ساعات فقط تفصلنا عن الإعلان الرسمي عن نتائج شهادة البكالوريا لهذه السنة والتي فاق فيها عدد المترشحين 700 ألف مترشح، من بينهم 37.6 بالمائة أحرار.. الكل يريد استباق الأحداث، ودخل في سباق مع الزمن لمعرفة النتائج التي تحصل عليها قبل الإعلان الرسمي عنها وذلك إما بالاستعانة بالخدمة التي وضعها متعامل الهاتف النقال "موبيليس" بإرسال رسالة نصية قصيرة تتضمن رقم المترشح على الرقم 6262 أو بارتقاب النتائج عبر الشبكة العنكبوتية من خلال موقع الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات، لكن ما شد انتباهنا هو احتراق الأولياء أكثر من الأبناء وكأنهم هم المترشحون الحقيقيون وهذا ما وقفنا عليه خلال جولتنا الاستطلاعية التي قادتنا إلى بعض أحياء وثانويات العاصمة وما جاورها. انطلاقتنا كانت من قلب العاصمة وبالضبط قرب ثانوية عقبة ابن نافع بباب الوادي.. الأجواء هنا جد عادية وتفاجأنا بتردد الكثير من الأبناء "الفتيات خصوصا" رفقة أوليائهم للسؤال عن توقيت تعليق النتائج منذ يومين والتي لن تظهر قبل اليوم، وغير بعيد عنه قصدنا أحد نوادي الانترنيت، حيث وجدنا صاحبه قد حضر الموقع الخاص بديوان الامتحانات والمسابقات تحسبا لنشر النتائج وهو يضع أمامه العديد من القصاصات الورقية التي تحمل أرقاما خاصة بمترشحين مرفقة بأسمائهم، حيث قال "الكثير من معارفي ومن الجيران ممن اجتازوا امتحان البكالوريا هذه السنة قصدوني وتركوا لي أرقامهم حتى أنقل إليهم النتائج بمجرد صدورها". وهي الصورة ذاتها تكررت في الكثير من نوادي الإنترنيت عبر العاصمة والتي جند أصحابها أنفسهم خصيصا لهذا اليوم. وفي هذا السياق صارحنا "محمد" صاحب نادي انترنيت في حسين داي بأنه اليوم مبرمج فقط لهذا الأمر "أعرف أن الكثيرين سيقصدون محلي كما جرت العادة خلال السنوات الثلاث الماضية ولهذا قررت أنا وشريكي تقسيم أوقات العمل اليوم، أحدنا يعمل في الفترة الصباحية والآخر سيكمل الليلة إلى الصباح، فهي ستكون ليلة بيضاء بالنسبة للكثيرين الذين يتعجلون ساعات الفرح والتي نتمناها أن تطال الجميع، هذه عادتنا ونحن نقدمها بدون مقابل لأننا اجتزنا هذه المرحلة الصعبة ونعرف وقعها وقيمتها". شرائح موبيليس ملاذ من لا إنترنيت أمامهم غير بعيد عن حسين داي وبالضبط في منطقة الحراش، وجدنا الطلبة الذين اجتازوا نفس الامتحانات في مأزق طالما أن بلديتهم لا تتوفر على نوادي للانترنيت، ولهذا وجدوا ضالتهم في شرائح موبيليس، بما أن هذا المتعامل وفر خدمة الاطلاع على النتائج من خلال إرسال رسالة نصية قصيرة برقم المترشح على الرقم 6262 وهي الخدمة التي اعتبرها الكثيرون عملية وسريعة خصوصا وأن بعضهم قد عرف نتائجه مسبقا، منهم "زكية" التي كانت بسوق بومعطي رفقة والدتها تشتري لوازم الحلوى "الحمد لله فقد عرفت بنجاحي هذه الصبيحة بعد أن أرسلت أكثر من 12 رسالة نصية قصيرة وآخرها تلقيت الإجابة والتي حملت الفرحة لي ولكافة عائلتي". تركناها بعد أن هنأناها بالفوز، واتجهنا إلى طاولة لبيع شرائح الهاتف النقال وسألنا صاحبها عن شرائح موبيليس مهما كان رقمها فأجابنا بالنفي، وعندما سألناه إن كان بإمكانه اقتناء واحدة ما لنا فقال إن الثمن سيكون في حدود 1500 دج لأنه سيحضرها من عند زميل له، وأمام استغرابنا لأنها كانت في حدود 250 دج و500 دج، قال لنا "الأسعار ارتفعت لأن الطلب عليها من طرف مترشحي البكالوريا كبير والزيادة لست أنا من وضعها ولكن لابد لنا من مجاراة السوق"، وهنا تقدم صوب الطاولة ثلاثة رجال بهندام مرتب وسألاه عن نفس ما سألناه وكانت إجابته نفسها وهناك اقتربنا منهم فعلمنا أن كلا منهم لديه أبناء إجتازوا الباك هذه السنة "لقد أخبرني ولدايا بأنه يمكننا الاطلاع على نتائجهما قبل الأوان ولهذا جئت لاقتناء شريحة موبيليس ومن الواضح أنني جئت متأخرا" وهو الحال ذاته لعمي أحمد الذي تعيد ابنته التجربة للمرة الثالثة كمترشحة حرة. أما رفيقهما "خالد" فعلى عكسهما كان هو مرشدهما إلى هذه الطاولة التي سبق وأن قصدها "أنا شخصيا أملك شريحة جازي ولكني اشتريت شريحة موبيليس تحسبا لمثل هذه النتائج فهو المتعامل الوحيد الذي يقدم هذه الخدمة وقد عرفت مسبقا برسوب ابنتي التي يظهر ألا نصيب لها فيها" وهنا سألناه عما إذا تلقى النتيجة من الرسالة النصية الأولى التي أرسلها فنفى "مطلقا لقد اضطررت إلى إرسال الكثير من الرسائل النصية على الرقم 6262 واستهلكت الرصيد كله 1000 دج تقريبا وأنا أنتظر واضطررت إلى تعبئته من جديد حتى فرج الله، المشكل في الضغط على الشبكة ولو أننا انتظرنا فقط لتلقينا النتيجة من رسالة واحدة" إغماءات وهيجان لدى الأولياء قادت مشاعر الترقب العديد من الأولياء الذين حلوا محل أبنائهم إلى مركزي أكاديمية الجزائر وفرعها بالحراش وإلى مركز التجميع بحسيبة بن بوعلي في القبة، هذا الأخير الذي حج إليه الكثير من المواطنين في محاولة للوصول إلى نتائج أبنائهم قبل نقلها إلى الثانويات، وتقربت "النهار" من أحدى الأمهات هناك والتي أغمي عليها من كثرة الوقوف، حيث قالت "دلوني على هذا المركز وهذا يومي الثاني هنا ولكن يظهر أن الأمور مشددة هنا فلا أحد يرغب في منحنا النتائج، لقد شهد المركز حضور العديد من العائلات، غير أنهم عادوا حاملين معهم رغبتهم في الاطلاع مع الكثير من الخوف".