أكد أمس الخبير الاقتصادي، بشير مصيطفى، أن الاستثمار في القطاع الفلاحي يمكن أن يكون له انعكاسات إيجابية على خفض وتيرة التضخم السنوي، مشيرا إلى أن الإجراء الذي اتخذته الحكومة بشأن عدم اللجوء لاستيراد الحبوب، ساهم بشكل كبير في تراجع نسبة التضخم بالجزائر. كشف البروفيسور مصيطفى في تصريح لجريدة "الوطني"، أن نسبة التضخم في الجزائر تبقى نسبية بالنظر إلى معطيات موضوعية، تتعلق بمدى قدرة الديوان الوطني للإحصائيات على تحليل دقيق للاقتصاد الوطني، مضيفا أن الديوان لا يملك الأدوات الأكثر نجاعة لأنه يعتمد على وسائل محدودة فيما يتعلق بالتقارير التي يعدها. وبخصوص الإحصائيات التي كشف عنها الديوان حول تراجع نسبة وتيرة التضخم السنوي في شهر أوت الفارط إلى 4.9 بالمائة، بعد أن كانت في حدود 5.1 بالمائة في جويلية، أوضح مصيطفى أن هذه الأرقام نسبية، إلا أنها قريبة من حقيقة الاقتصاد الوطني، معتبرا أن هناك رقمان يجب أخذهما بعين الاعتبار، وهما الرقم الذي أشار إليه الديوان، والرقم الذي يمكن ملاحظته في مدى تقاربه مع ارتفاع القدرة الشرائية وانخفاض الأسعار، مضيفا أنه يجب مطابقة الرقمين من أجل الوصول إلى الرقم الحقيقي لنسبة التضخم في البلاد. ورغم أن المتحدث لم ينف صحة الأرقام، إلا أنه أشار إلى أن نسبة التضخم انخفضت بشكل كبير خلال الأشهر السبعة الماضية، وذلك راجع حسبه، إلى عاملين مؤثرين، وهما وفرة المنتوج الفلاحي، ويتعلق الأمر بالمواد واسعة الاستهلاك والتي شهدت استقرار ملحوظا بسبب استقرار أسعارها مثل الخضر، الفواكه، الحليب ومشتقاته، وكذا الزيوت ومشتقاتها بالإضافة إلى اللحوم الحمراء، عدا اللحوم البيضاء التي شهدت ارتفاعا نسبيا خاصة خلال رمضان الماضي. وفي تبريره للأرقام التي كشف عنها الديوان أوضح مصيطفى، أنه فضلا عن الوفرة التي شهدها سوق الأدوية وكذا المواد الغذائية فإن المواد المشتقة من الحبوب التي استفادت من عدم الاستيراد خلال سنة 2010، ساهمت بشكل كبير في خفض نسبة التضخم في الجزائر، موضحا أن استقلال الميزان التجاري فيما يتعلق بالحبوب ومشتقاتها عن السوق الخارجية، ساهم في حمايته من التضخم الخارجي، مؤكدا أن التبعية الجزائرية التي وصفها ب"الكبيرة" فيما يتعلق بالحبوب للسوق الخارجية في السنوات الماضية، كان أهم مؤشر لارتفاع نسبة التضخم في البلاد. من جانب آخر تساءل محدثنا إن كان هذان العاملان مؤقتين أم دائمين، غير أنه شدد على ضرورة الاستثمار في القطاعات الإنتاجية، سيما فيما يتعلق بقطاع الفلاحة، كونه يساهم بشكل فعال في الحفاظ على الميزان التجاري، ومن ثمة خفض نسبة التضخم، من خلال تبني استراتيجية فلاحية فعالة، ليست مبنية على الاعتماد على مؤشرات موسمية.