قدم أعضاء المسرح الوطني محي الدين بشطارزي عشية أول أمس في رحلة تناقضات ممتعة عبر تأشيرة كوميديا ساخرة مسرحية تحت عنوان "نزهة غضب " اقتبسها نبيل عسلي وأخرجها جمال قرمي الذي اشتغل أيضاعلى الأداء حيث اختار العمل عبرفضائين متوازيين تناول الأول العلاقة بين زوجين عصريين يدعيان التقدم في الأفكار ويتبادلان الهدايا للحفاظ على جو العائلة الرومانسية ، لكن سرعان ما تنكشف حقيقة سلوكهما من حب التملك والأنانية وعقدة التفوق ، وهو ما ظهر كليا بعد سنتين من الزواج وإنجاب طفلين ، أما في الفضاء المقابل يسهر جنديان مهلوسان بالحرب متأهبان لأي هجوم لكن لا وسيلة لهما غير رشاش ، لمواجهة جنود لا علاقة لهم بأي تدريب عسكري سوى ما يرتدونه من بدلات ، ولا علاقة لهما بأي حرب دائرة ، واقتيدوا إلى أرض المعركة مجبرين خائفين . كما قدم جمال قرمي النص الذي اقتبسه نبيل عسلي الذي أدى دوره"الزوج " عن مسرحيتي نزهة في جبهة لفرا ندوا إرابال وسيناريو الغضب لأوجين يونسكو في طبق عبثي حافظ فيه على ريتم الكوميديا الساخرة ، حيث استطاع أن يضحك الجمهور الواسع على مدار ساعة كاملة، مما جعله يتمكن في الوقت ذاته من تعرية مجتمعنا وما يحتويه من سلوكات وظواهر تعكس مدى تراجعنا إلى الخلف ، و مدى موتنا البطيء في هذه الحياة ،هذا وقد أدى الأدوار بفنيات فائقة وتنسيق محكم وديكور لائق و إخراج جيد كل من نبيل عسلي ، عديلة سوالم ، ياسمين عبد المؤمن ، وسيلة عريج ، محمد بن داود ، نجيب البصير ،عديلة بن ديمراد ،عيسى شواظ ، خليل عون ،رضوان مرابط ، زهير كريم بري وجعفر بن حليلو . وقد أثث العرض سينوغرافيا مبروك بدري ، واشتغل على التأليف الموسيقي للعرض سعيد بوشلوش ، مراقب العمل نور الدين عباسي بالتنسيق مع تقني الخشبة سبيح حسين وعبدي خالد ، وتقني الإضاءة بلعور محمد ، والصوت قرايرية محمد ، أما الملابس فصممها واختارها لاني طاهر ، حيث استقطب هذا العرض المئات من سكان الجلفة الذين جاءوا من مختلف بلديات وقرى الولاية رغم برودة الطقس وصعوبة المواصلات حيث كانت تصفيقات وزغاريد النسوة هدية لعرض كان حقيقة مشوق ، فتحت له الجلفة ذراعيها ليكون مميزا فكان العرض وكانت السهرة التي تبقى تاريخا في ذاكرة الثقافة الجزائرية في منطقة اسمها معاقل أولاد نائل ، مهد الجود والكرم .