نيران العجلات والمتاريس الحديدية لغة الحوار بين الشارع والسلطات استطلاع: حميد بن عطية نهاية أسبوع ساخنة شهدتها عدة أحياء شعبية فقيرة ومهمشة بكل من ولايات الطارف بأقصى الحدود الشرقية للوطن مرورا بعنابة التي كانت قبل عقود تُسمى " لاكوكات" وصولا إلى بلدية المرسى الهادئة والمحافظة التي عاشت ليلة بطابع النار والدخان، وإن كان لكل منطقة بهذه الولاياتالشرقية الثلاثة خصوصيتها وأسبابها التي يراها المحتجون موضوعية، إذ عجزت السلطات المحلية على بناء جسر للحوار الجاد والبنّاء يعوّض لغة النار والدخان والمتاريس الحديدية التي أضحت أقرب وأسهل وسيلة للتحقيق المطالب في وقت تسعى السلطات العليا للبلاد ممثلة في رئاسة الجمهورية والحكومة إلى وضع برامج تنموية هادفة تخفف من معاناة المواطن البسيط لكنها تصطدم ككل مرّة بمسؤولين محليين لا يهمهم إلا تحقيق مصالحهم الشخصية على حساب معاناة مواطنين كانون دوما جسر عبور للوصول إلى مناصب مسؤولية. تلاميذ الجزائر.. بين من يركب السيارة الفاخرة ومقطورة الجرار الفلاحي البداية كانت بانقلاب حافلة نقل مدرسي بمنطقة "المرادية" التابعة إقليميا لبلدية الزيتونة بولاية الطارف، حيث انحرفت الحافلة عن مسارها لتنقلب والحمد لله الذي لطف حيث لم يصب سوى قرابة 10 تلاميذ من أصل حوالي 70 كانوا على متن الحافلة المتهرئة، مصالح الحماية المدنية تدخلت كالعادة لتنقل التلاميذ المصابين لمستشفى الطارف أين تلقوا العلاج وغادروا خلال ذات اليوم. وما تجدر الإشارة إليه أن مئات تلاميذ الطور المتوسط والثانوني يعانون مع انعدام وسائل النقل حيث توفر بعض البلديات البعيدة عن مقر الولاية حافلات وشاحنات مغطات بصفائح القصدير لنقل مئات التلاميذ إلى مدارس. كما تعد مقطورات الجرارات الفلاحية أحد أهم وسائل النقل لعشرات الفتيان والفتيات مستقبل الجزائر الموعود في وقت تنعم فئات أخرى محظوظة من أبناء البلد الذين يقولون عنه أن مواطنيه متساوون بوسائل نقل مدرسي أكثر راحة وأمان كالحافلات المكيّفة والسيارات الفاخرة. ومن بلدية الزيتونة على الحدود الجزائرية التونسية إلى قرية "المطروحة" ببلدية بوحجار أين قطع عشرات التلاميذ الطريق الولائي الرابط بين ولايتي الطارف وعنابة مرات عدة خلال بحر ونهاية الأسبوع الماضي والسبب دائما انعدام النقل المدرس يبين القرى والمشاتي النائية لولاية الطارف والمؤسسات التربوية المتواجدة بمقر البلديات والتي تبعد بعشرات الكيلومترات. البطالة الخانقة وسكنات "لاصاص" أحياء شعبية أخرى بكل من بلدية عين الباردة والبوني بعنابة، عاشت نهاية الأسبوع الماضي حركات احتجاجية عارمة ومتواصلة البعض منها انطلق صباحا ولم يهدأ حتى ساعات متأخرة من الليل والأسباب قد تختلف من الطارف إلى عنابة، فسكان حي "بداري " وبوخضرة عبّروا عن غضبهم وإحساسهم بالحڤرة والتهميش بعد تعليق قائمة 190 سكنا اجتماعيا ببلدية البوني حيث قطع المحتجون الطريق الوطني السيّار الرابط بين بلدية برحال وبلدية عنابة الام وكل الطرق الفرعية المؤدية للحيين ولم تهدا حركة الاحتجاج إلا بعد تدخل قوات مكافحة الشغب لأمن ولاية عنابة ورئيس دائرة البوني بينما لم يستطع رئيس مجلسها البلدي إقناع مواطنيه الغاضبين بالهدوء حيث علّق أحدهم ل" اليوم" :" كيف بمجلس بلدي يتابع بعض أعضائه في قضية تحويل واختلاس قفة رمضان يعدل في توزيع سكنات اجتماعية قيمتها مئات الملايين؟!". الحركة الاحتجاجية أدت إلى توقيف 9 متظاهرين أودعوا الحبس الاحتياطي بطلب من وكيل الجمهورية لدى محكمة الحجار، بينما استفاد 3 قُصر من الإفراج المؤقت واستدعائهم مباشرة للمحاكمة التي ستجري يوم 14 ديسمبر الجاري أما بقرية "عين الصيد" ببلدية عين الباردة التي تبعد ب26 كلم جنوب مقر عاصمة الولاية فقد خرج عشرات الشباب البطال الباحث عن لقمة عيش في حركة احتجاجية كبيرة قبالة قاعدة الحياة التابعة لمجمع" كوجال" المكلف بإنجاز المقطع الشرقي للطريق السيّار شرق غرب حيث طالب عشرات المحتجين الذين أوقف 12 منهم بمناصب عمل ضمن مشروع القرن والذي يُشرف عليه اليابانيون الذين يستوردون اليد العاملة بالمئات من بعض دول آسيا الفقيرة، بينما يمكن الاستعانة باليد العاملة المحلية في الكثير من المشاريع الملحقة بالمشروع والتي لا تحتاج مهارة فنية عالية وبالرغم من المجهودات التي يبذلها قسم البرامج الجديدة التابع للوكالة الوطنية للطرق السيّارة المشرفة على مشروع الطريق السيّار شرق غرب في تشغيل مئات الجزائريين عبر 8 ولايات شرقية المحاذية للمشروع إلا أن هذه المجهودات لم تقلل من أزمة البطالة الخانقة بهذه الولايات خاصة منها ولايتي الطارف وعنابة. سكون المرسى تعكر صفوه الخمرة والمومسات بلدية المرسى ذات الطابع السياحي والمناطق الطبيعية العذراء الواقعة على الحدود بين ولايتي عنابة وسكيكدة، عاشت ليلة الأربعاء إلى الخميس الماضية ليلة عكرت صفوها ألسنة النار والدخان المتصاعدة من فندق "عكاشة" السياحي بوسط البلدية أين استفز سائق سيارة كان متوجها إلى الفندق بعض شباب البلدية بسيره بسرعة فائقة وسط المدينة المحافظة والهادئة انتهت بمطاردته إلى غاية مدخل الفندق الذي أضرم به الشباب المحتقن النار وكادوا أن يحوّلوه إلى خراب كما أحرقوا 3 سيارات كانت مركونة داخل الفندق. وحسب آراء بعض المواطنين الذين اتصلت بهم "اليوم"، فإن الفندق تحوّل إلى وكر للفساد والدعارة وقبلة للمومسات من الولايات المجاورة لبلدية المرسى خاصة من عنابة وسكيكدة وقسنطينة ولولا تدخل عناصر الدرك الوطني لإقليم البلدية لتحوّل الفندق إلى أثر بعد عين.