دولة قطر التي تقع في قناة الجزيرة، عفوا بل أقصد قناة الجزيرة بقطر، علّمتنا المهنية والاحتراف الصحفي وعرّفتنا بوجهها الإعلامي، وجعلت من صحفييها نجوما كنجوم الغناء والفن، ويشار إليهم بالبنان، ومن وقع الصدى الذي أحدثته قناة الجزيرة لم نعد نفهم إن كانت الجزيرة هي التي تقع في قطر أم أن دولة قطر هي التي تقع في الجزيرة، فقطر بفضل هذا الإنجاز الإعلامي صارت تلوّح بقناة الجزيرة في وجه أي خصم، خاصة دول المنطقة مثلما تلوّح إسرائيل بأسلحتها النووية لدول الجوار، فقد سلّطت قطر الجزيرة شهورا طويلة على السعودية في قضية صفقة اليمامة الخاصة بالأسلحة التي اقتنتها السعودية من بريطانيا وما تلاها من رشاوى بلغت ملايين الجنيهات، فأسالت العرق البارد للعائلة المالكة في السعودية، لدرجة أن أصبح التيار لا يمر بين الدولتين، وسلّطتها على مصر فأصابت حسني مبارك بصداع مزمن، حتى صار يستيقظ على كوابيس" الاتجاه المعاكس"، وسلّطتها على الجزائر فأغلقت الحكومة في وجهها الباب بعقلية "الرأس الجزائري اليابس". وإن كانت إيران تسعى لتخصيب اليورانيوم فقطر سبقتها في تخصيب "اليورانيوم الإعلامي" المتمثل في قناة الجزيرة التي استطاعت أن تسلّطها حتى على الإدارة الأمريكية جعلت جورج بوش الابن يفكر في قنبلة القناة والتخلص منها نهائيا. لكن الوجه الآخر الذي تتخفّى خلفه قناة الجزيرة ودولة قطر موجود في الظل، ودعونا نطرح بعضا من الأسئلة ونترك لأي ملاحظ بسيط أن يجيب، لماذا كفّت قناة الجزيرة ملاحقتها الإعلامية للعائلة المالكة في السعودية وطي صفقة "اليمامة" إعلاميا، وما هو الثمن الذي قبضته قطر ممثّلة في قناة الجزيرة على هذا السكوت؟ وإن كان شعار الجزيرة هو "الرأي والرأي الآخر "، فلماذا نرى رأيها وتخفي الرأي الآخر ..؟ علامات استفهام كثيرة تبقى مطروحة والجواب بالتأكيد لن يكون غدا، فهل من المهنية أن تهمل القناة زيارة شمعون بيريز إلى قطر العام الماضي واستقباله حسب بعض الأصداء حتى في قناة الجزيرة؟ وهل من المهنية أن لا تثير في العام نفسه لقاء وزيرة الخارجية الإسرائيلية مع نظيرها العماني تحت رعاية قطرية في الوقت الذي كان يموت فيه أهل غزة تحت الحصار؟ شخصيا لا أعرف لِمَ أتعجب، ففي النهاية ..الجزيرة مجرد قناة عربية مثلها مثل أي قناة عربية أخرى، دورها تلميع نظام عربي معين وخدمة مصالحه، وأهلا بالرأي ووداعا للرأي الآخر.