استغل ضحايا إحدى الوكالات السياحية التونسية، مباشرة القائمين على هذا القطاع بتونس لجلسات إعلامية، كان آخرها عشية الجمعة بقسنطينة التي هدفها استقطاب مزيد من السياح الجزائريين، لفتح ملفهم والمطالبة بحقوقهم التي أهدرت من قبل شركة تونسية استعملت النصب والاحتيال على أكثر من 200 ضحية جزائرية، تكبّدوا خسارة 10 ملايير سنتيم، في ظل صمت مطبق من الجهات المعنية بالجزائر، إنها شركة "القنطاوي بلاص". وحسب التحريات التي قمنا بها، والتي وصلت إلى تونس، فإن "القنطاوي بلاص" شركة ذات مسؤولية محدودة رأسمالها 00 1300000 دينار تونسي، نشاطها سياحي يشمل الإقامات والإيواء، مقرها الاجتماعي موجود بشط مريم القنطاوي بسوسةالتونسية. ونشاط هذه الشركة بالجزائر، يطرح مجموعة من نقاط الظل، فكيف دخلت شركة "القنطاوي بلاص" السوق الجزائرية؟ وهل تحصلت على رخصة وفق التنظيمات والقوانين المعمول بها؟ ومن وفر لها الحماية؟ ومن سهل عملية اختفاء مهندسيها الذين تحايلوا على الجزائريين ومكنهم من مغادرة التراب الوطني؟ كيف تمكنت شركة "القنطاوي بلاص" من إيجاد مقر لها في مكان مثل فندق "ميموزة بلاص"، ومباشرة نشاطها ببيع الإقامات عن طريق عملية إشهارية علنية، ومباشرة تعاملت من خلالها مع كل شرائح المجتمع من إطارات ومسؤولين في الإدارة ورجال قانون، بالرغم من عدم وجود أي اتفاق دولي، وأخيرا ما هي أسباب الثقة الزائدة التي تمتع بها مسؤولو "القنطاوي بلاص"، إلى درجة مباشرتهم لهذا النشاط، بالرغم من عدم وجود اعتماد من وزارة السياحة الجزائرية؟ والتساؤل يبقى حول حيازتها للسجل التجاري والتصريح بالعمال لدى صندوق التأمينات الاجتماعية؟ وما هي حصة مصالح الإدارة ومجموع السلطات الولائية، من الضرائب، إلى الضمان الاجتماعي ومصالح البلدية والجهات المختصة بهذا الملف، خاصة أننا اكتشفنا أن إطارات في الإدارة طالتهم الحيلة ووقعوا بدورهم ضحية تحايل هذه الشركة؟ * شركة تسوّق "الوهم" لم يكن صيف العنابيين لسنة 2002 عاديا، فقد تفاجأ الكثير منهم برنات الهاتف وزيارات ليست ككل الزيارات لمحلاتهم ومقرات عملهم ومكاتبهم، لأشخاص قدّموا أنفسهم على أنهم يمثلون شركة "القنطاوي" التي دربتهم على كيفية تسويق خدماتها، وشرعوا في إيهام ضحاياهم عن طريق طرح أسئلة تتعلق بالسياحة، تتوج بزف البشرى إليهم بأنهم فازوا بأسبوع إقامة مجانية بفندق "القنطاوي بلاص" بسوسةالتونسية، شريطة أن يحضر للإدارة بفندق "ميموزة بلاص" بعنابة من أجل وضع اللمسات الأخيرة على إجراءات الحجز والإقامة. * الإغراء.. محطة أخرى في طريق الابتزاز وفي "ميموزة بلاص"، يتم استدراج الضحايا بفخ أسئلة جديدة، مع تكثيف الاغراءات بعرض صور وأشرطة فيديو لإقناع المستفيد بالتعاقد. هذه العقود توصف ب "الوهمية"، ومختصرها أن يقيم المستفيد إقامة دائمة لمدة أسبوع كل سنة طيلة 30 سنة بالمنتجع السياحي الذي يوجد ب "القنطاوي بلاص" بسوسةالتونسية. وأغرب دقائق هذا المنصب؛ أن القائمين على العملية يؤكدون للضحية الماثلة أمامهم بأن لها حق التراجع عن العقد في فترة محدّدة ب 10 أيام، تسمى "أجل التأمل"، تبعا للبند الرابع من العقد الذي يؤكد أن المنتفع يتمتع بأجل تأمل قدره 10 أيام من تاريخ توقيعه على هذا العقد، يمكنه التراجع بدون أي شروط وبدون تحمّل أي مصاريف، مع استرجاع المبالغ التي يكون قد سبقها ويقع إثبات هذا التراجع عن طريق رسالة مضمونة الوصول، توجه إلى المحامية التي انتدبتها المؤسسة لحماية ما تعتبره ب "حقوقها القانونية". * عقد بمواصفات جنة على الأرض إن المتصفح لنسخة عقد إحالة انتفاع بحق إقامة بنظام اقتسام الوقت ب "القنطاوي بلاص"، يتفاجأ بمستوى وحجم الاغراءات التي يتضمنها العقد؛ فالشركة تؤكد أنها منخرطة بالبورصة العالمية لتبادل العطل بنظام اقتسام الوقت والمسماة "انترفال انترناسيونال"، الكائن مقرها العالمي ب 6200 بسانسات درايف ميامي فلوريدا الولاياتالمتحدةالأمريكية، وإقامتها المفتوحة تتكوّن من عدة مرافق هي: مسبح خارجي، مسبح أطفال، مطعم، سناك بار، بيتزيريا، مقهى عربي. والامتيازات الممنوحة، نادي فتنس، مركز استشفائي صحي، مسبح مغطى، مرقص ومغازة عامة. والفصل الأول والثاني من العقد، يحددان المدة ونوع الشقق من حيث المساحة والغرف والتجهيز. أما الفصل الثالث، فيحدد طريقة الدفع. ومن الامتيازات، ما جاء في الفصل السادس من تصرف في حق الإقامة، حيث يؤكد أن للمنتفع الحق في إحالة وإعارة وكراء وبيع هذا الحق في كل النزل والإقامات المنخرطة في الشبكة. وفي هذه الحالة، يلتزم المنتفع بإعلام الشركة عن طريق رسالة مضمونة الوصول، وتتكوّن هذه السوق من 85 دولة و4500 إقامة ووكالة عالمية. * بطاقة من ذهب ووعود من خشب في العقد، تغري "القنطاوي بلاص" ضحاياها بالانتفاع ببطاقة تسميها ذهبية، تفتح له العالم وتحوّله أمامه الى مجرد قرية، فالبطاقة الذهبية تمكّنه من القيام بالرحلات المنظمة وتخفيضات تصل إلى 50٪، وتشمل النقل الجوي وشراء السيارات السياحية، وتخفيضات أخرى لاقتناء الملابس والاستفادة من خدمات الفنادق في كل الدنيا.. إنها بطاقة من ذهب! * الريبة تسلّلت مع فترة التأمل بالنظر إلى هذه الامتيازات الخارقة وفي فترة التأمل، استطاع البعض أن يستدرك الوضع، مستغلا المهلة ليقدم اعتراضا قانونيا، يبطل بموجبه العقد وما تنص عليه بنوده، حيث بادر إلى إخطار محامية الشركة بتراجعه عن الانتفاع بحق الإقامة طبقا للفصل الرابع للعقد، علما بأن ضحايا إدارة هذه الشركة قدم الكثير منهم تسبيقا ب 14 مليون سنتيم و03 شيكات، قيمة كل واحد 10 ملايين سنتيم، ونملك الحالة المفصلة لهؤلاء الضحايا. * وبدأت معركة استرجاع الحقوق ضحايا "القنطاوي بلاص"، أدركوا أنهم وقعوا ضحية إشهار كاذب لمؤسسة تونسية، احترفت تسويق النصب والاحتيال، بدل تسويق المنتوج السياحي. فالمؤسسة باشرت عملية التنصل من التزاماتها، ولم تنفع محاولات الضحايا لفسخ العقود طبقا للاتفاق الموقّع، ولم يشفع معه طريقة البريد المضمون، في ظل استرجاع المبلغ من المحامية. وتكرر تردد هؤلاء على مقر الشركة، إلا أن الحجة في كل مرة هي التماس أجل لتحويل الشيكات المتواجدة حسب ادعاء القائمين على الشركة بوهران، ومعها كان يطبخ أصحاب "القنطاوي" لشيء ما، لم يستطع الضحايا أن يدركوه في حينه. * شخصيات نافذة محليا تستفيد من خدمة "القنطاوي" أكدت مصادرنا أن قوة "القنطاوي بلاص"، كانت في الخدمات التي بادرت بتقديمها لشخصيات نافذة على المستوى المحلي وفي مختلف المواقع، سعيا منها لكسب ودها وضمان صمتها. وعلى ما يبدو، فإن تلك الخدمات هي التي شفعت للقائمين على "القنطاوي بلاص" بمغادرة التراب الوطني في صمت ودون علم ضحاياتهم، في الوقت الذي تمتع هؤلاء الذين تواطأوا مع الشركة، بإقامات مجانية وعطل في جزر الأحلام بتونس، دون مراعاة حق المواطنين في الحماية التي يضمنها الدستور والدفاع عن المصالح العليا للبلاد التي يفترض أن يتحلى بها هؤلاء، خاصة مع الأجانب. * مؤجر المقر ضحية أخرى في سجل "القنطاوي" استفاق مالك أحد الفنادق بعنابة الذي بادر بتأجير مقر لشركة "القنطاوي بلاص"، على حقيقة أنه مجرد رقم في سجل ضحايا هذه المؤسسة، التي أصبحت مدانة إليه بما يقارب 80 مليون سنتيم، مستحقات الإيجار واستعمال الهاتف، وسارع المعني إلى حجز جوازات سفر القائمين على الشركة، غير أن تدخلات البعض حالت دون استمراره في هذا الحجز، حيث استرد المعنيون جوازات سفرهم. وبعد رحلات ماراطونية قام بها المتضرر إلى تونس، تسلّم كمبيالات بالقيمة، ولكنه أدرك أنه من الصعب تحصيل قيمتها المالية، والقضية مفتوحة على كل الاحتمالات. * عمال جزائريون مسخّرون بلا مقابل تحايل مؤسسة "القنطاوي" لم يتوقف عند الذين غرر بهم، ولا عند صاحب المقر الذي كان محل نشاط المؤسسة، فقد تعدى للعمال الجزائريين من إطارات وبسطاء استخدموا دون أن يتمكنوا من تحصيل كل حقوقهم وأجورهم. وكنموذج عنهم، المدعوة "م"، تطالب باسترداد مبلغ بقيمة 4.5 مليون سنتيم، والرقم يتعدى ذلك بكثير لبقية العمال، وهم لا قدرة لهم بملاحقة ومطالبة المسؤولين الذين تسببوا في هضم حقوقهم ويناشدون الدولة بأن تحل محلهم، باعتبارهم الراعية لمصالحهم. * القنصلية التونسيةبعنابة قبلة لاحتجاج المتضررين لم يجد ضحايا "القنطاوي بلاص" من منفذ، غير الاستنجاد بالقنصلية التونسيةبعنابة، حيث ناشدوها بالتدخل، مشددين على أنهم ضحية لصفقة مشبوهة بطلها "القنطاوي بلاص"، وناشدوا القنصل بحكم منصبه الذي يخول له قانونا الدفاع وحماية السياحة التونسية، وطالبوه بتسوية وضعيتهم وحتى السعي لدى المصالح التونسية المختصة، لمعاقبة المتسببين في هذه الفضيح. وحسب المعلومات التي استقيناها، فإن القنصل العام رفع تقريرا مفصلا بحيثيات الموضوع إلى السلطات المركزية بتونس، وتعهد حينها القنصل العام بأن الضحايا سيسترجعون حقوقهم عن آخرها، إما بالسفر والاستفادة بما جاء في العقد، وإما باسترجاع أموالهم، غير أن الكلام ظل يراوح مكانه إلى يومنا هذا.. بل والأغرب من ذلك؛ أكد الضحايا بأن الذين كانوا محل نصبهم واحتيالهم، تفاجأوا بوجودهم بمقر القنصلية التونسية قبل أن يرحلوا أو يتم ترحيلهم!! الأمر الذي لم يجد له هؤلاء الضحايا أي تفسير، خاصة بعد أن تمكن هؤلاء من مغادرة التراب الوطني دون متابعتهم بأي شكل من الأشكال ودون صعوبات تذكر، في ظل فرضية وجود تسهيلات قامت بها العديد من الجهات، مكّنتهم من التخلص من المتابعات التي كان يفترض أن يخضعوا لها من الإدارة والضحايا. * الإعلام يدفع بالقضية إلى السطح بعد أن سدت المنافذ، لم يجد ضحايا شركة "القنطاوي بلاص" من متنفس، إلا وسائل الإعلام التي أخرجت قضيتهم إلى السطح وتولت نقل شكاوى واحتجاجات مئات المتضررين الجزائريين، الذين اتهموا حينها الوكيل المعتمد للمجمع السياحي بالنصب والاحتيال، لقيامه بإبرام عقود وهمية، لم يجدوا لها انعكاسا في الواقع. * محمد الزبيدي.. الشخصية اللغز! بعد أن أخذت قضية "القنطاوي" أبعادا غير متوقّعة، تفاجأ المهتمون بالملف بتكليف الطرف التونسي شخصا نزل إلى عنابة في مهمة خاصة، يسمى محمد الزبيدي، وقدم نفسه على أنه المدير العام للمركب السياحي التونسي"القنطاوي بلاص"، وكثف طيلة تواجده بعنابة اتصالاته بالضحايا وبوسائل الإعلام وأجهد نفسه في توزيع الإقامات المجانية لمدة أسبوع لكل من تأكد بأنه طرف في القضية، وكانت مجرد حيلة في محاولة لتلميع الصورة، باعتماد حيلة إعلامية أكد فيها بأن المشاكل ستعالج حالة بحالة، ونفى أن تكون الإقامة وهمية، كما نفى صفة التحايل، واعتبر ما وقع مجرد سوء فهم عبر مكتب التسويق والترويج للمنتوج من خلال إحدى وكالات السفر. أما من اعتبرهم ب "الزبائن"، فوقّع لهم اعترافات بدين، يدفع في أجل أقصاه 31 أوت 2003، أي نهاية الموسم الصيفي، وترك الاختيار في أن يتمتع الزبون بالإقامة محل العقد، واقتنع الزبائن بهذا المخرج، لكن المفاجأة الكبرى أن صاحب "القنطاوي بلاص"، فتحي تقية، وعند تنقل الجزائريين إلى سوسة، أكد لهم أن من وقّع الاعتراف لا تعترف به الشركة، أي محمد الزبيدي، ولا تتحمّل مسؤوليته ومسؤولية الاجراءات التي قام بها، مما جعل الضحايا يرجّحون بأنهم كانوا محل تحايل مرة أخرى، ومن قبل شخص تجهل هويته ولم يستبعدوا بأنه كان موفدا من وزارة السياحة التونسية، باعتبار أن القنطاوي تسبب في تشويه صورة عصب الاقتصاد التونسي، أو أن له مصالح خاصة، حسب التقديرات. * زيارة تكشف المستور الزيارة التي قام بها ضحايا القنطاوي، مكّنتهم من اكتشاف المستور؛ فالنزل لا يتطابق مع مواصفات البنود المذكورة في العقد، لا من حيث المزايا أو الخدمات، فالقنطاوي بسوسة يقع معزولا عن المحيط الخارجي وعلى بعد حوالي ساعة من المدينة، داخل أشجار الزيتون، لا يطل على البحر ولا يقع على طريق رئيسي، وغير موجود في منطقة عمرانية ويفتقر لموقف سيارات، حيث يضطر الزبائن إلى ترك سياراتهم في العراء وعرضة لكل الأخطار. * وزارة السياحة التونسية: "القنطاوي أعلن إفلاسه، نحن مجرد وسيط: استغللنا وجودنا بتونس للتحقيق في هذه القضية، للاتصال بإطارات وزارة السياحة التونسية الذين كانوا على اطلاع بهذا الملف بالنظر إلى تردد الكثير من الضحايا الجزائريين على مصالحهم. المتحدثة باسم الوزارة، قالت إن "القنطاوي بلاص" في تعداد المؤسسات التي أعلنت إفلاسها بتونس، وملفها بيد محضر قضائي وبإمكان الوزارة أن تلعب دور الوساطة بين من تضرروا من الجزائريين والمحضر القضائي، في حالة اتصالهم بها وتقديم ملفاتهم التي تحيلها بدورها على المحضر القضائي، وما عليهم إلا ترقب الأحكام التي تصدر عن القضاء التونسي لتعويضهم عما أصابهم من ضرر، وهناك اقتراح آخر يقضي بمساهمة المعنيين في مصاريف الترميم والصيانة التي باشرها المحضر القضائي، ليستفيدوا من إقاماتهم قبل طرح الفندق في المزاد. والسؤال يبقى مطروحا وغامضا حول مصير أموال الذين تراجعوا عن العقد في آجال التأمل؟ * مواصلة الابتزاز جديد القضية، هو قيام القائمين على "القنطاوي" بمحاولة سحب أرصدة ضحاياهم، من خلال استعمال أرصدة الشيكات المتحفظ عليها عبر البنك الوطني الجزائري، ممثلا في الوكالة رقم 621 بالأبيار، بالعاصمة، التي سارعت إلى إخطار زبائنها بالموضوع. وإن كان الذين بادروا بتحرير طلب اعتراض على سحب قيمة الصكوك لدى البنك لا يطرح إشكالا، فإن وقوع من لم يقوموا بهذه الخطوة في فخ "القنطاوي بلاص"، أصبح أقرب إلى المحسوم فيه، وهنا يطرح تساؤل آخر حول من أعطى الأمر بسحب أرصدة هذه الشيكات؟ وهو السؤال الذي لم تجد له حتى ممثلة المصالح التابعة لوزارة السياحة التونسية الجواب المقنع! إن ما وقع عبر قضية "القنطاوي بلاص"، وإن كان يعتبر أيضا وصمة عار على السياحة التونسية، خاصة السياحة البينية، فإنه يطرح أكثر من علامة استفهام حول فعالية وحضور مصالح الرقابة وآليات تطبيق القانون والدفاع عن حقوق المواطنين الذين كانوا عرضة لمثل تحايل ونصب هذه المؤسسة التونسية؟!