أوضح أن هذه الأخيرة شهدت افتتاح خمسة مطاعم للرحمة، من بينها مطعم تشرف عليه البلدية على مستوى شارع الموحدين، حيث كان عدد مطاعم الرحمة في رمضان 2007 أربعة. مضيفا بلغة الأرقام، أن مطعم الرحمة لبلدية الجزائر الوسطى، يوفر ما بين 550 و650 وجبة يوميا لفائدة العمال الذين يقطنون خارج العاصمة، الفقراء ونسبة محدودة من المتشردين، حيث يتوقع أن تكلف هذه الخدمة حوالي مليار سنتيم خلال شهر.
الهلال الأحمر: تحسن نوعية الخدمات
وفي سياق متصل، أبرز السيد جمعي نباش عميد الهلال الأحمر الجزائري، أن هذا الأخير يشرف على 220 مطعم للرحمة موزعين على مختلف أنحاء الوطن، منهم 14 مطعما على مستوى العاصمة.. مؤكدا أنها تسير في مجملها في ظل ظروف جيدة نظرا لتحسن نوعية الخدمات المقدمة هذه السنة، وذلك بفضل تجنيد أكثر من 6 آلاف متطوع على المستوى الوطني، وتلقي إعانات من قبل كل من "نجمة"، "كوكاكولا" وشركة "الصومام".
وتبعا لذات المصدر، فإن مطاعم الرحمة المنتشرة بالعاصمة، تقدم حوالي 5 آلاف وجبة يوميا، حيث تعرف إقبالا كبيرا من طرف عابري السبيل، البطالين ونسبة معتبرة من المتشردين.
كما وفرت مطاعم الرحمة هذه السنة مليون و500 ألف وجبة خلال رمضان، بعد أن بلغ عدد الوجبات التي أشرف الهلال الأحمر على تقديمها في المطاعم 750 ألف وجبة في رمضان 2007، وهذه القفزة الملحوظة في عدد الوجبات، تعد حسب محدثنا ثمرة تضافر جهود شباب متطوعين ينتمون إلى مختلف شرائح المجتمع، منهم طلبة جامعيون، أساتذة، إطارات، بطالون وعمال يلتحقون بالمطاعم ابتداء من الساعة الرابعة مساء، حيث جمعهم هدف الخدمة التطوعية التي تقوم على مبدأ الإنسانية.
حجز تذاكر الإفطار منذ الصباح
وللاطلاع عن كثب على واقع مطاعم الرحمة، زارت "المساء" بعضها على مستوى الجزائر العاصمة، حيث وجدنا فرق العاملين منهمكين في إعداد الوجبات الغذائية، فكانت زيارتنا بمثابة فرصة بالنسبة لهم ليعبروا عن سعادتهم بأداء هذا الواجب الإنساني.
وجهتنا الأولى كانت نحو مطعم على مستوى شارع طنجة بالجزائر الوسطى، حيث تجندت 10 نساء للعمل من السادسة صباحا الى الثانية زوالا من أجل إعداد 700 وجبة يوميا يتولى توزيعها 14 رجلا في المساء، منها 400 وجبة ساخنة تقدم على مائدة الإفطار و300 وجبة محمولة تضم طبق "الشوربة"، طبقا ثانيا ومحليات.
وفي هذا الصدد ذكر السيد عبد الرشيد كحيحة، مسير المطعم، أن هذا الأخير الذي فتح أبوابه منذ 13 سنة، يشهد زيادة مطردة في عدد المقبلين الذين يتزاحمون منذ الصباح الباكر لحجز تذاكر الإفطار، التي تنفد بمجرد أن تشير عقارب الساعة الى الثامنة صباحا! وفي حدود الساعة الثانية زوالا يصطف عابرو السبيل ومعوزون من كلا الجنسين أمام باب المطعم، الذي يفتح أبوابه على الساعة الثالثة مساء لاستقبال بعضهم، بينما يضطر الآخرون للانتظار إلى حين إفطارالدفعة الأولى نظرا لضيق مساحة المطعم، ويسكنون آلام الجوع بالتمر والحليب اللذين يقدمان لهم عند أذان المغرب.
ويقول صاحب المطعم: "إن القيام بهذا الواجب الإنساني يكلفنا تعبا كبيرا، لكن كل شيء يهون في سبيل تقديم الخدمة التطوعية على أحسن وجه.. ونحن مدينون في ذلك للممول الذي ينتمي الى ولاية بسكرة، والذي يحرص كل سنة على تقديم كل ما يلزم، حتى لا يعرف الجوع سبيلا إلى معدة الفئات المترددة على المطعم خلال شهر رمضان".
طابور يعيق حركة المرور
نفس أجواء التضامن تسود مطعم الرحمة المتواجد على مستوى شارع حسيبة بن بوعلي ببلدية سيدي امحمد، والذي يسعى صاحبه، السيد مصطفى زرطيط، إلى توفير حوالي 270 وجبة يوميا لفائدة المعوزين وبعض الطلبة الجامعيين والمتشردين. وتشرع هذه الشرائح الاجتماعية باختلافها، في التوافد على المطعم منذ الساعة الرابعة مساء لتشكل بذلك طابورا يسبب أزمة مرور على مستوى رصيف الشارع!
ويتجند في هذا المطعم فريق يتكون من ستة عمال، إضافة الى بعض المتطوعين، لإعداد موائد تحتوي على طبق "الشوربة" وطبق آخر يتمثل في "طاجين الزيتون" أو "المثوم" أو "الدولمة"، إلى جانب السلطة والمشروبات.
وتتحول القاعة الرياضية المتعددة الخدمات بالرويبة أيضا، الى فضاء للتآزر خلال هذا الشهر، تحت إشراف لجنة مائدة رمضان التي تتكون من 12 عضوا، منهم ثلاثة أطباء وأساتذة يدرسون بالثانوية، حيث صار إطعام المحتاجين في هذه القاعة عادة سنوية منذ 13 سنة.
وأظهرت تصريحات رئيس لجنة مائدة رمضان بالرويبة، والذي امتنع عن كشف اسمه كي لا يسقط منه لقب "محسن"، أن عدة أطراف تقدم خدماتها الإنسانية للتمكن من تقديم 3500 وجبة جاهزة لفائدة 550 عائلة يملك أفرادها بطاقات منحت لهم بعد تحقيقات أجرتها اللجنة الاجتماعية للبلدية، فضلا عن تحضير 150 وجبة ساخنة لصالح بعض عابري السبيل البطالين وبعض العائلات.
ولأجل المساهمة في إطعام هذه الفئات، يتطوع البعض للمساعدة في الطبخ أو توزيع الوجبات، كما ساهمت بلدية الرويبة بدورها بفتح القاعة الرياضية 11 ديسمبر 1960 للإطعام، وتزويد لجنة مائدة رمضان بشاحنة وسائق، وكذا سيارة لنقل المواد الغذائية. أما فيما يخص الخضر، اللحوم، البقول، التوابل، "الفريك"، والزيت، وهي كلها هبة من المحسنين، تسمح بتقديم طبق الشوربة وطبق آخر، وكذا مشروبات قد تكون مصحوبة بالجبن والفواكه في بعض الأحيان.
والجدير بالذكر، أن الوجبات المقدمة من طرف لجنة مائدة رمضان بالرويبة، تخضع لمراقبة ومعاينة الأطباء، وتكلفتها في السنة الفارطة قدرت ب500 مليون سنتيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.