تشهد أفغانستان خلال 20 من الشهر الجاري انتخابات رئاسية، الأولى من نوعها، وهي الانتخابات التي ترشح فيها كل من الرئيس الأفغاني حامد كرزاي المدعوم من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية، وعبد الله عبد الله المنافس الرئيسي لكرزاي والذي ينحدر من قبائل الباشتون، المدعمة لطلبان في حربها ضد قوات الاحتلال الأمريكي. حركة طالبان هددت باستهداف صناديق الاقتراع، لاسيما وأن نتيجة الانتخابات ستكون محسومة لصالح كرزاي، هذا الأخير الذي تتهمه الحركة بعمالته لواشنطن وتتهمه أيضا المعارضة بالفساد. ويرى المحللون السياسيون أن المؤشرات القادمة من أفغانستان، تؤكد أن انتخابات الرئاسة في 20 أوت الجاري، في حال ما أسفرت عن فوز كرزاي المدعوم أمريكيا، لن تأتي بجديد، لا سيما فيما يتعلق بالوضع السياسي والأمني المتدهور، نظرا لقوة طالبان التي أضحت أكبر تحد عسكري بالنسبة لقوات الحلف، وهذا باعتراف كبار القادة العسكريين من الحلف، إلى جانب سيطرة حركة طالبان على 70 بالمائة من الأراضي الأفغانية. من جهة أخرى، تحاول الولاياتالمتحدةالأمريكية خلق ما يعرف ب "الصفوات" في أفغانستان، على غرار ما فعلته في العراق، وذلك بشراء قبائل الباشتون المعروفة بولائها لحركة طالبان والمعروفة تاريخيا أنها لم تهزم في حروبها التي خاضتها من قبل، خاصة مع قوات جيش الاتحاد السوفياتي سابقا أثناء احتلاله لأفغانستان، حيث ستقوم بمنح الباشتون مناصب عليا في السلطة، مقابل دعمها لقوات الجيش الأفغاني وكذا قوات الحلف في حربها ضد طالبان، وهي الصفقة التي كشفتها وسائل إعلامية غربية، مفادها قيام كرزاي بعقد صفقة مع مرشح بشتوني آخر هو أشرف غاني، قصد توحيد أصوات الباشتون من أجل إخراج عبد الله وهو من الباشتون أيضا من سباق الرئاسة، مقابل أن يمنح كرزاي حليفه غاني منصب المسؤول التنفيذي، وهو منصب جديد يعادل منصب رئيس الوزراء. كما يرى المراقبون والخبراء الدوليون، أن إدارة أوباما تبحث عن خيارات أخرى لمجابهة طالبان التي ألحقت في صفوف قوات الحلف شر هزيمة رغم الاستراتيجية الجديدة التي تبنتها الإدارة الأمريكية والقائمة على مضاعفة عدد القوات في المنطقة، إلا أن هذه الاستراتيجية لم تأت بجديد، وهو الأمر الذي أدى بواشنطن إلى انتهاج سياسة أخرى تضمن أقل تكلفة في حرب كلفت ميزانية البيت الأبيض الكثير والكثير، فضلا عن العدد الكبير للقتلى في صفوف الحلف، لا سيما الولاياتالمتحدة. وأمام هذه الحقيقة التي أضحت تقلق أمريكا وحلفاءها، فقد عمدت إدارة واشنطن إلى محاولة شراء بعض مقاتلي طالبان لاعتقادها أن معظم عناصر الحركة يحاربون من أجل المال فقط، وبالتالي ستدفع أكثر مقابل وقفهم للقتال ضد قوات الحلف، وهذا حسب ما نشرته وسائل إعلامية أمريكية. في المقابل، يرى المحللون السياسيون أن هذه الاستراتيجية التي ستنتهجها أمريكا لن تنجح، نظرا لأن واشنطن تتجاهل عدة حقائق في الواقع الأفغاني، أهمها على الإطلاق أن الشعب يكن كرها للاحتلال الأمريكي، بدليل أنه لم تبق أي دولة مستعمرة في البلاد، وهذا بغض النظر عن تصاعد شعبية طالبان بسبب سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين الأفغان نتيجة القصف العشوائي والهمجي لقوات الناتو والقوات الأمريكية تحت ذريعة ضرب معاقل طالبان، هذه الأخيرة التي أضحت حاليا في أحسن حالاتها وتزداد قوة يوما بعد يوم، لا سيما وأنها الآن على بعد خطوات من تحقيق حلمها في استعادة السيطرة على كابول. وعليه، فإن استراتيجية شراء مقاتليها محكوم عليها بالفشل منذ البداية، بل إن هذا الأمر سيكون حافزا لها للمضي قدما من خلال مضاعفة هجماتها القوية التي جعلت من أفغانستان مستنقعا لواشنطن وحلفائها.