نجحت إيران وبذكاء كبير في ممارسة الدبلوماسية لأجل كسب مزيد من الوقت، لتطوير برنامجها النووي، مثلما نجحت طيلة السنوات الماضية في التعامل مع الغرب على رأسهم الولاياتالمتحدة، التي فرضت عليها عقوبات اقتصادية، هذه الأخيرة التي لم تثن من عزيمة إيران في السير قدما لأجل تطوير برنانجها النوويي ، الذي أضحى هاجسا يقلق اسرائل ، لدرجة أنها أصبحت بين الحين و الآخر، تستعرض عضلاتها ، من خلال إجراء مناورات عسكريةكبيرة مشتركة مع واشنطن ، التي لوحت بفرض عقوبات اقتصادية خانقة ، قد تكون كمقدمة لعمل عسكري، في حال رفض إيران لتجميد عمليات تخصيب اليورانيوم، وفتح منشآتها النووية دون شروط أمام المفتشين الدوليين. القادة الإيرانيون كسبوا الجولة لصالحهم في لقاء جنيف ، وذلك من خلال إيجادهم لفن المناورة لأجل كسب الوقت لصالحم وهذا معناه حسب ما يراه المحللون السياسيون ، الاستمرار في تطوير البرنامج النووي ، وذلك من خلال التوصل الى اتفاق بعقد لقاءات ثانية قبل نهاية الشهر الحالي. فضلا عن حصولهم على منبر إعلامي دولي ، يشرح وجهات نظرهم بشكل سياسي ذكي جدا حول العديد من القضايا، لعل أبرزها على الإطلاق إيجاد حل لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل على مستوى العالم بأسره، في إشارة واضحة إلى إسرائيل و أسلحتها النووية ودفعها للتوقيع على معاهدة منع التسلح، والذي لطالما رفضت التوقيع عليها . ويرى المراقبون الدوليون ، أن الإيرانيين نجحوا وبذكاء خارق في ختام الاجتماع بجنيف على تقديم إيران كضحية، من خلال الهجمات الإعلامية الدولية عليها وتضخيم أخطار ملفها النووي ، حيث أكدت أنها تمارس حقا مشروعا في امتلاك الطاقة الذرية لأغراض سلمية، ناهيك عن أنها لم تقدم على أي اختراق لمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، و هذا بشهادة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، الذي نفى نهاية الأسبوع وجود أدلة موثوقة لدى الأممالمتحدة تثبت امتلاك إيران برنامج للتسلح النووي جاهز للعمل. طهران عندما أعلنت في جنيف عن مفاعلها النووي الجديد في " قم " ورحبت بفتحه أمام لجنة التفتيش التابعة للوكالة الدولية في غضون أسبوعين، كانت تعرف مسبقا أن الغرب على رأسهم الولاياتالمتحدة على علم بهذا المفاعل النووي، لذلك تعمدت الإعلان عنه في دبلوماسية لينة ، لأنها تعي أن مفاعلها الجديد لن يشرع في عمله قبل عام و نصف العام، ما يعني أن المفتشين الدوليين لن يجدوا في الوقت الراهن الذريعة التي تجعلهم يدينون إيران بانتهاك القانون الدولي، الذي يبرر حصارهم لإيران . الأمر الذي يبين نجاح الإيرانيين في استخدام المفاعل الجديد لتحويل أنظار العالم عن المفاعل الأهم والذي بإمكانه بناء قنبلة نووية في حال التخصيب العالي لليورانيوم . من جهة أخرى إبداء طهران استعدادها للتعاون مع الغرب من خلال فتح مفاعلها الجديد أمام المفتشين ، أوقع إدارة واشنطن في مأزق كبير لا سيما بعد إشراكها الدول الست في المفاوضات الجارية في جنيف، إذ أضحى هؤلاء شهوداً على رغبة إيران في التعاون مع وكالة الطاقة الذرية، وفتح مفاعل 'قم ' أمام اللجنة الدولية للتفتيش ، وهذا يعني أن ادارة أوباما لم تعد قادرة على اتخاذ قرار العقوبات أو الحرب بمفردها، كما كانت في سابق عهدها في عهد بوش الذي شن الحرب على العراق عام 2003 بالاشتراك مع قوات التحالف .