كيف ستخرج أمريكا من أفغانستان؟ وحسب ما يراه المحللون السياسيون، فإن الأوضاع بأفغانستان لا تسير مثلما خطط له قادة حلف الناتو، لأن أعداد القتلى في صفوف قواتها في ارتفاع مستمر، لاسيما مع نجاح حركة طالبان في أسر جندي أمريكي، ومقتل جنود أمريكيين آخرين، وهو الأمر الذي اعترفت به واشنطن رسميا، مما يدل على أن قوات الحلف تواجه أكبر تحد عسكري، خاصة وأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما جعل من المسألة الأفغانية محور سياسته الخارجية، ويقرر إرسال قوات إضافية إلى المنطقة لقتال عناصر حركة طالبان، هذه الأخيرة التي ألحقت خسائر كبيرة في صفوف الناتو، حيث طلبت الولاياتالمتحدة من روسيا السماح لها بمرور القوات والأسلحة الأمريكية عبر مجالها الجوي أثناء توجهها إلى أفغانستان لمحاربة طالبان، وسيتم الإعلان عن هذه الخطوة بموسكو، أين سيقوم أوباما بزيارة لها خلال الأسبوع المقبل. قوات الاحتلال الأمريكي شنت، نهاية الأسبوع، عملية أطلقت عليها اسم "خنجر"، تعتبر الأعنف من نوعها ضد عناصر طالبان في منطقة هلمند جنوبأفغانستان، الهدف منها دحر والقضاء على الحركة، وهي العملية التي وصفتها ب "الأعنف" منذ حربها في الفتنام، مما يدل على أن الجيش الأمريكي يواجه صعوبة كبيرة في القضاء على عناصر طالبان، هذه الأخيرة التي عادت بقوة، لا سيما بعدما أعادت ترتيب صفوفها، وهي العملية التي سخرت لها أمريكا طاقة هائلة من حيث عدد الجنود والعتاد الحربي، وهذا من خلال تصريحات الجيش الأمريكي الذي أشار إلى مشاركة نحو أربعة آلاف جندي أمريكي في العملية، بالإضافة إلى ستمائة وخمسين شرطيا وعسكريا من قوات الحكومة الأفغانية الموالية لقوات الاحتلال، وهذا خلال المرحلة الأولى فقط. ويرى المحللون السياسيون أن أمريكا تريد أن تحقق في أفغانستان ما حققته في العراق، أي مضاعفة عدد القوات الأمريكية وخلق نظام شبيه ب "صحوات"، أي تجنيد عناصر معادية لطالبان من قبائل غير بشتونية لتولي محاربة طالبان، تماماً مثلما حدث في العراق، حيث تمكنت الصحوات من اختراق المقاومة العراقية، إلا أن انتصار هذا التنظيم في العراق كان عمره قصيرا، نتيجة تمكن المقاومة من كشف خباياه من جهة، وإقصائه من طرف حكومة المالكي من جهة أخرى. وعليه، فإن انتصار أمريكا على طالبان أفغانستان، سيكون محدودا، وهذا لأن طالبان تدعمها بقوة قبائل من الجوار، خاصة باكستان، لا سيما قبائل الباشتون، والتي يحارب منها عدد هائل في صفوف الحركة، وهي القبائل التي لم تخسر المعارك التي كانت تخوضها من قبل، وهذا باعتراف الدول الغربية، مما يؤكد فرضية هزيمة أمريكا في أفغانستان، نظرا لأن تكاليف حربها على طالبان أفغانستان ستكون كبيرة مقارنة بالعراق.