مرة أخرى، تتلقى إدارة أوباما صفعة قوية من طرف حركة طالبان التي أضحت قوة عسكرية، لا يستهان بها في المنطقة ويحسب لها ألف حساب، حيث ذكرت تقارير إعلامية أن الحركة الأفغانية رفضت عرضا قدمه الاحتلال الأمريكي لها، المتمثل في شرائها بالأموال، على غرار الصحوات في العراق والمشاركة في الحكم من خلال الحصول على ثلثي حقائب الحكومة الأفغانية، وذلك مقابل وقف هجماتها على قوات الحلف التي ألحقت به خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، خاصة القوات الأمريكية. ويأتي هذا العرض الأمريكي، في الوقت الذي تشهد فيه قوات الاحتلال الأمريكي خسائر فادحة، رغم الإستراتيجية الجديدة التي تبنتها إدارة أوباما في أفغانستان بإرسال المزيد من الإمدادات العسكرية، إلى جانب 30 ألف جندي إضافي، وذلك بعدما فشلت الإستراتيجية السابقة. كما أن واشنطن أصبحت تعي جيدا، أنه لا يمكنها أن تهزم طالبان التي أضحت تشكّل أكبر تحد عسكري لقوات الحلف، وهذا باعتراف كبار القادة العسكريين الأمريكيين، خاصة بعد الإستراتيجية الجديدة التي تبنتها طالبان، وإلحاقها مؤخرا شر هزيمة في صفوف الحكومة الأفغانية الداعمة للوجود الأمريكي في البلاد، ولعل الهجمات الأخيرة التي استهدفت تحديدا القصر الرئاسي وكذا مقار للوزارات في قلب العاصمة كابول، خير دليل على قدرة طالبان في إلحاق الهزيمة بالحلف. ويرى المحللون السياسيون، أن إدارة أوباما أدركت استحالة الانتصار عسكريا على مقاتلي طالبان، التي أضحت قوة عسكرية في البلاد، لاسيما في ظل الدعم الشعبي الذي تحظى به، بعد استهداف المدنيين، خاصة الأطفال والنساء العزل، من قبل الجيش الأمريكي تحت ذريعة محاربة طالبان الأمر، الذي ولّد كرها كبيرا شعبيا لقوات الاحتلال والحكومة الأفغانية الداعمة للحلف، وبالتالي تحاول واشنطن رشوة طالبان للتفاهم معها، يضمن لها خروج قوات الاحتلال الأمريكية والأجنبية من أفغانستان، حفاظا على ماء الوجه، في مقابل إشراك طالبان في نظام سياسي يضمها إلى الحكومة الأفغانية وباقي القوى السياسية، الأمر الذي قوبل بالرفض من طرف الحركة في صفعة جديدة تتلقاها أمريكا. وكشفت التقارير الإعلامية أن العرض الأمريكي، ركز على منح طالبان ثلاثة أرباع الحكومة الأفغانية المقبلة، مع تعهد بانسحاب كل القوات الأجنبية من أفغانستان، وذلك مقابل تسمية واشنطن باقي وزراء الحكومة الأفغانية واختيارها المناصب المدنية، الأمر الذي رفضته الحركة التي طلبت وضع الأمركيين لائحة بأسماء مئات من الشخصيات الأفغانية، تختار قيادة طالبان منها شركاءها في الحكومة، كما عارضت أي عودة لنظام الأحزاب أو العمل السياسي التي تعمل وفق المفاهيم الغربية، وهو ما لم تقبله واشنطن. وتعتبر الهجمات الأخيرة التي نفذتها طالبان، والتي كانت أجرأ وأعنف هجوم على العاصمة الأفغانية، والتي استهدفت تحديدا القصر الرئاسي ومقار حكومية أخرى، من أهم الأسباب التي دفعت بواشنطن إلى محاولة شراء طالبان وكسبها، مقابل التوقف عن شن هجمات ضدها والخروج من المستنقع الأفغاني الذي تورطت فيه.