القصة التي هزت تيسمسيلت واعادت الحكايات الخرافية الى الواجهة هي حكاية أغرب الى الخيال ... قصة ادهشت سكان ولاية تيسمسيلت وادخلتهم في مربع الحكايات الخرافية والاساطير، كثيرون لم يصدقوا وقليلون من صدقوا الحكاية. بعضهم غم عليه عندما رأى الشخص االذي تم دفنه قبل شهرين يعود الى اسرته والى حيه وبيعضهم رفع اكثر من سؤال . جريدة "النهار" التقت الشاب "لافي مرسلي الهواري" وهو الشخص الذي ظهر بعد قرابة الشهرين من دفنه بتيسمسيلت ، فبعد أن استنفذ عقوبة 3 أشهر حبس نافذة بسجن سركاجي خرج الهواري ذو ال36 سنة إلى مصير مجهول ليجد نفسه ميتا في نظر القانون وحيا في نظر من يعرفونه ، وقد أثارت هذه القضية جدلا كبيرا حينها وهو ما تناولته جريدة النهار في عددها الصادر في ال2 من ديسمبر الفارط . غير أن هذه القضية التي أسالت كثيرا من الحبر لا تزال معقدة نوعا ما وهو ما استدعى إلى لقاء الهواري الذي روى لنا تفاصيله مع الموت و الحياة كاملة البداية كانت حينما انتقل الهواري إلى العاصمة للعمل انتقل الهواري في ال29 من شهر جويلية الفارط كعادته إلى العاصمة للعمل هناك كسباك حيث أن ظروف وفرص العمل هناك أفضل مما هي عليه في مسقط رأسه ، خصوصا وأنه محظوظ على عكس كثير من الشباب نظرا لخبرته في العمل وكذا وجود عمته هناك حيث كان يقيم عندها في بعض الأحيان ، وكان في تلك الفترة يتصل هاتفيا بأهله وبصفة دائمة ، وكانت ظروف العمل لدى الهواري جيدة نوعا ما حيث كان يخرج من البيت صباحا ويرجع ليلا باستثناء بعض فترات الراحة ، غير أن هذه النعمة لم تدم طويلا ففي إحدى المرات حينما كان الهواري يتجول في بعض شوارع العاصمة التقى مع دورية تفتيش للشرطة ومن هنا بدأت الحكاية . تم تفتيش الهواري من طرف بعض أعوان الشرطة فعثروا في جيبه على أقراص طبية مهلوسة ، وهي أقراص كان قد اشتراها الهواري من إحدى الصيدليات وبوصفة طبية حسبه ، بعدها تم اقتياده إلى قسم الشرطة بكافينياك وكان ذلك في ال4 من سبتمبر الفارط وقد صرح لنا الهواري أنه طلب من أفراد قسم الشرطة ليلتها بالسماح له بالاتصال بأهله وإعلامهم بالأمر إلا أنهم رفضوا ليبيت ليلته تلك في مخفر الشرطة وفي صبيحة الغد الموالي تم تقديمه إلى وكيل الجمهورية ، وتمت محاكمته في ال9 من نفس الشهر و حكم عليه ب3 أشهر حبس ليقضي عقوبته في سجن سركاجي وبالتحديد في القاعة 24 زنزانة رقم 24 في هذه الفترة التي غاب فيها الهواري وانقطعت اتصالاته ، بدأت رحلة العائلة في البحث عن ابنها المفقود ، حيث طافت عمته بمختلف أقسام الشرطة بالعاصمة لكن دون جدوى ليتم بعدها تقديم بلاغ من طرف هذه الأخيرة على مستوى كل أقسام الشرطة علها تعثر على ابن أخيها . وفي ال13 من شهر أكتوبر عثرت مصالح الشرطة على جثة مجهولة الهوية في غابة بارادو ، وحسب شهود عيان فإن هذه الجثة لشخص من ولاية تيارت إلا أن شخصيته بقيت مبهمة وهو ما رجح إمكانية أن تكون هذه الجثة للهواري نظرا لتقارب الولايتين تيسمسيلت وتيارت وهو ما استدعى مصالح الشرطة إبلاغ عمة الهواري علهّا تتعرف على الجثة إن كانت لابن أخيها ولدى حضور هذه الأخيرة التي رجحت أن القتيل هو الهواري نظرا للتشابه الكبير بين الشخصين ، خصوصا وأن الجثة المعثور عليها كانت مضروبة على مستوى الرأس وقد مضى عليها بضعة أيام وهو ما صعّب من المهمة بعدها تم إبلاغ العائلة في تيسمسيلت أين تنقل بعض أفرادها إلى العاصمة للتأكد من الخبر وجلب الجثة إن كانت لابنهم وهو ما حدث فعلا حين عاين بعض الأهل جثة القتيل لتتأكد بعدها فرضية أن الهالك هو الهواري ، وهذا ما أكده تشريح الجثة من طرف الطبيب الشرعي بعدها تم تحرير محاضر الترخيص بالدفن من طرف وكيل الجمهورية بمحكمة بئر مراد رايس ورخصة نقل الجثة ورخصة الدفن وبعد القيام بالاجراءات اللازمة تم نقل الجثة إلى تيسمسيلت ، وهناك كان مأتم الهواري الذي عزاه جمع غفير من أهله و أصحابه و محبيه وشيعت الجنازة في جو مهيب صديق سابق للهواري كان وراء اكتشافه في هذه الفترة كان الهواري محبوسا ولم يكن على علم بما جرى له وكان في انتظار عفو رئاسي بمناسبة عيد الفطر بعد أن استنفذ جزءا من عقوبته غير أن العفو لم يشمله وهو ما جعله يتحسر ... وفي إحدى المرات التقى الهواري داخل السجن صدفة بأحد سائقي وزارة العدل الذي كان يتردد على سجن سركاجي وتجاذب معه أطراف الحديث ، فسأله الهواري عن أحد معارفه السابقين الذي يشتغل كموظف بالمديرية العامة للسجون ومن حسن حظ الهواري فإن السائق كان على معرفة وطيدة بهذا الشخص حينها طلب الهواري منه بإبلاغ هذا الأخير أنه متواجد في السجن ويود رؤيته ، فما كان من هذا السائق إلا أن استجاب للهواري وأبلغ صاحبه بالأمر ... غير أن صديق الهواري لم يهضم ما قاله السائق مؤكدا أن الهواري الذي يعرفه قد مات منذ أكثر من شهر ، وبعد زيارة أخرى للسائق إلى السجن أعلمه بما قاله له صديقه فلم يصدق الهواري الخبر وظن أن في الأمر مزحة مما جعله يحرر رسالة إليه ، وحين قرأها صاحبه تعرف على خطه مما جعله يزور السجن في أقرب فرصة وحينها كانت المفاجأة حين التقى الهواري وصديقه الذي لم يصدق ما يرى بأم عينيه وأعلمه بما كان من شأنه ... بعدها اتصل صديق الهواري بعائلة هذا الأخير وأعلمهم بالخبر فلم يصدقوه باستثناء أخته التي كان لها بصيص أمل أن كل شيء ممكن فحاولت جادة إقناع العائلة فأصبحت كل العائلة على رأي البنت ، بعدها تنقل شقيق الهواري إلى مقر أمن ولاية تيسمسيلت ليعلمه بالخبر غير أنهم أكدوا له هناك أن البصمات و المحاضر تؤكد أن القتيل هو شقيقه ... ورغم ذلك فإن هذا لم يثن من عزيمة العائلة التي تنقلت إلى سجن سركاجي وهناك كانت الفرحة التي امتزجت بالدموع حين التقوا ابنهم ليتأكد بعدها الخبر.